كنا نفر كريم كعادة اهل السودان الطيبين نتسامر و نحكى و ندردش فى المواضيع العامة ودلفنا الى حديث الساعة فى الاوضاع الاقتصادية المتردية و التى لا يخلو مجلس من المجالس إلا وكان الاقتصاد ثالثها ومحورها و هو موقف ثابت مؤثر للغاية فى حياة الناس صغيرهم و كبيرهم لذلك كان الاهتمام لدى عامة الناس بالحديث فى هذا المجال !! كان العبد الضعيف يحكى للحضور عن اهمية العملات فى حياة الشعوب و العملات هى النقود سوى كانت و رقية او معدنية فلا غنى عن سبر إغوارها و إستيضاح غوامضها و إزاحة الستار عن أسرارها فهل تتقدم الامم او تتخلف لعلة غير علة المال ؟!!!! و هل تندلع الحروب.. و تلتهب الثورات …إلا ليثرى قوم و يفتقر أقوام !!! وهل شقى أناس أو سعدوا بمنأى عن النقود ؟!!! إن الامة إن هى وعت ما للمال من أثر عميق على ابنائها و على مكانتها بين الامم فقد أصابت الهدف ، و إن هى أحسنت إستغلال مواردها فقد أفلحت ، و إن هى إستهانت وتجاهلت و أهملت ما لديها من موارد ومافى يدها من خيرات فليس لها سوى هم الدين وخذلان المسعى..! فكلمة عملة مصدرها التعامل او المعاملة وهى تعنى النقود وهى وظيفتها الاساسية مقياس للقيمة وكوسيط للتبادل وكوسيلة أيضا لحيازة الثروة فعملة الدولة هى رمز من رموز السيادة كالشعار او العلم أو الحدود فالدولة التى لا تحترم عملتها لا تحترم سيادتها ولا تحترم نفسها فواجب الدولة الاعتزاز بعملتها و فرض التعامل و القبول داخل حدودها الجغرافية فالجنيه السودانى يمثل رمز من رموز سيادتنا وهى عملة التداول الرسمية فى حدودنا السياسية و السيادية !!! أثناء حديثى فى هذا الموضوع بين الاخوة الاعزاء كان من ضمن الحضور الدكتور البدرى محمود الشاذلى الاستاذ بجامعة الخرطوم كلية الزراعة ، إنتفض دكتور البدرى وبدأ يحدثنا عن تجربته عندما ذهب لجمهورية الصين الشعبية لنيل درجة الدكتوراة من جامعة يانجو وقد بدأ عليه الاندهاش و الاستغراب ليؤكد صدق حديثى – و إستطرد قائلا ذهبت الى الجامعة لدفع رسوم الدراسة و عندما وقفت أمام شباك السيدة امينة الصندوق المخول لها إستلام المصاريف الدراسية قمت بأخرج الدولار الامريكى من محفظتى ومددتها إليها … !!1 فكانت الدهشة و المفاجأة الغير متوقعة واعتزرت لى بكل أدب و إحترام !!! أنا لا إستلم الدولار الامريكى … أنا أستلم اليوان الصينى !!!ونصحتنى بالذهاب للبنك فهو جهة الاختصاص فى إستلام العملات الاجنبية !!!حاولت معها مرة آخرى بأن الوقت قد تأخر وربما لا أجد مصرفا يعمل بعد هذا الوقت المتأخر !!وقد أصرت السيده بأن هناك بنوك تعمل لوقت متأخر و لابد أن أذهب لتغيير العملة بالبنك و قد أوضحت لى بأن النظام الذى تعمل عليه لا مجال لقبول أى عملة سوى اليوان !!!!(تقول لى وزير مالية الثورة كان يعمل بالبنك الدولى !!!!) شوفوا الناس البتعرف تحترم عملتها يا للعجب و يالحسرة الثوار )..!!! لقد تأكد للاخوة الحضور بأن ما كنت أرمى إليه هو عين الحقيقة وهو المثال الامثل لاحترام الدول لسيادة عملتها !!!! عندنا نحن هنا فى السودان جامعات كثيرة يتملكها رموز النظام السابق لقد فصلوا القوانين الاقتصادية بالمقاس لمصالحهم الشخصية حيث تستلم الجامعات السودانية من الطلبة الاجانب و أبناء المغتربين الرسوم الدراسية بالعملات الاجنبية !!!! ماذا تفعل الجامعات بالعملات الاجنبية ؟؟؟!!! سؤال موجه لوزير مالية الثورة و محافظ البنك المركزى ووزارة التعليم العالى !!! نحن لدينا بنوك حكومية وبنك مركزى يلهث وراء إستقرارسعر صرف قيمة الجنيه السودانى !!! و يلهث للبحث وراء العملات الاجنبية والتى تمر من خلال اصابعه الى السوق الموازى وتصب لمصلحة الافراد المتعاملين فى تجارة العملات!!! نحن لدينا جامعات تنتهك سيادة الدولة السودانية فى عملتها ، وتقوم بالبحث عن تجار العملات ومن يدفع أكثر !!! كيف يستقيم الحال و كيف يستقر الاقتصاد السودانى و كيف تستقر العملة وهناك جهات رسمية تعمل فى الاتجار بالعملات وترفد السوق الموازى !!! ومثال على ذلك – جامعة الرازى يمتلكها السيد الدكتور غندور والدكتور مصطفى عثمان والدكتور احمد رزق وهو المدير التنفيذى للجامعة وذلك حسب إفادة احد العاملين بالجامعة و قد سبق ان ذهبت مع احد الاصدقاء النيجيريين وقد دفع رسوم 14 الف دولار امريكى نقدا لكريمتيه لكلية الطب و 2100دولار رسوم السكن لمدة سبعة اشهر بواقع الغرفة 300دولار وبها سريرين علما بأن الغرفة قيمة إيجارها الشهرى 400دولار ولكن قامت الادارة بالتخفيض لصديقى النيجيرى نسبة لقبول الشقيقتين !! جامعة إفريقيا العالمية بها كمية كبيرة من الطلبة الاجانب وكما تلاحظون كل مدراء الجامعة ينتمون على مر العصور و الازمان من صلب الجماعة إيهاهم الى أين تذهب تلك العملات الاجنبية ؟؟؟!!!! ولم إستوثق عن بقية الجامعات وملاكها ولكن فى تقديرى هم فى الغالب من الجماعة الذين كانوا سببا فى دمار السودان !!! تقوم الدولة بمطاردة البسطاء من أبناء الشعب السودانى بذريعة الاتجار بالعملات الاجنبية وتغفل أعينها عن الكبار فى الغرف المغلقة ، علما بأن الرقابة على النقد الاجنبى وتوفيره و السيطرة عليه من صميم عمل البنك المركزى ليس عن طريق الحلول الامنية ولكن بوضع الضوابط و النظم التى تحفظ للجنيه السودانى هيبته و إحترامه وتحفظ للعملات الاجنبية مكانتها وحصارها عبر القوانين المقيدة لحركتها و إغلاق المنافذ التى ترفد السوق الموازى بالعملات الاجنبية حتى يتم الانسياب نحو البنوك وتستطيع الدولة العمل على إستقرار سعر صرف الجنيه السودانى مقابل العملات الاجنبية ليستقيم الوضع و يستقر الاقتصاد.!!! فى تقديرى الشخصى تحتاج كثير من السياسات و القوانين الاقتصادية لمراجعات شاملة وتعديلات جذرية حتى تعود الامور الى وضعها الصحيح .!!