أصبحت متابعة الأوضاع السياسية في السودان، مجلبة لكل سوء و ضُر.. و بالتأكيد لا يُنصَح بتقفي أخبارها لمن به علٌة مهما صغرت.. فبلادنا للأسف قد فقدت العقل و المنطق و الآتجاه.. و أصبحت تتخبط كمن مسه الجن و العياذ بالله. و قبل أن ينفخ أي من سدنة النظام المباد اوداجه فرحآ بما آل إليه الحال بعد الثورة، فإن أي رزية إبتُلي بها السودان، فمن سوء عملهم و تدبيرهم، و نتاج فشلهم و إنحطاطهم في كل منحي و صوب.. فقد أقعدوا البلاد و دمروا حجرها و بشرها و لم يتركوا لنا إلا كائنات مشوهة تتسيد الموقف السياسي الآن. ففي ثلاثينهم المشؤومة، أعمَلُوا معاول نحسهم و حقدهم و فسادهم في كل مرفق.. فلم بتبقي من أساس الدولة ما يقيم أودها، أو يسمح لها بالبقاء و الإستمرار ناهيك عن التطور و النماء.. و كان كل ذلك الشر مقصودآ و مننهجآ، و ليس سوء إدارة فحسب.. إن الثورة المباركة مهرها الشباب الطاهر المؤمن بوطنه و حقه في العيش الكريم.. مهروها بدمائهم النقية، و دفعوا ثمنها أرواحا طاهرة إرتقت سلم المجد و هي تنشد الخير و الحرية و التغيير في لوحة باذخة الحواشي تمتلئ عزآ و فخرآ… و الملايين من عوام الناس و بسطائهم الذين خطوا بأجسادهم و صدورهم العارية سطرا في كتاب المجد سوف يذكره التاريخ. و لكن قبل أن تجف دماء الشهداء في الأرض الطاهرة، سارعت أفاعي الظلام التي تربت باللبن الحرام من ثدي الإنقاذ النجس، سارعت بتغيير جلدها و ركبت موجة الثورة المباركة في غفلة من الثوار الذين إستعجلوا النصر دون التبصر في العواقب.. و ها هي ذات الأفاعي التي أذاقت العباد الويل و الثبور، و أدخلت الناس القبور.. ها هي تجلس اليوم تبث سمومها و عفنها وحقدها تجاه الثورة و الثوار، فبينها و بينهم ثأر بطعم الدم و النار و السم. و كأن الأزمات " المفتعلة" في كل منحي من مناحي الحياة لا تكفي. و كأن الموت المجاني " الغبي" الذي إنطلق من عقاله يحصد الأرواح دون تمييز بسبب موجة الوباء الثانية لا يكفي.. إذ تقف الدولة تتفرج و الناس يتساقطون كالذباب او ما دون ذلك مقامآ.. فلا وزارة الصحة تصدر بيانا يطمئن أو يرشد و لا مجالس " السجم" بكل مسمياتها تتصدي للمشهد، و المأساة تتري و تتمدد، و الناس كأنهم في يوم الحشر العظيم.. فما من بيت إلا و فيه ميت بالكورونا و ما من أسرة إلا و قد وارت حبيبآ الثري بعد أن ذاق مرارة الوجع و إنعدام الرعاية الطبية، و كأنه قد صدر أمرآ بإعدام جماعي لكل الشعب عقابآ له علي ثورته !!. فأي جنون و حماقة و خور هذا الذي نعيشه و تعيشه بلادنا ؟؟! أقول، كأن كل هذا " الوسخ" و الإخفاق لا يكفي، إذ يطلع علينا الناعي " بفرمان" تعيين ما يسمي بمجلس شركاء الفترة الإنتقالية !!. أي شركاء و أي انتقاليه؟.. الناس تموت من الجوع و المرض و إنعدام الأمن و إنسداد الأفق.. و الظلام و الإحباط يتسيد الموقف، و الدولة علي شفا جرف هاو، و " قيادة" الدولة تنشئ مجلسآ آخرآ، هكذا يبدو لها الحل.. مجلس لم يتوافق عليه أحد و لم يرد في الوثيقة الدستورية " المعيبة".. مجلس جله من النطيحة، و المتردية و ما " عافها " السبع أن يأكل منها.. و كل يعلم موقعه و صغته !! تم شرائهم بثمن بخس، لقب فارغ، و ربما كسب مادي متهافت و وضيع..و منهم من صدع رؤوسنا بدروس عن الوطنية و التضحية و فداء الوطن، أي بؤس هذا؟. إن تكوين هذا المجلس مجرد إلتفاف علي الوثيقة الدستورية علي ما فيها من قصور و عوار، و ستكون له تداعيات خطيرة اذا أصبح أمرآ واقعآ.. و علي كل القوي التي "ما زالت" حية التصدي لهذا التآمر الخطير علي الثورة.. علي الأقل وفاءآ لدماء الشهداء.. أتمني ألا تتقاصر همم الرجال عن التصدي لهذا المسمار الأخير في نعش الثورة المجيدة. و إلا فالتستعد الجموع لركوب الصعاب نحو المنافي، فإذا عادت " الأفاعي" فإن الوطن لن يسع الجميع.