نور الدين بريمة تعالت أصوات بني وطني، طالبة المجد والخلود لشهداء الحق والكرامة، راجية لهم أن ترتقي أرواحهم في عليائها، وإلى جنات الخلد راضية، وإلى ربها مسافرة، ربها الذي يحي ويميت، ويمهل عباده ولا يهملهم، كما نرجو عاجل الشفاء للجرحى والمصابين، وهم دومًا عن وطنهم قائمون زادون، وتمنياتنا القلبية لمفقودينا عودًا حميدًا لهم، وهم لا محالة عائدون. سطرت جماهير بلادنا بالأمس، ثائراته وثواره، شيبه، وشبابه، سطروا مأثرًا جديدًا، من مآثر البطولة والشجاعة والنضال، وأكدت عزيمتها وقدرتها على إستكمال المسيرة، للوصول بها إلى مبتغى السلطة المدنية الكاملة الغير منقوصة، لنبني معًا سودان الحرية والسلام والعدالة، الذي ظلت حناجرنا، تصدح به منذ بزوغ فجر ثورتنا المجيدة. لبت بالأمس جموعٌ من شعب بلادي الغفيرة، نداءًا للحق والوطن، وهي في الذكرى الثانية لفض إعتصام القيادة السلمي، الذي تم في (29) رمضان 2019م، تقاطرت تلك الحشود، تخليدًا للذكرى، وتعزيزًا للقيم النبيلة، بيد أنها لاقت ما لاقت، من ويلات العذاب، وبدلًا من حمايتها فها هي تواجه بوابل من الرصاص الحي، تفقد خلاله إثنين من الشهداء الأبرار، وأكثر من ثلاثين جريحًا، بعضهم جراحه خطرة، غدرت بهم آلة اللجنة العسكرية، على الرغم من إنكارها ونفيها في بيانها الفطير، وهي تمارس أعلى تجليات العنف والسطوة العسكرية. نرفع أكفنا تضرعًا لله رب العالمين، أن يتقبل كل شهداء بلادي الأحرار، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يمنح جرحانا عاجل الشفاء، ونجدد مرة أخرى مطالبنا بأقوى وأشد عبارات المطالبة، بضرورة تحقيق السلطة المدنية، بعد إزاحة اللجنة العسكرية عن رأسها، والسعي بجدّ وإجتهاد في محاسبتها لما إرتكبت من جرائم، أقلها فض إعتصام القيادة، بإعتباره شرطًا أساسيًا لتحقيق دولة العدالة والسلام والحرية. والمستقرئ لأحداث حراك (29) رمضان، ورغم مشروعية مطالبه، إلا أنه يلحظ أن اللجنة العسكرية مارست في فضها للإعتصام، أقسى أنواع اللؤم والعنف والصلف، ولم تعي دروسًا سابقة، ويح أنها لم تتذكر مجازرها التي إرتكبتها في: دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان، وغيرها من مدن بلادي، التي عانت من جبروت الظالمين، وما يستغرب له حقًا، كل صاحب ضمير حي، أن عسكر بلادي كأنما تربيتهم العسكرية، لتجريب أسلحتهم وسطوتهم على شعب بلادي، بدلًا عن الأعداء، وظلوا يحاربون أبناء وطني، وينالون النياشين والأنواط عبر دمائه، منذ خروج المغتصب الإنجليزي من بلادي. كيف لا وأن اللجنة العسكرية وزبانيتها، جميعهم يعلمون علم اليقين، أن الثورة الشعبية الحقة، تمثل لهم فصلًا من فصول الحساب، لما إرتكبوه من جرائم إنسانية، يندى لها جبين الإنسانية ذاتها، وهم في إنتظار الحساب لما مارسوه من فسادٍ مالي وإداري وأخلاقي، طيلة حمايتهم ورعايتهم، لحكم الإسلامويين ودولتهم الكيزانية، وعليهم أن يعوا بأن إرادة الشعوب لا يقهرها إلا قاهر الشعوب، وإن طال السفر.. وقلّ الزاد، وما سيرة البشير- سيّد الفاشلين الفاسدين- ورهطه ببعيدة عنّا. فإن دولة اللجنة العسكرية، إمتلأت جورًا وظلمًا وبهتانًا، وإرتوى قاموسها بقيم: الدناءة، والغدر والخسّة، حيث إنها قامت بمهاجمة الثوار السلميين، وهم في إعتصامهم الرمضاني قائمون، صائمون، فواجهتهم: بالرصاص الحي، والقنابل الصوتية، والغاز المسيل للدموع، وكأنما أرادوا القول: إننا في الحكم باقون، وللفض فاعلون، وللمجازر مرتكبون، فماذا أنتم فاعلون؟، فليلة اليوم أشبه بليلة البارحة، فعشرات الشهداء والضحايا ظللنا نفقدهم، منذ بزوغ فجر ثورتنا في إزاحة كابوس الإسلامويين، الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء الأتقياء الأنقياء. والمتتبع منذ الوهلة الأولى، لسلوك اللجنة العسكرية الأمنية الإخوانية، يستقرئ إشارات واضحة، تعزز مواقفنا السابقة، ومخاوفنا تجاهها، وهي تقف ضد الثائرات والثوار، وضد الثورة بكل ما تحمل، من معاني وإستحقاقات ممهورة بدماء الشهداء، وتضحيات الجرحى والمصابين والمفقودين الغالية، فمنذ الإطاحة بالبشير توهطت في كرسيه وسارت على منهاجه في القمع والقتل، والجري خلف جنازة القتيل، ثم إنها منذ الوهلة الأولى ظلت تصنع العراقيل وتقف حجر عثرة في المحاسبة وإحقاق الحق، وإكمال مؤسسات الدولة المدنية. وبالطبع إنها أيام عصيبة للمظلومين والمقهورين، لا تنفع فيها الإستكانة ولا الإستهانة، وعليه لابد من المثابرة وتكاتف الجهود والدعم الغير منقوص، والوقوف التام مع مطالب الثوار، ومنظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر، وإتهامها المباشر لكل عضوية المجلس العسكري الإنقلابي، بإرتكاب جرائم فض إعتصامات: القيادة العامة، والولايات، كما نرفع مطالبنا بتحقيق العدالة، ومحاسبة كل من إرتكب جرمًا في حق الوطن. ونؤكد وندعم بكل ما نملك، إنخراط وإصطفاف جموع شعبنا في الحراك المعلن، وندين بأشد العبارات وأغلظها ذلك الهجوم الخسيس، والعنف المفرط، الذي مارسته السلطة في وجه التجمع السلمي المشروع: قانونًا ودستورًا، ونعتبره جريمة أخرى، تضاف إلى سجل جرائمهم السلطوية المخزية، ونؤكد أن شعبنا العظيم قادر بإرادته وأدواته السلمية، على رد كيد الضآلين الكائدين، وإستعادة الوطن إلى حضن القيم النبيلة.