من الخاسر ومن الكاسب.. دولتا المصب أم إثيوبيا ؟ خبير في الشؤون الإفريقية: السودان ومصر حققا جزءاً مما كانا يريدانه من الجلسة الخارجية الإثيوبية: القرار يعد انتصاراً دبلوماسياً كبيراً لنا الخرطوم: علاء الدين محمد عاد مجلس الأمن الدولي الكرة في ملعب الاتحاد الافريقي فيما يتعلق بملف سد النهضة ، في إشارة واضحة بأنه ليس معني بالخلافات بين الدول الأطراف ، وأن طاولة التفاوض هو الطريق الوحيد المتفق عليه ومقبول دوليا ، فيما اتفق المراقبين على أن القرار منح أديس أبابا الضوء الأخضر للاستمرار في ملء السد، وخلصت مخرجات طاولة مجلس الامن الدولي بشأن سد النهضة نهاية الاسبوع الماضي بإعادة الملف الى الاتحاد الافريقي دون تحديد سقف زمني، وهو الأمر الذي أعتبره المراقبين مكسبا دبلوماسيا لاثيوبيا على حساب مصر والسودان. وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية الجمعة إن دعم مجلس الأمن للوساطة الأفريقية في حل أزمة سد النهضة يعزز المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي وأكد المتحدث باسم الوزارة دينا مفتي، في مؤتمر صحافي بالعاصمة أديس أبابا، أن موقف مجلس الأمن الداعم لهذه الوساطة لحل الخلاف مع مصر والسودان يعد "انتصارا دبلوماسيا كبيرا للبلاد"، فيما يرى طرف آخر القرار حقق هدفا سياسيا للبلدين في مرمى إثيوبيا ويرى مراقبون أن مصر والسودان ظلا يكرران نفس الاخطاء بالقاء اللوم على إثيوبيا فقط على مدار عشر سنوات، ويلجأون للخطاب العاطفي دون التركيز خطورة الأزمة. ويقول الدبلوماسي المتقاعد الزاكي عثمان أنه سبق للمجلس أن عقد جلسة مماثلة العام الماضي وكانت نتيجتها مخيبة للآمال أيضا، وأضاف " تكاد تكون حصيلة الجلسة الثانية شبيهة بالأولى، من حيث دفع الدول الثلاث إلى التوافق والتفاهم بلا سقف زمني وتقديم تنازلات متبادلة وتجنب التصرفات الأحادية، قبل ان يعيد الكرة مرة اخرى إلى ملعب الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي يعزز مكسب إثيوبيا من الجلسة التي تحفظت عليها وتمسكت ببقاء الملف في عهدة الاتحاد، وشدد الزاكي على الحرص بطاولة التفاوض وعدم التفكير في خيارات أخرى ، وقال: "لا سبيل سوى المفاوضات أو القيام بعمل عسكري تتحمل عواقبه مصر بمفردها، لأن السودان يدعم خيار التفاوض ولم يلوّح قط باستخدام القوة". ويمضي الزاكي بقوله: "عزز ارتباك موقفي السودان ومصر الموقف الإثيوبي الذي تمسك وهو واثق كل الثقة أمام مجلس الأمن برفض كافة المطالب التي تشتكي منها القاهرةوالخرطوم، ووبالتالي حصلت على الضوء الأخضر في الاستمرار في الملء الثاني الذي يكرس الأمر الواقع، وأضاف " تمثل هذه المسألة مكسبا حيويا من زاويتي تنفيذ إرادة إثيوبيا في عملية الملء والتشغيل، واستكمال المفاوضات من النقطة الراهنة التي فرضتها من البداية". ويتفق أكثر من مراقب على أن أية مخالفة من دولتي المصب يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، وتقول المحلل السياسي والباحثة في العلاقات الدولية د.رجاء محمد سعيد أن مجلس الأمن لا يمكنه ترك الباب موارباً لأي خيار غير التفاوض ، واضافت: " اعادة الملف الى طاولة الاتحاد الافريقي سيكون أكثر تعقيداً بيد أنه لن يخرج عن إطار المفاوضات " وتابعت " مجلس الأمن قد يكون واثقاً من عدم اقبال الاطراف الاخرى لخطوات اخرى مهددة لأمن المنطقة ولهذا لم يكترث كثيرا بعبارات التهديد التي تخرج من وقت الى اخر من المصريين والسودانيين الامر الذي دفعه لاختيار طاولة التفاوض لانهاء الأزمة ". الخبير في الشؤون الأفريقية أيمن السيد عبدالوهاب ، يتفق مع الفريق الذي يرى في قرار مجلس الأمن في مصلحة دولتي المصب وقال إن السودان ومصر حققا جزءا مما كانا يريدانه من الجلسة، باطلاعهم الرأي العام الدولي على طبيعة الممارسات الإثيوبية المتعنتة، وحرصها على التواصل مع المؤسسات الدولية، وأكد عبدالوهاب أنه ما دام لا يوجد ضغط دولي قوي على إثيوبيا يرغمها على تحرير المفاوضات من الجمود فإن القاهرة لن تكون لديها خيارات سوى التحرك بطريقة خشنة لتغيير المعادلة الراهنة، وسوف تظل أزمة سد النهضة أسيرة قدرات مصر في تكفيك التحالفات الخارجية وتأكيد قدرتها على هز مصالح هذه الدول في المنطقة، وأوضح أن دولتي المصب ليست لديهما بدائل سوى الربط بين الوصول إلى اتفاق مُلزم أو تهديد الأمن في المنطقة، وهناك مجالات يمكن أن تتحرك فيها للضغط على القوى الداعمة لإثيوبيا، لأن الدخول في مباحثات جديدة وإن جرى التوافق عليها بين الدول الثلاث لن يُغير من الواقع شيئا، فإثيوبيا ستكون حريصة على استمرار المباحثات أطول فترة ممكنة دون التوصل إلى حلّ مُرْضٍ بالنسبة إلى مصر والسودان. وذكرت مصادر مصرية أنه لا سبيل سوى العودة إلى طاولة المفاوضات، أو القيام بعمل عسكري منفرد تتحمل عواقبه مصر بمفردها، لأن السودان يدعم خيار التفاوض ولم يلوّح قط بحل الأزمة من خلال عمل عسكري، وأضافت المصادر ان المشكلة تكمن في أن هذا السيناريو لن تذهب إليه القاهرة مباشرة وتتحمل عواقبه وحدها، ويمكن أن يخسر السودان الذي بذل جهدا كبيرا لتطوير التعاون والتنسيق معه وطي الصفحة القاتمة السابقة.