قال عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، المهندس عادل خلف الله، إنه لتحريرابد من تحويل فكرة حشد الموارد لخطة واقعية عملية يمكن تنفيذها على المدى القصير، وتصبح الدولة عبر مؤسساتها وعبر شركات مساهمة عامة؛ هي المسؤولة عن توفير السلع الأساسية، وفي مقدمتها القمح والمحروقات بأنواعها المختلفة والدواء، وشدد خلف الله في هذا الحوار مع (مداميك)، على أن هذه ليست مهمة تتخلى الدولة عنها كرها أو طوعا، وتتركها لأفراد وقطاع خاص، وأضاف: (هذه إحدى مسؤولياتها ووظيفتها الاجتماعية وهو ما سيوفر للبلاد أموال طائلة ويحافظ على استقرار السلع ويجعل الدولة بدلا عن الافراد، هي التي تستفيد من الميزات التنافسية): ما هي توقعاتكم لحجم التضخم في شهر يوليو الجاري، هل من المتوقع أن ينخفض أم يرتفع؟ نسب التضخم في ازدياد مستمر، ولا أتوقع حدوث انخفاض على الأقل هذا الشهر لان هناك الكثير من العوامل التي تتسبب في زيادة نسب التضخم لم تتم معالجتها بعد. هل ذلك يعني أن مؤشر بروف هانك الذي أوضح انخفاض مؤشر التضخم في السودان من 363.14% في أبريل الماضي إلى 221% في يونيو المنصرم، غير صحيح؟ نعم غير صحيح، التضخم لم ينخفض، وبيانات المركز القومي للإحصاء تؤكد ذلك، ولا يمكن استخدام هذه الطريقة لحساب التنبؤ بالمستقبل. ألا يقلل استقرار سعر الصرف نسب التضخم؟ مثل الموقف السياسي، التضخم لا يحدده عامل واحد، التضخم كمؤشر للاستقرار في الأسعار تؤثر فيه عدة عوامل، استقرار سعر الصرف واحد منها. وهناك عوامل أخرى لها تأثير كبير منها زيادة الأسعار التي أتت نتيجة للتحرير الذي تم للمحروقات، والتي أعقبتها زيادة في التكاليف وبالتالي زيادة في الأسعار على اعتبار أن المحروقات تشكل العمود الفقري لهيكل الأسعار علاوة على تأثيرها في حجم النقد. ففي بلد مترامي الأطراف مثل السودان ترحيل سلعة "بالديزل" المرتفع، وغير المستقر سعره من بورتسودان إلى الخرطوم مثلا فطيلة هذه الرحلة حتى إذا كان سعر الصرف ثابت يدخل عامل زيادة التكاليف الذي يؤثر في الأسعار، وكذلك عامل الندرة يؤدي بدوره إلى زيادة الأسعار، وكذلك الاحتكار والمضاربات ، وبالتالي زيادة نسبة التضخم. وهناك عامل مهم جداً وأساسي وهو سلطة البنك المركزي التي من المفترض أن تسيطر وتتحكم في التضخم من خلال التحكم في حجم الكتلة النقدية المتداولة، لتتم بالتالي السيطرة على التضخم، لان من أهم عوامل زيادة التضخم عدم ولاية البنك المركزي على النقد الأجنبي وعلى العملة الوطنية. وهناك عدة عوامل جردت البنك المركزي من القدرة على القيام بمهامه أولها، وحسب بياناته الدورية، أن هناك ما بين 90% إلى 95% من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي، بالتالي هي خارج سيطرة البنك المركزي وهذه الكتلة تعد عاملا فعالا في زيادة التضخم لأنها تقوم بعمل المضاربات والاحتكار وخلق الندرة وفي ذات الوقت تتحكم في العرض والطلب، إضافة الى توظيفها في الاتجار في النقد الأجنبي. بمعنى آخر هي التي تقوم بدور البنك المركزي ولم تترك للبنك المركزي سوى 10%، يعني "شمار في مرقة". إذاً ما هي المعالجات للسيطرة على التضخم؟ علاج التضخم ليس إداري بل هي مجموعة إجراءات اقتصادية وسياسية وهيكلية واجتماعية، من ضمنها كيفية إرجاع هذه الكتلة النقدية إلى الجهاز المصرفي. ولا يمكن يتم تجاهل أهمية استصدار عملة جديدة إلى ما لا نهاية لان هذه واحدة من الأدوات الفعالة للسيطرة على التضخم، سوف تكون بالنسبة إليه مثل الرسن تجره فينخفض وهي التي سترجع للبنك المركزي سلطته. فضلاً عن أن هذه الكتلة طالما هي خارج الجهاز المصرفي فإنها تقوم بعمل اقتصاد الظل، ولكن عندما يتم استصدار عملة جديدة، تجد نفسها مجبرة أن تعمل في الاقتصاد الحقيقي. وخطة استصدار العملة الجديدة التي قدمتها قوى الحرية والتغيير هي فعلا الحل. لأنها طُرحت بطريقة لا تؤدي إلى زيادة الطلب علي النقد الأجنبي، ولا تؤدي إلى اهتزاز الثقة في الجهاز المصرفي، وفي نفس الوقت لا تشيع حالة ذعر في أوساط الرأسماليين بان الحكومة تسعى لأخذ أموالهم وتجميدها والسيطرة عليها. ولماذا ترفض الحكومة هذا الحل؟ من حيث الأهداف نحن غير مختلفين، لكن كيف نصل للهدف، ومن هي القوى الاجتماعية التي يقع عليها العبء، هذه هي نقطة الخلاف الجوهرية بيننا. رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هدف لسنا مختلفين في اهميته والغاء الديون واستقرار سعر الصرف، ثلاثة تحديات في مؤشرات الموازنة العامة لا يوجد خلاف حولها، لكن نصلها كيف هذا هو الخلاف بيننا وبين السياسات الحكومية. والتحدي الكبير هو استقرار سعر الصرف، الحكومة ذهبت في الطريق السهل والمطروق التقليدي الذي لا يدخلها في مواجهة مع القوى التي من المفترض أن تتحمل أعباء الإصلاح. القوى الاجتماعية الرأسمالية التي أثرت خلال 30 عام وكونت امتيازات وخربت أو ساهمت في التخريب او استفادت منه، يجب أن تتحمل أعباء الإصلاح او تحميلها جزء منه، ومن ضمن ذلك ما يتعلق باستصدار عملة جديدة واعادة هندسة النظام الضريبي ليشمل الضرائب التصاعديه والنوعية، وهي معمول بها في كل الدولة الراسمالية، اضافة الى اعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة وضريبة شركات الاتصالات. وكيف يتم ذلك من وجهة نظركم؟ أولاً يجب أن نوضح أن الجهاز الحكومي الرافض لاستصدار عملة جديدة يتحدث عن أنها عملية مكلفة للدولة، ولكن الحل الذي طرحناه هو عمل رسم استصدار بسيط جدا بنسبة 1% الى 2% يحول العملية بالعكس بدلاً من الصرف عليها، الى مورد للموازنة، الكتلة النقدية حوالي 50 بليون قطعة ورقية، من الرسم يتم تغطية نفقتها وقبل أن تكون عملية محاسبية هي ضرورة مزدوجه سياسية وطنية، واحدى مقومات الاصلاح. أسفل الكاونتر الذي يستلم ويعد النقود هناك مسؤولون من الضرائب والأمن الاقتصادي والمسجل التجاري، انت تأتي وتحضر أموالك مثلاً: (فلان الفلاني ما عندك سجل ضريبي تتربط عشان نقنن الكتلة النقدية بتاعتك، ما عندك اسم عمل ولا دافع ضرائب وده ما صاح لكن عموما اتفضل ده شيك ب 60% من قروشك تصرفه بعد شهر وعندك 40% كاش أخدها اتعامل بيها، والباقي يفضل عشان نعالج منه الضرائب، نطلع مثلا نسبة ضرائب 5% لكن بأثر رجعي لسبعة سنوات، يطلع مبلغ لا يُستهان به. فهذا الشخص كما يقول المثل "ما داقي فيها حجر دغش"، صاحب الدكان الصغير الفي الحي بيجوه ناس الضرائب والفوائد والمحليات وبيدفع سنويا ما عليه من ضرائب. وفي الوقت نفسه نكون قد حققنا العدالة وجزء من تطلعات الشعب. فالعدالة ليس أن نساوي الناس في الفقر أو في الإنفاق فحسب، بل العدالة أن تكون هناك مساواة في أداء الأعباء الوطنية أيضا . يتم وضع خطة لإرجاع الأموال تكون في فترة زمنية محددة يتم تحديدها لروؤس الأموال بحسب مستوياتها وبعدها تفقد الأموال التي لم يتم تغييرها قيمتها. وما أهمية مزادات النقد الاجنبي التي يطرحها البنك المركزي وما هو حجم تأثيرها؟ البنك المركزي عبر البنوك الحكومية وشبه الحكومية والتجارية يعرض لقوى السوق الحقيقية احتياجاتها من النقد الأجنبي، بدلاً من البحث عنها خارج إطاره وبالتأكيد للبنك المركزي شروط منها وضع حد ادنى وحد أعلى لقيمة النقد، وعدم إعطاء الفرد أكثر من فرصة واحدة، كما لأنه لابد ان يتم التقديم لدخول المزاد عن طريق بنك ولا يسمح أن يأتي الشخص عن طريق بنكين، اضافة إلى أهمية أن يكون للشخص سجل تجاري، والغرض توفير مدخلات الإنتاج والسلع الأساسية المزادات قللت الطلب على النقد الأجنبي في الخارج، وبالنتيجة تم الوصول حاليا لمرحلة ان سعر السوق الموازي أصبح اقل من السعر التأشيري احيانا، وتناقصت الفجوة بين السعرين. ولكن المؤسف أن هذا في سعر الشراء فقط لان الجهاز المصرفي لا يبيع فأصبح البيع أعلى من سعر الشراء بفارق، لذلك قلنا مؤقتا ستبقى هذه الصيغة فعالة باعتبار انه تم القفز فوق الحل الرئيسي. في ظل الاقتصاد الحر يفترض أن يحدث توازن بين العرض والطلب أي أن يكون التداول كاملاً يتم بين الطرفين هذه هي الحالة الصحية، لكن الآن يوجد خلل وعدم توازن لأن المواطن عندما يريد تبديل العملة المحلية إلى أجنبية لا يستطيع التبديل من خلال البنك لأن البنوك تفتقر للنقد الأجنبي، وذلك ما يجعل هناك فارق في السعر بين الشراء والبيع، لان الشراء يتم خارج النظام المصرفي. ما هي الحلول التي تطرحونها لإصلاح الاقتصاد بجانب استصدار عملة جديدة؟ هنالك الكثير من الحلول التي يجب ان تتبعها الدولة منها سياسة احلال الواردات. السوق مليء بالمنتجات المستوردة تصل إلى حد الثوم الصيني والنبق الإيراني والفواكه.. وكلها يمكن إنتاجها هنا. من الضروري تحريك الإنتاج وتوفير صادر وقيمة مضافة وذلك من خلال الإدخال التدريجي لسلع الصادر في سلاسل القيمة المضافة، والإيقاف تدريجيا من تصديرها خام، كذلك ضرورة الاهتمام في السياسات التمويلة للجهاز المصرفي، بالتمويل الأصغر وليس الأكبر من أحد الحلول لأن تمويل جهة واحدة تمويل أكبر من شانه أن يوفر تمويل 500 إلى 600 مشروع من المشاريع الصغيرة والمتناهية في الصغر للشباب، وذلك سيضاعف الإنتاج ويوفر نقد اجنبي للبلد ويفتح فرص للاستخدام واكتساب المهارات. أيضاً لابد من تحويل فكرة حشد الموارد لخطة واقعية عملية يمكن تنفيذها على المدى القصير، وتصبح الدولة عبر مؤسساتها وعبر شركات مساهمة عامة، هي المسؤولة عن توفير السلع الأساسية وفي مقدمتها القمح والمحروقات بأنواعها المختلفة والدواء وهذه ليست مهمة تتخلى الدولة عنها كرها أو طوعا وتتركها لأفراد وقطاع خاص، بل هذه إحدى مسؤولياتها ووظيفتها الاجتماعية وهو ما سيوفر للبلاد أموال طائلة ويحافظ على استقرار السلع، ويجعل الدولة بدلا عن الافراد أن تستفيد هي من الميزات التنافسية. فمثلا بحسب الاتفاق بين وزارة المالية والمحفظة في السلع الأساسية انه تتم محاسبتهم بسعر الصرف الحر في اليوم وبالسداد، في حين انهم يجلبون السلع من سوق الله اكبر وفيها ميزات تنافسية تصل ل 14 شهر، فلماذا نحرم الدولة من هذا وهذه سلع خاصة، مربوطة إما بالأمن الاقتصادي أو بالأمن الاجتماعي. هذا أيضاً من شأنه أن يقلل من الطلب على النقد الأجنبي ويؤدي إلى استقرار السلع واستقرار الأسعار. مداميك