الضباط الاحرار نعت يعكس حقيقة ما عاشه الشعب المصري وأجناده في حقب عديدة ، توالي حكم الغزاة الاجانب علي مصر حقبة بعد أخري الي أن وصلت ملكية الديار المصرية والشعب المصري الي اخر الفراعنة والملوك ، أخرهم فاروق ملك مصر الذي أطاحت به ثورة الضباط الاحرار في 23 يوليو 1952م. مجموعة الضباط الاحرار بقيادة محمد نجيب هم أول فلاح مصري يحكم مصر منذ بدء الخليقة ، هم ضباط أحرار لآن مصر بلادا وعبادا كانت تحت الملكية وأراضيها اقطاعيات زراعية وسكنية يكد ويكدح فيها الفلاح والعامل المصري لصالح فئة متنفذة جاءت من خارج حدود مصر. الديار السودانية حكمها سودانيون وفامت بها ممالك أنشأها سودانيون ، تعج كتب التأريخ بذكر الممالك السودانية وأمراء وحكام سودانيون في نبته ومروي وسوبا وسناروأم درمان والفاشر، لم تتعرض جغرافية السودان لاستغلال أو انسانه لاستعباد كما حدث في مصر بلادا وعبادا ، أن تتسمي فئة من ضباط الجيش السوداني بالضباط الاحرار كان تقليدا أعمي ومحاكاة صبيانية ، تغيير الحكم باسم الضباط الاحرار لم يؤد الي طرد أجانب بل هدف الي ممارسة الحكم تقليدا لتجربة مصر . هم نخبة من ضباط الجيش السوداني أغرتهم تجربة الضباط الاحرار في مصر لتغيير التوالي في الحكم ، كانت البندقية التي خبروها هي مرشدهم وأداتهم لحكم السودان بديلا عن صناديق الاقتراع ، تجربة الانتخابات والوصول الي الحكم عبرها كانت تجربة انسانية ومحطة أخيرة والية مثلي للشوري والديمقراطيةعبر تحقيق مشاركة الشعب ، رأت فيها نخبة الضباط طريقا بعيدا للوصول الي الحكم ان هم سلكوه ،يسد عليهم الجمع بين الوظيفة العسكرية وأجناد تحتهم وبين شوري وتبادل في الحكم مع شعب مدني ، نخبة الضباط حين تستولي علي الحكم لا تحول مفاصل الدولة الي عسكرية ، لا تجلب كل القوة العسكرية وتوزعها علي الخدمة المدنية ، تختار من بينها مجموعة تستولي علي الوظائف المفتاحية في الدولة . ازداد الوضع سوء في السودان حيث رفعت نخبة الضباط المصاحف فوق ظهور الدبابات وأضافت الي تلك الكذبة أخري ، الخدعة القديمة المتجددة للاستيلاء علي الحكم ، لثلاثين عاما توزعت حركة الاخوان علي مفاصل الدولة ، لم تسلم التراتيبية العسكرية أو التسلسل الهرمي للخدمة المدنية من التمكين وعبث الاخوان ، اعترف البشير بأن حركتهم تمسك بمفاصل الدولة تماما ، ثبت بالدليل القاطع أن الاخوان لم يتركوا وظيفة في الدولة السودانية وإلا حولوها من قطاع عام الي خادم خاص بأهل التنظيم. تجربة استيلاء نخبة ضباط القوات المسلحة علي الحكم ، كانت وبالا علي القوة العاملة في الجيش السوداني ، المعارضة من داخل الجيش يتم حسمها قتلا وبلا محاكم وحتي الجثث لا تحترم ويرمي بها حيثما كان بعيدا عن الاعين ، نخبة ضباط تنظيم الاخوان في عهد الانقاذ عمدوا الي الاغتناء من وجودهم في الحكم ، مسحوا المسغبة والفقر عن أهلهم ومعارفهم بتوزيع أراضي الدولة وعقاراتها ومنعوا بقية الشعب ممن لا صلة قرابه أو علاقة تنظيمية تجمعهم ، تحولت القوات المسلحة الي مركز تجنيد للموالين لنخبة الضباط في سدة الحكم ، ليس الهدف من التجنيد هو نوع من التبادل في الحكم بل الانصياع للأوامر التي تصدر من الجهات النافذة في الحكم ، يتحدد المدي الزمني للنافذ في كرسي المنصب علي درجة الطاعة والولاء ، من الجماعة من يصرخ عند استبداله بأخر في منصب استفاد واغتني منه. العودة للحكم المدني يحفظ أيضا حق العسكريين الذين يرون في أنفسهم الكفاءة ، تسمح القوانين لهم عند خلع البزة العسكرية بممارسة السياسة والتنافس علي قدم المساواة مع المواطنين الاخرين ، من تأتي به صناديق الاقتراع هو الذي يرتضيه الشعب حاكما ، في تلك الممارسة حفاظ علي قوة الجيش من القتل والابعاد لإبقاء النخبة فقط حاكما الي الابد وبلا سقف زمني ، يبقي الحكم المدني صمام أمام يحمي الخدمة العسكرية ويحقق تقدمها المدني عدة وعتادا ورجالا كما ينقل الخدمة المدنية الي مراتب عليا ، الهدف النهائي هو رفعة السودان وتحويله بإمكانياته الهائلةالي دولة يشار اليها بالبنان حكمنها أهلها علي مر العصور ولم تتعرض بلادا وعبادا الي حكم الخديوية والإقطاعيات.