القيمة التي اعطيت لحمدوك من قبل السودانيين الثوار طوال عامين كانت للدلالة الرمزية التي تمثلها في الدولة المدنية من واقع علو الجهاز التنفيذي في الدولة على المؤسسات الحزبية والمؤسسات العسكرية وقصاد ذلك قدمت الارواح والدماء والحريات . وهو رجل وان اختلفنا معه الان .. لكنه لم يشطط في القول على السودانيين ورجل له مقدرات حقيقية .. صحيح انه كان مكبلا بالساسة والعسكر ومحاط بنرجسية النخب ومتصيدي الفرص ومنهكا بادوار كارتيل النقود وطموحات الخارج الاقليمي المتماهية مع العسكر والجنجويد وادوارهم الاستخباراتية والخارج الدولي واستراتيجياته طويلة المدي. ولكنه طوال عامين لم يكن قريبا من الجماهير بما يكفي رغم انه اختار ان يكون ذلك في اطلالات نوعية ولم يرد على ما يبدو تقمص شخصية السياسي كثير التكلف امام الجماهير والذي اعتاد عليه السودانيين انه يدغدغ مشاعرهم وان كان الامر يتطلب الحكمة والحنكة والصمت والصبر لتحقيق نتائج اعماله والوصول لاهدافه . طوال فترة اعتقاله منذ 25 اكتوبر كان السودانيين الشرفاء قلقين عليه من خلال رمزيته ورفضه ان يكون جزء من انقلاب البرهان والجنجويد وحركات مسلحة هي ذاتها معزولة من الجماهير وقواتها اصبحت بين كماشة الجيش والجنجويد .. ونجحت خطط اعلام سيطر في زمن قطع الانترنت وتدجين القنوات المحلية وخطط استخباراتية اقليمية مررت عبر الاعلام الخليجي اسكاي نيوز والعربية والحدث والادوار الاستخباراتية المصرية في الاعلام العربي . نجحت هذه السيطرة الاعلامية في جعل حمدوك مطلب متوافق مع رغبات شعبية قبل يوم 13 نوفمبر حيث تحول الشارع بنبرة جديدة لخيارات فوق سقف مطلوبات الاستراتيحيات الاستخباراتية التي شكلت الحدث واستمرار جذوة شعبية غير مرغوبة للتقليد والمحاكاة لما يفعله السودانيين بعيدا عن الدورة الجهنمية للسيطرة على رغبات شعوب المنطقة واتجاهها نحو الانعتاق تجاه الحرية والعدالة والتداول السلمي للسلطة وهي تخرج من ربيعها العربي لاستهدافها وتفتتيت قواها وتقسيم حدود بلادها والتاسيس لتداول للسلطة بفهم جيوب المال الخليجي واذرعه الاستخباراتية التي ترعى بشكل مباشر من قبل امريكا وإسرائيل ورغبات الصين وروسيا وقدرات الشركات العالمية الطامعة في مقدرات البلدان العربية . ان حمدوك والبرهان وحميدتي قطع في لعبة شطرنج كبيرة وتحتهم طبقة من رجال الاعمال الاكاديميين والساسة الذين تم اعدادهم لتمرير هذه الاجندات وكان حمدوك على الدوام في حضن الخارجين عن منظومات يسارية ومرتمين في احضان اجندات خارجية يمكن ان يكون الوصف الدقيق لذلك انهم يعملون كمستقبلات الخلايا الحية في الجسم التي يتم من خلالها التغذية او نزع الفائدة من الخلية الحية . ان المحزن في امر حمدوك ..ان هنالك احجية غامضة لكنها متراصة اذا ما راينا التحركات الدولية التي وكانها كان تؤسس للحل بينما هي تؤسس لتشارك المكاسب في دولة سودانية تنهار تباعا مؤسسات قوتها الجيش والقوى السياسية والنخب وقدراتها الاقتصادية . ان القوى الإقليمية والدولية لاتريد ان تشهد اي عامل استقواء في الدولة السودانية حيث لم يعد واقفا بشموخ الا هذا الشعب الذي نفض خلال شهر كل احزانه والامه واحباطاته وكثير الدماء التي قدمها الشهداء والجرحى ليعود بفهم مختلف تماما تجاه مطالبه دولة مدنية بدون تدخل العسكر ولا دول المنطقة والخروج نحو الديمقراطية بقدرات ابنائه ورفض الابتزاز السياسي والعمالة والارتزاق وهو يعبر عن ذلك بسلمية لا تحب كل الاطراف التي تدعم الفترة الانتقالية او التي تحاول السيطرة عليها رؤيتها تنجح في اهدافها . ليس علينا غير الاستمرار فالحلول الناقصة لا تبني وطن .. والرجال البلهاء لا يديرون وطنا .. وان الشهداء بمثابة مشروع سباق تتابع وطني يفلح في جعل الاجيال التي تقدم تضحياتها جزء من تاريخ بلادهم ومنع العبث بهم للوصول لمكاسب سياسية او ذاتية او لصالح دول اقليمية . ان الطريق واحد وواضح تجاه دولة مدنية نجيد في التراص بدون اجندات لدعم ثورة بجيد الجميع التربص بها . الثورات لاتموت ولا تهزم ولا تتراجع المجد والخلود لشهدائنا الابرار .. فدمائكم هي التي اصبحت حبرا لاقلام من لم يكن معكم في مشاريعكم الباسلة التي تضع تاريخ جديد قادم باذن الله للدولة السودانية الحديثة . [email protected]