سايمون دينق سؤال جوهري..! من هو المستفيد من تهميش وتغييب دور اهم جهاز معني بتطبيق القانون وحفظ الأمن والنظام في البلاد مثل جهاز الشرطة!؟.. بمعنى آخر: ماهي الجهة التي اسندت مهام الشرطة ليقوم بها الجيش والآخير بالتأكيد ليس جهة الاختصاص؟ معلوم بالضرورة ان نسبة كبيرة من افراد بعض الوحدات النظامية الاخرى لا يحترمون الشرطة على الاطلاق، بل ينظرون الي رجل الشرطة بإعتباره اقل درجة منهم، وبالتالي يعاملونه بطريقة مهينة احيانا، والحق يقال: اكثر الناس انتهاكا للقانون هم افراد المؤسسات العسكرية بصفة عامة، ربما هذه واحدة من الاسباب التي جعلت رجل الشرطة (اضحوكة) في الشارع العام.. اذ يجد نفسه عاجزا تماما من القيام بابسط مهامه اليومية من حفظ للسلام والامن وتسيير المهام الموكلة له. دعونا نستدل بمثال بسيط. من الواقع الذي نشاهده يوميا.. يجد افراد شرطة المرور هنا في مدينة جوبا وعلى مدار الساعة .. صعوبة بالغة في التعامل مع سيارات يقودها عسكريين حتى وان كانت هذه السيارات تحمل لوحات مدنية .. فطالما من يقودها عسكري فهو يعتقد بانه محصن من المساءلة المرورية وفوق القانوت ومن حقه ان ينتهك جميع قوانين سلامة الطريق العام وعلى رجل شرطة ان يصمت والا.. سيكون مصيره الاذلال والاهانة امام الجميع في الطريق العام.. هذه العقلية البربرية شجعت بعض المواطنين ايضا بان يعطوا لانفسهم حصانات لا يمتلكونها ويكسروا القوانين بقوة عين محيرة في وضح النهار!. يمكنك ان تختبر صدق ما اقوله بنفسك عزيزي القارئ، فان كنت متواجدا في مدينة جوبا، فانا ادعوك بالذهاب عند الصباح الي تقاطع شارع (قودلي البوابة) جوار مستشفي (لو) حيث يعمل رجال شرطة المرور في الاوقات الصباحية.. قف وتأمل سير الحركة..! وسط تلك الفوضى المرورية!! ارجو ان تدقق جيدا في هوية السائقين او لوحات تلك السيارات التي تأخذ طريق اليسار ذهابا بدلا عن اليمين ثم عد الي نفس المكان في المساء عندما يتولى افراد الجيش عمل المرور .. لا شك من انك ستلاحظ ان الطريق صار اكثر تنظيما، والكل يمتثل للاوامر المرورية الصادرة من الجيش دون ادنى مخالفة تذكر.. باختصار شديد ستبهرك درجة الانضباط المروري والسلوكي لدى المارة وهذا أمر لم تشاهده في الصباح. الدليل الآخر على تغييب دور الشرطة هو ما يعرف بالمراكز الامنية وسط الاحياء الشعبية والتي يتكون جل افرادها من وحدات نظامية مختلطة .. هذه المراكز بالرغم من اهميتها ودورها الكبير في استتباب الامن ونجاحها الباهر في محاربة الجرائم المنظمة التي عانت منها المدينة لفترات.. الا ان بعض منها خلقت اشكاليات لا تمت الاعراف القانونية بصلة.. واكرر ان بعضها اعطت لنفسها صلاحيات الشرطة والنيابة والقاضي كلها وقد شكى منها المواطنين مرات ومرات ولا يوجد مجيب لصرخاتهم. اذكر في العام الماضي تشاجر شقيقي الاصغر مع شاب آخر في عمره، ذهب الشاب وفتح شكوى ضده في أحدى المراكز الامنية بالحي، والمحصلة كانت انه تم حبس المشكو ضده والشاكي معا داخل حراسة واحدة.. والشاب التعيس جريمته الوحيدة انه لم يدفع الرسوم المطلوبة للبلاغ.. مع العلم بان هذه الرسوم تفوق قيمتها عريضة وكيل النيابة عشرات المرات لدرجة يستحيل المقارنة بين الاثنين.. والاسوأ من ذلك..! كل متضرر على يد هؤلاء لا يستطيع القيام باي اجراءات قانونية لدى النيابة في مواجهتم لان النيابة لا تستطيع مساءلتهم .. فهم يتمتعون بحصانة لا احد يعرف مصدرها. خلاصة القول هو: طالما مؤسسة الشرطة اصبحت (نمر من ورق)، واوهن من خيط العنكبوت ولا تستطيع تنفيذ ابسط واجباتها العادية، فما هي الحكمة من بقائها وهي على هذا الحال…!؟. الحكومة امام خيارين لا ثالث لهما.. اما ان تقوم باجراء اصلاحات لمؤسسة الشرطة وتطلق يدها لتكون سلطتها فوق كل منتهك للقانون والنظام دون استثناء .. او ان يتم حلها نهائيا، فهي بهذه الوضعية عديمة الفائدة ألقاكم جوبا: صحيفة الموقف