وزير الخارجية يستقبل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان    "العدل والمساواة": عقوبات أميركا على جبريل خطوة تآمرية    رونالدو يتسلّم جائزة الحذاء الذهبي للدوري السعودي 2024-2025    وزير الداخلية يتفقد سجن سوبا ويقف على عمليات الصيانة و التأهيل بالسجن    صلاح يصنع إنجازين بضربة واحدة    الهلال يواجه سينغيدا التنزاني غدا في نهائي بطولة سيكافا    محمد صلاح يضرب شباك بيرنلى ويُحلق ب"ليفربول" على قمة البريميرليج    وزير الثقافة والإعلام والسياحة يلتقي سفير اليونسكو للسلام    قناة النيل الأزرق تستعد للنقل المباشر لفعاليات عودة مجلس السيادة وافتتاح مطار الخرطوم الدولي    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    عقوبات الولايات المتحدة على السودان تحوّلت إلى "سكترما"    تفكيك بيان أبوظبي المنسوب للرباعية !!    لامين يامال: هكذا سأحتفل إذا فزت بالكرة الذهبية    الحزب الجمهوري: بيان «الرباعية» يتسق مع ما ظللنا ننادي به    "الدعم السريع" تسحق متحرك للجيش غرب أم درمان    القوز ابوحمد يستعرض مسار الصعود للممتاز    رئيس المجلس الرئاسي يبحث مع المبعوث البريطاني الأوضاع في السودان    أرسنال يستعيد نغمة الفوز    المريخ يدشن تجاربه الإعدادية والكاف يؤجل مباراته الأفريقية    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    ترامب يلوح بفرض عقوبات كبيرة على روسيا    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل "بارا" وسط استقبالات حاشدة وغير مسبوقة وساخرون: (الدعامة والقحاتة الليلة ما بنوموا من الزعل)    أرميكا علي حافة الهاوية    الرئيس الرواندي يصل الدوحة    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحتفالات الجيش … وشظف العيش ..!!
نشر في الراكوبة يوم 16 - 08 - 2022

بينما ترفرف أعلام الوحدات العسكرية هذه الأيام احتفالاً وابتهاجاً بالعيد الثامن بعد الستين للقوات المسلحة، يواجه المواطن حياة بئيسة وشظف في العيش ورهق لا مثيل له في سبيل كسب الرزق، وفي نفس الوقت يزداد الجيش ثراءًا بامتلاكه لناصية التصنيعين الحربي والمدني، وريادته لتجارة اللحوم والسلع الاستراتيجية الأخرى وتصديرها عبر العملاق المسمى بمنظومة الصناعات الدفاعية، المنظومة غير الخاضعة لولاية وزارة المالية منذ سنوات حكم الدكتاتور المخلوع، ويفصل بين هذا العملاق الجبّار والجهات الرقابية والمحاسبية خط أحمر عريض وطويل، ويا ويل من يحاول الاقتراب منه أو تصويره، لقد جرّبت الوصول إلى تخومه لجنة إزالة التمكين من قبل، ولكن كانت تلك التجربة قاصمة لظهرها ورافعة للإنقلاب، هذا العملاق المدبج ظهره بالنياشين والأنواط أصبح بُعبعاً وكابُوساً مُرعباً ومُزعجاً لمرقد دواوين المحاسبة والمراجعة القانونية، لا أحد يجروء على المطالبة بوضعه تحت مجهر الفحص، وتقدر الأموال السائلة منها والثابتة والدائرة حول فلكه بمليارات الدولارات، ومحمد أحمد لا يجد الدواء والكساء والحساء، هكذا تدور عجلة أموال الدولة داخل المنظومة الاقتصادية الفارزة لعيشها، والمنفصلة عن الدورة المالية الحكومية المنظورة والمشاهدة لدى المحاسبين والمراجعين ووزراء المالية المتعاقبين، فبهذه الطريقة الغامضة التي ازدادت غموضاً بعد الإنقلاب تدار الشئون المالية والإدارية.
أصبح لدى الجيش أذرع جديدة لم تفقد حظها من الاستئثار بثروات البلاد القومية من ذهب وغيره، فقوات الدعم السريع الذراع الأطول للقوات المسلحة هي الأخرى نشطت في مجال التنقيب عن الذهب والمتاجرة فيه بالتصدير للدول العظمى، كذلك لم تخضع ميزانياتها للمراجعة والمحاسبة من الأجهزة الرقابية والمحاسبية وشُعب التدقيق، على الرغم من طفح كيل ثراءها عبر وسائل الاعلام الغربية وآخرها تقرير القناة الأمريكية، في بلاد السودان صار الحصول على الأموال واستخراج الثروات من باطن الأرض وتسويقها وبيعها رهين بأن يكون لك صلة قربى بأحدى الأذرع التابعة للجيش، وعندما استوعب أمراء الحرب حقيقة الأمر استعجلوا الدخول إلى الوليمة عبر بوابة جوبا، فالمتخصصون في جني الأموال الملوث دولارها بدماء الأبرياء المتساقطين في ميادين الحروب يعرفون من أين تؤكل الكتوف، والآن وبعد تعقيد المشهد السياسي سوف تشاهدون المزيد من الجيوش الصديقة للقوات المسلحة، الحافرة للأرض والمنقبة عن المعدن الأصفر الوهّاج الذي جعل القلوب تذهب والعقول تذهل، فالبلاد مقبلة على كرنفالات وأعلام مرفوعة وأموال مدفوعة ومواطنين يزدادون فقراً على فقر، طالما أن حماة الوطن يكتنزون المال والذهب والفضة والخيل المسومة والقناطير المقنطرة من اللحوم المسلوخة، بينما تفور وتمور إمعاء محمد أحمد وتتضور جوعاً واشتهاءً للحم طير بلاده الشهي.
لا أحد يحزن في يوم احتفال بلاده بمولد جيشها الأسمر قاهر الجيوش وحامي حمى الأوطان، ولن تجد مواطناً سودانياً واحداً قد رمى بطوبة قواته المسلحة على الأرض إلّا بعد أن خذلته وهو يحتمي بها أمام بوابتها التي كانت مشرعة للضعيف والمسكين والمقهور، والسودانيون كعادتهم منذ عصور بعانخي وتراهقا وعجبنا وتيراب يعشقون الجندية، ويهرولون نحو حمل السلاح من أجل رفع الظلم عن ظهر المستعبد وتحريره، لكن الآن يمر مفهوم الجندية بامتحان عسير خاصة وأن مساحات ومسافات الثقة بين الجندي والمواطن أخذت في التباعد، ولن يُجسّر هذا الفارق الكبير إلّا تحقيق مبدأ بسيط جداً غير صعيب المفهوم، وهو أن يترك الجندي مهنة التجارة، وقتها سيتحقق قول الشاعر والمغني الوطني (رجال الجيش يا سعاد حفظوا حدود البلاد)، فعندما يمتهن كبار القادة العسكريين مهنة التداول السلعي يتحولون إلى أرواح شريرة جشعة لا تعرف حفظاً لحدود الوطن، فلو أراد القائد العام للقوات المسلحة احتفالاً يليق به وبجيشه العرمرم ما عليه إلّا الخروج النهائي من حلبة المصارعة السياسية والتجارية، وإعطاء الخبز لبخبّازه، بغير ذلك ستتواصل حلقات مسلسل (السيف عند جبانه والمال عند بخيله)، هذه المعادلة المعكوسة التي يصر قادة الأجهزة العسكرية والأمنية على امتطاء سنام بعيرها، فمتى يشهد محمد أحمد احتفالاً مهيباً لهذه المؤسسة التي يجب أن تكون مهابة؟.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.