أدلة جديدة بشأن تورط الإمارات في تجنيد مرتزقة لقتال السودانيين    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    مصطفى عثمان يفسر لماذا وصل السودان إلى ما هو عليه    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    إعلان نسب القبول لمؤسسات التعليم العالي الدفعة المؤجلة للعام 2023    منطقة الخليج.. والحرب المقبلة    إصابة مدرب سان جيرمان بكسر في عظمة الترقوة    مبابي بعد معادلته هنري: لا أفكّر بتحطيم الرقم القياسي لأهداف جيرو مع فرنسا    شاهد بالفيديو.. فنان الطمبور "الفارس" صاحب المقطع الشهير يشعل حفل غنائي بالشمالية وأحد المعجبين يتفاعل ويدخل في حالة هستيرية ويدفن رأسه ب(التراب)    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    الزارعنا غير الله    "صمود" ترحب بتقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان    السنغال تهزم السودان بثنائيه    تصريحات المدير الفني الغاني كواسي أبياه بعد مباراة السنغال    حلبي يجدد الولاء للإمتداد كوستي    قرار مثير لسلفاكير في جنوب السودان    حمّور زيادة يكتب: مصلحة الأعداء الانفصاليين في السودان    الإمارات تتوقف عن استيراد النفط السوداني    المنتخب السوداني يخسر أمام مستضيفه السنغالي بهدفين دون مقابل    اردول: توضيح للرأي العام بشأن شركة ديب متالز للتعدين    شاهد.. كروان الطمبور يبعث برسالة قوية للمطرب "الفارس" الذي وبخ الجمهور وحسم الفوضى وفرض النظام داخل حفل غنائي    شاهد بالصور.. الفنانة توتة عذاب تعود لإثارة الجدل بإطلالة ملفتة من إعلان "الكليب" الجديد وترد على سخرية الجمهور: (الناس مشغولة بيا وانا في قلوبهم كية)    بيان للجمعية السودانية لعلوم الفلك    كسلا تستعد لإقامة ملتقى الاستثمار الثالث    جنازة الخوف    الهلال والأهلي مدني يتعادلان مع مقديشو وكتور جوبا في سيكافا    حكاية من جامع الحارة    بالصورة.. حسناء الفن أفراح عصام تتغزل في سيدة الغناء السوداني وتطلق عليها لقب "المرعبة": (انتي في مكان بعيد شديد لا يقبل أي مقارنة)    كم يستهلك الذكاء الاصطناعي من الماء في كل محادثة؟    اللعب بالأرقام...!    لحسم الجدل في موضوع حميدتي    المطر والسياسة في السودان .. سخاء في الموارد وشح في النفوس    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (هذا العالم)    "مناوي" يزف بشرى ويعلن اكتمال مشروع    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    شاهد بالفيديو.. بشة يعترف: (قررت ترك الهلال في أول ستة أشهر وهذا اللاعب هو من أقنعني بالبقاء)    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    روضة الحاج: ستلعنُكم هذه الأرضُ أحجارُها وستلعنُكُم كلُّ أشجارِها وستلعنُكُم كلُّ أثمارِها    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    عودة المحكمة الدستورية قرار صائب وإن جاء متأخراً    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    من صدمات يوم القيامة    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسقاط العمامة من إيران للسودان!
نشر في الراكوبة يوم 15 - 11 - 2022

من شعارات الثورة الإيرانية شعار (الامة الرسالية لا تهزم)، وهو شعار تبنته حكومة الاخوان المسلمين في السودان. كان حلمهم ان يقيموا نموذج الدولة الإسلامية الإيرانية (الشيعية) 1979م . في ذلك الوقت خرجت تظاهراتهم في الخرطوم تتبع تلك الخطي (إيران إيران في كل مكان) ، وبالفعل دانت الدولة لهم بانقلاب العسكري، واقاموا دولة إسلامية (سنية) في بلد متعدد الأعراق والأديان والاثنيات ، لثلاثة عقود من الزمان ، خلال هذه العقود اعملوا فيها تصوراتهم للمشروع الحضاري الإسلامي ، وتحكيم قوانين الشريعة التي بموجبها تم الجلد والقطع من خلاف على الضعفاء ، وشنت حروب الجهاد الإسلامي العبثية في الجنوب وجبال النوبة . صار حكامها ولاة ، وقتلاهم شهداء ، تقام لهم الاعراس تزفهم للسماء ، في المعارك تغيهم الغيوم حر السموم ، وتحميهم حيوانات الغابة من الألغام ، وتدعمهم الرعية بالرؤي النبوية والتنبؤات بالنصر الابدي.
ظلت تلازمهم أوهام عقيدة انهم امة رسالية معصومة لا تهزم طوال مسيرتهم . وما فتئت حتى بعد ان خرج عليهم الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة في جميع البلاد ، بما فيهم أبنائهم من اصلابهم، يشهدون على مفارقتهم للدين وفسادهم . ومن هول الصدمة تغيب عن وعيهم كيف اذهب الثوار وقارهم ، حين انزلوا قياداتهم من منابر الجمع ، ومنعوا أئمتهم امامة المصلين في المساجد ، لفجورهم وكذبهم بالدين ، بل تم حصبهم في الطرقات تلاحقهم ذلة ومسكنة . بالرغم من ذلك ظلوا يتبعون ذات المنهجية في الاختباء تحت العمامة وقداسة الدين وحمايته.
في حيثيات نقدهم لمسودة وثيقة الدستور الانتقالي للمحامين ، اعترضوا على عدم تضمين الدستور نص الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في البلاد ، اضافوا كذلك انه لم يذكر في مقدمتها (بسم الله الرحمن الرحيم) . ذكروا ذلك ولم يطرف لهم جفن وكأنهم لم يفسدوا باسم الشريعة وبسم الله الرحمن الرحيم . ليتهم حدثونا اين يفارق نص طبيعة الدولة في المسودة اصل الدين والاسلام؟ فقد ورد في النص (جمهورية السودان دولة ديموقراطية فيدرالية تتعدد وتتعايش فيها الثقافات والاثنيات واللغات والمذاهب والأديان ، نظام الحكم فيها نظام برلماني ، وتقوم الحقوق والواجبات فيها على أساس المواطنة دون تمييز بسبب الاثنية ، او الدين ، او الثقافة ، أو اللون ، او اللغة ، او النوع ، او الوضع الاجتماعي ، او الاقتصادي ، او الإعاقة ، او الانتماء الجهوي ، او بسبب أي تمييز أيا كان) .. من الجلي ان هذا النص تضمن جماع الإسلام والأديان وكريم المعتقدات ، اذ أصله العدل ويتضمن حقوق الانسان ، ودفع الشباب أعمارهم مهراً لتحقيقه ، لذلك يخشاه الاخوان المسلمين والمصطفين في تيار إسلامي عريض ضد قيام حكم مدني في البلاد.
ففي دخيلة أنفسهم يعتقدون ان لهم قداسة إسلامية تمنحهم حصانة ، تمنع عنهم المساءلة ولا تنالهم العقوبات ، كتلك التي يتمتع بها الجنرال وبقية الجيوش! ولعلهم بحسب بيانه ايضا (زي الكلبة الوالدة والنحل) حين الاقتراب من إقامة العدالة . هم لن يستريحوا كما استراح الذين عدلوا باسم الشريعة (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر). كما انهم لا يؤمنون بالدستور الذي يلزم الدولة بان تقف على مسافة واحدة بين جميع الاديان، لان هذا بالطبع يسحب عنهم القداسة ، وانهم الاعلون وان المواطنين السودانيين من غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية ، لا حظ لهم في المواطنة المتساوية في الحكم او تقلد مناصب الوزرات ، وامور الناس. وفي السابق اقاموا حروب التطهير العرقي بفهم الجهاد العرقي أشعلوا نيران القبلية والفتن التي يشتعل اوراها حتي الساعة، والفوا القتل حتى صار كل من خالفهم كافر علماني وضد الاسلام! افتي لقمع الثورة شيوخهم بقتل ثلث الامة المسلمة، وتوعدوا الشباب بنصب المشانق لهم في الميادين، وقد كان قتلوهم وسحلوهم علي مراي ومشهد من أهلهم والناس اجمعين. والعهد بالإخوان المسلمين يقدمون التنازلات في سبيل الحكم، اعلنوا مراراً تخليهم عن مطالب تحكيم الشريعة وعنتريات حماية الدين، يقف علي ذلك شاهدا مواقفهم من اتفاقية متشاكوس ونفياشا من بعدها.
وجماعة الاصطفاف الإسلامي وحزب الاصلاح تعلن عن بؤسها الأصيل في خشيتها من الحكم المدني لان فيه المساواة بين الرجال والنساء، كان اخوات نسيبة لم يكن في البرلمان وصناعة القرار يوما! بل كن اللائي يفصل قوانين الشريعة الإسلامية واحكامها، (بدرية سليمان ورفيقاتها) يكتبن فقه الحلال والحرام، بحسب اهواء الحكام، وتم تميزهن بأكثر من المساواة، اذ تركن فقه الحيض والنفاس لأصحاب العمائم ورجال الدين والفقهاء. اما تخويف العوام بان الحكم المدني يعني الانضمام والتوقيع للاتفاقات العالمية، والتخويف "بسيدوا" والتحريض بالحرص على قيم الاخلاق والدين! فهو قول فيه عدم حياء، اذ كان لدولتهم الإسلامية وظيفة (اختصاصي اغتصاب) يستبيح اعراض الرجال والنساء من المعارضين السياسيين. وسبل الإرهاب الديني لا تحجب معرفة ان هنالك دول اسلامية تنص دساتيرها علي الشريعة الإسلامية ، منها 54 دولة موقعة علي "سيداو" بينهم 20 دوله عربيه ، بتحفظات في مقدمتهم المملكة العربية السعودية . ولقد ذكرنا في مقالات عديده حول الاتفاقية انها عرت جهل الفقهاء بالدين ، وعجز الإسلاميين عن مواكبة قضايا المرأة وما اكتسبته من حقوق ، بل أكثر من ذلك تقف شاهدا على انعدام المنهجية الإسلامية والفكرية الموحدة للدول الإسلامية لمفهوم تطبيق الشريعة الإسلامية واعتمادها في دساتيرها.
الإسلاميون يتحدثون عن فوزهم في الانتخابات القادمة، ويقفون في وجه الحكم المدني والتحول الديموقراطي، يمنون أنفسهم بعودة للحكم بمنهجية هيمنة العمائم ، التي لم تعد الأجيال الشبابية من النساء والرجال التي تبحث عن قيم الحرية ، والمساواة ، والعدالة والتدين الحق ، تنخدع للتناقض المزرى من قبل الاسلاميين ، وها هو النموذج الإسلامي في ايران يتصدع تحت زلزلة اقدامهم وهتافاتهم ، الثائرون في الطرقات يستهدفون عمامة رجال الدين ، يسقطونها من علي رؤوسهم باعتبارها رمزاً للجرائم والفساد . اما إرادة الشعب السوداني فهي الحكم المدني ، إزالة التمكين ، إصلاح النظام القضائي ، والمواطنة المتساوية ، في سبيل استعادة البلاد المختطفة من أصحاب العمائم.

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.