محمد عبد الماجد (1) * أعتقد أن عبداللطيف خضر الذي كان يلقب ب (ود الحاوي) اكتسب هذا اللقب لأنه كان يخرج للناس ألحاناً (ساحرة) وكأنه يخرجها من (جرابه) وهو يخرجها من آلة (الأكورديون) مثل (الحاوي) او الساحر وان كان عبداللطيف خضر يرد في هذا اللقب لوالده خضر الحاوي. * وفي ذاكرة كل الناس ود الحاوي بقميص كاروهات يشبه الحانه وهو يمسك ب (الاكورديون) مع عدد كبير من الفنانين .. خاصة الجيل الذي عقب جيل الكبار ابراهيم عوض والكابلي والطيب عبدالله وحمد الريح .. جيل خوجلي عثمان و مجذوب اونسة واسماعيل حسب الدائم ونجم الدين الفاضل، رغم ان ود الحاوي بدأ كبيراً مع ابراهيم عوض وشكل معه ثنائية بديعة، إلّا ان عبداللطيف خضر قدم لونية جديدة في الالحان والكلمات واستطاع ان يقدم جيلاً جديداً من المطربين .. كان لهم بصمة في وجود الكبار ابراهيم عوض وعثمان حسين وعبدالعزيز محمد داؤود ومحمد وردي والكابلي وهم في اوج شهرتهم وتوهجهم. (2) * ونحن طلاب في المرحلة الثانوية كنا نتوقف عند العبارة والمقطع الغنائي (اديني رضاك قدامي سفر) التى كنا نجدها دائماً مكتوبة خلف الجرارات واللواري والبصات السفرية وكنا لا نملك إلّا ان نتعاطف مع سائق العربة وصاحبها .. وركابها ايضاً. * السفر كان اقسى عقوبة يمكن ان توقع على المحبين. * من بعد علمنا ان المقطع من اغنية يتغنى بها اسماعيل حسب الدائم وهي من كلمات اسحاق الحلنقي ومن ألحان عبداللطيف خضر (ود الحاوي).. وعبداللطيف خضر كلما انوى الكتابة عنه اجد العجز يمسكني عن الكتابة عنه وهو بهذا التنوع اللحني الذي يحكي تنوعنا الثقافي. * اوضح مظاهر ود الحاوي وأعظم مواهبه تتمثل في تنوعه اللحني.. لا يوجد ملحن سوداني وربما هذا بصورة مطلقة على مستوى العالم ملحن بهذا (التنوع) فهو يمتلك قدرة فائقة على (التعددية) اللحنية. * ود الحاوي ملحن يعرف يلعب في حنجرة أي فنان بلحن يتوافق مع امكانيات الفنان ويظهر قدراته ويوضح محاسنه. (3) * لن اتحدث عن ثنائيته مع ابراهيم عوض فهي من اروع الثنائيات الفنية في السودان ومشهود له فيها بالإعجاز اللحني. .. سوف اقدم بعض النماذج التى تحضر في ذهني وأنا اكتب عنه، مما يعني ذلك انه يمكن ان يفوتنا الكثير من هذا الموسيقار الملحن (المحيط). * انظر الى ذلك السحر الابداعي الذي يقدمه ود الحاوي مع اسماعيل حسب الدائم في اغنية (اديني رضاك قدامي سفر).. فهو يقدم لحن اشبه بالتذكرة .. الجملة اللحنية عنده قصيرة تشبه اوجاع السفر وأحزان الفراق... تلك الاغنية كتبها اسحاق الحلقني لشقيقته الصغرى التى كانت تبكي لفراقه وهو في القطار في طريقه للخرطوم من كسلا. * مع صلاح بن البادية قدم ود الحاوي لحن لأغنية ابو آمنة حامد (سال من شعرها الذهب).. وقد جعل ود الحاوي الذهب يسيل من لحنه وصلاح بن البادية يمتلك (حنجرة) يخرج منها اللآلئ والدرر والجواهر. * من اخطر الحناجر السودانية حنجرة صلاح بن البادية.. فهي حنجرة بالألوان الكاملة. * مع خوجلي عثمان قدم ود الحاوي اول اعمال خوجلي عثمان الغنائية (اسمعنا مرة) وهي من كلمات اسحاق الحلنقي.. وفيها استطاع ود الحاوي ان يقدم (البهجة) كلها في لحن طروب يجبرك ان تسمعه .. ليس مرة واحدة كما يتغنى خوجلي عثمان .. وإنما الف مرة. * لحّن ود الحاوي لمجذوب اونسة (دا ما سلامك) وهي اغنية بديعة تحدثنا عنها في الاسبوع الماضي في هذه المساحة. * ووضع ود الحاوي لحناً بديعاً لاغنية (بين اليقظة والأحلام) التى نظم كلماته الشاعر عبدالمنعم عبدالحي ، كما وضع لحناً صاخباً لاغنية (شالو الكلام) لإسحاق الحلنقي. * كما لحن ود الحاوي ايضاً للفنان الراحل زيدان ابراهيم وكفاه ان الفنان الراحل عثمان حسين كل اغنياته من تلحينه إلّا اغنية واحدة لحنها له ود الحاوي وهي اغنية (تسابيح). (4) * بغم * يتميز ود الحاوي بالإلحان (الحوارية) .. في ألحانه (حوار).. حيث يدور حوار موسيقي في الاغنيات التى لحنها ود الحاوي وتشعر بتنافس وسباق الجمل اللحنية. * ونحن اكثر ما نحتاج له الآن الحوار. * وكل الطرق تؤدي الى (المدنية). الانتباهة