الحرب الحالية عمقت بصورة غير مسبوقة الكراهية المبنية على الاثنية، والتعصب الأعمى الذي لا يبالي بالموت والدمار وتمزيق الوطن، وهذه أبلغ مظاهر انحطاط المجتمع وتفكك الدولة، واكبر الادلة على المستقبل المظلم المنغلق المليء بالظلم والذبح والقتل بين أبناء الوطن الواحد الذي ينتظر السودانيين اذا استمرت هذه الحرب. لمواجهة ذلك تنعقد اجتماعات لجنة وحدة القوى المدنية في أديس اببا، والتي تمثل التيار الذي يعمل من أجل سودان المستقبل المليء بالمدنية والديمقراطية والخالي من الحروب والكراهية. يعلي لقاء وحدة القوى المدنية من قيم ومعاني جليلة يفتقدها الوطن في هذا الظرف الحرج، يعلي من قيم الحياة في مقابل الموت المجاني، قيم السلام في زمان الحرب، قيم كرامة الإنسان السوداني في وقت اهانته عرقيا واثنيا، قيم الاحتكام للقانون في زمان الاحتكام للمدفع والصاروخ، قيم الحوار بالكلمة والفكرة في زمان الحوار بالطلقة والدانة، قيم البناء واعادة الأعمار في زمان الدمار، قيم المستقبل المشرق في مواجهة المستقبل المجهول. عليه فان المجتمعون في أديس اببا لا يحملون هم ذواتهم ولا افكارهم، وإنما يحملون هم اخراج البلاد من الحروب المزمنة الطويلة المؤلمة وشق الطريق نحو استدامة السلام وبناء الثقة بين المكونات الوطنية المجتمعية والتأكيد على مباديء الوحدة التي لا تفريط فيها. لا يمثل هؤلاء النفر احزابا سياسية وكيانات مدنية ومهنية فقط وانما يمثلون الضمير الواعي العاقل الذي يؤمن بأن الوطن هو السلام والاطمئنان والتعايش، وأن الحرب والخوف والكراهية لا تبني وطنا ولا تصنع مستقبلا. هل يستجيب عبدالواحد والحلو لدعوات هذه الجبهة المدنية؟ متوقع، اذا استجابوا فهذا اختراق يساعد على توطيد قيم السلام والبناء والعمل جميعا من أجل التوافق على عقد اجتماعي وطني يعتمد المواطنة اساسا للحقوق والواجبات، وهو ما يمثل اقوى ركائز بناء السلام المستدام. هل نتوقع ان ينحاز الجذريون لهذا الصف، نتوقع ذلك، فهم في نهاية الامر يستهدفون ذات الأهداف وأن اختلفت الاليات، والتمترس خلف المواقف الذاتية لن يفيد أحدا وبالتاكيد لن يفيد الوطن. هل نتوقع ان يؤثر ظهور هذا التكتل في المفاوضات التي يذمع قيامها في جدة؟ نعم، سيمثل هذا اللقاء ومخرجاته ورقة ضغط سياسية قوية على طرفي الحرب تقول ان المدنيين قد اجمعوا أمرهم على ايقاف الحرب واستعادة المدنية وأن الذي يقف أمام هذا الهدف يتحمل وزره تاريخيا وسياسيا ودوليا. [email protected]