أخطر ما ذكره حميدتي قوله انه يريد سلام حقيقي وليس سلام (ملولو) ، موجها اتهاما صريحا للجيش بانه يستخدم المفاوضات الحالية من أجل كسب الزمن لتجهيز نفسه عبر حشد القوات وجلب الاسلحة. الحديث اعلاه يؤكد ان المفاوضات التي تدور في جدة لن تقود الى توقف القتال ، لأن الطرفان مازالا بعيدان عن الثقة في بعضهما ، وإذا لم يتم بناء ثقة متبادلة فان توقيع اتفاق سلام سيكون من سابعة المستحيلات. ظهر في التصوير جنود يرتدون كمامات تنفسية وهو ما يؤكد ان تصوير هؤلاء الجنود لم يتم بالأمس ولا خلال الحرب وانما في عهد الكرونا ، حين كانت الكمامة ضرورية في التجمعات. هذا المشهد يؤكد ان الدعم السريع يريد ان يحتفظ بحالة عدم اليقين (uncertainty) حول مصير قائده حميدتي ، وذلك يمكن أن يقرأ في عدة اتجاهات اهمها هو جعل موت حميدتي احتمالية موجودة مما يصرف تركيز الجيش عن البحث عن رجل ميت (بعاتي) وهو ما قد يوفر للرجل حرية في الحركة وخروجا من الضغوط لكي يتفرغ لقيادة الاتصالات المحلية والدولية لجلب الدعم لقواته. لأول مرة يتحدث حميدتي محاولا كسب دعم قوات الحركات المسلحة في دارفور ، واستغل الرجل خطاب انهم من نفس المنطقة وانهم تعرضوا للظلم من ذات المركز ، وانه وقواته تم استغلالهم من قبل الكيزان الماكرين وانه اكتشف الخديعة والان يقاتلهم ليدفعوا الثمن. هذا الحديث للحركات المسلحة في دارفور خطير جدا ويفتح الباب واسعا لتحالف بين الحركات وحميدتي ، وهو الذي إذا حدث ربما سيغير في موازين المعركة بصورة ضخمة لصالح الدعم السريع ، وهو ما قد يجعل الحرب ذات أجندة جديدة وهي أجندة نضال اهل الهامش ضد المركز الذي يمثله الجيش ، وهو الفعل الذي ربما يقود إلى انشقاقات ضخمة داخل الجيش من أبناء الهامش. وجه حميدتي اتهامات صريحة للبرهان والجيش بأنهم كانوا ضد اتفاقية جوبا للسلام ، وضد الوثيقة الدستورية ، وضد الاتفاق الاطاري ، وهذا الاتهام تقوله كل القوى الثورية للجيش بقيادة البرهان وتضيف له ان الجيش وقف ضد الثورة والسلام تنفيذا لاجندة الكيزان الذين يسيطرون عليه ، وهي أقوال تثبت حقيقة ان استمرار تحالف الجيش مع الكيزان سوف يجعل الجميع يفر منه ويجعل انتصاره في هذه الحرب بعيد المنال ان لم يكن مستحيلا. [email protected]