بكري الصائغ عودة الي خبر له علاقة بالمقال، ونشر في صحيفة "الراكوبة"- السبت 2/ ديسمبر الحالي تحت عنوان: "البرهان يشكل لجنة برئاسة وزير للقبض على رموز النظام السابق"، وجاء فيه:- أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يوم الجمعة، قراراً بتشكيل لجنة برئاسة وزير الداخلية، للقبض على منسوبي النظام البائد الفارين من السجون، و الضالعين في إشعال حرب الخامس عشر من أبريل، تنفيذاً لإجراءات بناء الثقة، الموقعة في السابع من نوفمبر الماضي، بمدينة جدة السعودية. وقال مصدر شرطي رفيع ل(راينو) أن اللجنة تضم أعضاء من وحدات السجون، والشرطة الأمنية، والمباحث المركزية. وأنها حددت أماكن تواجد رموز نظام الإنقاذ في كل من بورتسودان وعطبرة وكسلا والقضارف، وبعض القرى والمدن بالولاية الشمالية. وقال المصدر:(من المتوقع أن تبدأ إجراءات القبض عليهم في أي لحظة بعد أن باشرت اللجنة أعمالها).- أنتهي- مرت ثلاثة أيام بلياليها علي صدور قرار البرهان بتشكيل لجنة برئاسة وزير للقبض على رموز النظام السابق، كنا نتوقع أن تبادر الأجهزة الامنية الثلاثة " جهاز الامن الوطني، الاستخبارات العسكرية، ووزارة الداخلية" الإسراع بتنفيذ القرار علي الفور دون تلكؤ او تباطؤ، وأن يكون تنفيذ القرار هو الشغل الشاغل ويحتل المرتبة الأولى في قائمة الأعمال. كنا نتوقع أيضا قراءة تصريح من مسؤول كبير في المخابرات العسكرية يفيد وبالتفاصيل الدقيقة، أن جهاز الاستخبارات تمكنت من اعتقال كل منسوبي النظام البائد الفارين من السجون، و الضالعين في إشعال حرب الخامس عشر من أبريل، وأنها تحفظت عليهم في السجن الحربي…مرت (48) ساعة منذ صدور القرار ومارأينا أي رد فعل من الأجهزة التي ينطبق عليها القول المعروف لا أرى لا اسمع لا اتكلم"!!، هذه الاجهزة تصرفت كان الامر لا يعنيها لا من قريب أو بعيد!!، وانها اجهزة غير مختصة باعتقالات السجناء الفارين من السجون وإنما ينصب جل اعمالها اعتقال المواطنين الأبرياء، وملاحقة شباب العمل التطوعي والصحفيين والنشطاء السياسيين، وما عداها من مهام أخري لا يدخل في صميم أعمالها!! عدم تنفيذ القرار يعني بكل وضوح أن هناك جهة ما أقوي من سلطة البرهان ومجلس السيادة والحكومة الهشة هي التي أوقفت تنفيذ !!، جهة لا يهمها البرهان ، هي جهة تحدت وهددت البرهان علانية أن القرار لن ينزل الى حيز التنفيذ شاء أم أبى. وليشرب من مياه البحر الأحمر القريبة من مكان اختبائه!! الجهة التي أوقفت قرار البرهان باعتقال كل منسوبي النظام البائد الفارين من السجون، هي جهة تعرف الكثير المثير عن شخصية البرهان الضعيفة وفقدانه الهيبة والكبرياء، هذه الجهة الاسلامية النشطة في بورتسودان تعرف الكثير عن تصرفات البرهان المتذبذبة، وتصريحاته وقراراته التي لا تجد الاحترام ولا التنفيذ، هذه الجهة الإسلامية مقتنعة تماما وعلي ثقة كبيرة أن البرهان سينسي قرار السبت 2/ ديسمبر ولن يعود إليه مرة أخرى!!، فهو لا يقوي علي مواجهة الاسلاميين الفارين من السجون و مدعومين من ضباط في القوات المسلحة ياسر العطا مثالا. – كاتب هذا المقال – عاصر زمن ثلاثة من الحكام البريطانيين الذين حكموا السودان قبل الاستقلال، جنرالات كانت عندهم الهيبة والكاريزما والانضباط في كل شيء، وما كانت قراراتهم وتوجيهاتهم الرسمية تجد التاخير بل السرعة في التنفيذ خصوصا وانهم كانوا يشرفون عليها اشراف مباشر. الفريق/ ابراهيم عبود، خلال عمل ضابطا في "قوة دفاع السودان" تحت قيادة ضباط بريطانيين، اكتسب منهم كثير من الخبرات في الادارة، كانت قرارته العسكرية محل تنفيذ فوري، عبود الجنرال القوي كان يتمتع بحب الضباط والجنود لانه ما كان يخفي عنهم شيء يتعلق بالشأن السوداني، وما كان يخشي او يجامل احد، الفريق/ عبود كان سوداني الشخصية بطبعه… وبريطاني في انضباطه ومسلكه وتصرفاته ولم تكن خافية علي احد. المشير/ جعفر النميري كان يختلف كثيرا في سلوكياته وتصرفاته عن سابقه الرئيس/ عبود، كان حاد الطبع، قاسي في معاملاته مع الكل بلا استثناء، كان يراقب تصرفات نوابه مستشاريه في القصر بعيون كالصقر، ما كان يتساهل في عقاب المسؤولين اذا تاخروا في تنفيذ قراراته العسكرية او الجمهورية، هناك قصة معروفة وقعت في أعوام السبعينات، وتقول اصل الرواية، انه في احدي المرات وجه وزير الصناعة الدعوة لنميري لافتتاح مصنع السكر، وأكد له الوزير إنه مصنع حديث متطور ومكتمل، وقال الوزير للنميري أن كل ما سيقوم به اثناء الزيارة هو الضغط علي زر مخصص لبدء العمل بالماكينات، وبعدها ينزل أول جوال سكر، ذهب النميري الي مكان المصنع وضغط علي الزر ولم ينزل الجوال، كرر النميري المحاولة عدة مرات باءت كلها بالفشل، عندها اعترت النميري حالة الغضب الشديد والتفت الي وزير الصناعة الذي كان يقف خلفه وصفعه صفعة قوية جعلت كل من كانوا قرب النميري يهرولون في كل الاتجاهات!!، قام النميري بعدها بعزل وزير الصناعة بمهانة شديدة ، وفي اجتماع مجلس الوزراء الذي دائما ما كان النميري يترأسها، شن هجوم شديد علي الوزراء وشتمهم بالفاظ قوية وقال لهم ما معناه "إذا كنتم غير واثقين من متانة اعمالكم لا تعلنوا عنها الا بعد تجويدها".. بعدها اصبحت كل قرارات النميري قابلة للتنفيذ الفوري بسبب إشرافه المباشر علي التنفيذ. المشير/ عمر البشير كان ضعيف الشخصية للحد البعيد ومحل سخرية داخل وخارج البلاد، اغلب قراراته الجمهورية ما كانت تنفذ خصوصا اذا كانت قرارات متعلقة بمحاربة الفساد ومحاسبة من نهبوا اموال الدولة، ولان البشير كان رئيس فاسد بمعنى الكلمة اغتني من المال الحرام، اضطر أن يلزم الصمت عن فساد الاخرين "زملاء السلاح" او من هم معه في التنظيم الاسلامي، بلغت جملة المال المنهوب خلال الفترة من عام 1999- لعام استخراج البترول- الي عام 2019 نحو (86) مليار دولار هي قيمة عائدات النفط خلال هذه ال(20) عام. مشكلة عبدالفتاح البرهان إنه يعرف حق المعرفة عيوبه التي تتمثل في عدم قدرته علي إدارة دفة البلاد بسبب ضعف شخصيته وخضوعه لاخرين، أكبر دليل علي ضعفه، انه وبعد ثلاثة أيام من استلامه السلطة عام 2019، قام بتسليم الحكم لنائبه "حميدتي" ومنحه صلاحيات واسعة وكبيرة اكبر من حجمه، ومنحه صلاحيات وتسهيلات ضخمة اصلا ما سمعنا من قبل أن مسؤول سوداني قد نالها!!، ومنذ 11/ ابريل الى يومنا هذا ما رأينا قرار واحد صدر من البرهان وينزل الي حيز التنفيذ!! علق احد القراء من قبل وسخر من تجاهل المسؤولين في السلطة الحاكمة تنفيذ قرارات البرهان، وقال، أن البرهان لا ينفذ الا قرارات وتوجيهات مدير المخابرات المصرية اللواء/ كمال عباس… ودونه لا احد!! اعود واكرر السؤال الذي لن يجد اجابة: الي الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن الوطني والداخلية، لماذا تأخر قرار البرهان اعتقال الهاربين ؟!!