الطيب النقر إذا أقدم شخصاً على جريمة السرقة تحت وطأة التهديد والإكراه وسرق ما يستوجب الحد ، فلا حد عليه لوجود شبهة الإكراه ، فالإكراه يحول دون تنفيذ الحد لأنه شبهة قوية تدرأ الحد لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والطبراني: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، وقد ثبت أن الخليفة العادل عمر رضي الله عنه «أتى بسارق قد اعترف فقال: «أرى يد رجل ما هى بيد سارق ، قال الرجل: والله ما أنا سارق ولكنهم تهددونى ، فخلى سبيله ولم يقطعه»، ولقد أخلى الخليفة العادل سبيله لأنه لم يقدم على هذا الصنيع الذى يجلب مقت الله ، وسبة باقية في الأعقاب ، بكامل اختياره وإرادته ، بل دُفع لذلك دفعاً فالسرقة فعل يتنافى مع شيمه وخصاله الحميدة ، التي أصاب العبقرى الملهم شاكلة الصواب حينما نعت يده بأنها ليست يد سارق ، وأعانته فراسته وحدسه الذى لا يخيب ، على سبر أغوار الرجل والإحاطة بأنه من صنف الرجال الذين ينزهون أنفسهم عن المطامع المُردِية ، والمطالب المذمومة، ولقد أخلى الخليفة سبيله لأنه القائل رضي الله عنه : «ليس الرجل بمأمون على نفسه إن أوجعته ، أو أخفته ، أو حبسته ، أن يقر على نفسه». ونجد فى قانون العقوبات المصرى أن المادة واحد وستين قد نصت على أنه : لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه ، أو غيره من خطر جسيم على النفس ، كان على وشك الوقوع به أو بغيره ، ولم يكن لإرادته دخل فى حلوله ولا في منعه بطريقة أخرى ، كما نجد أن فقهاء وشراح القانون المصرى قد عرفوا الإكراه المادى بأنه قوة مادية يوجهها الشخص عمداً تجاه شخص آخر ، ويجرده من إرادته ليتسنى له فعل ما يحب من أعمال إيجابية كانت أو سلبية،» ومثال ذلك أن يمسك شخص بيد آخر ويرغمه بالقوة على التوقيع ، أو أن يغتصب شخص امرأة متزوجة فيرغمها على ارتكاب جريمة الزنا، الأمر الذي يعدم حرية الإرادة بطريقة مطلقة ، ولا يكون أمام من بوشر حياله سوى تحقيق السلوك الذي أراده من باشر الاكراه». [email protected]