كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    إلى متى يستمر هذا الوضع (الشاذ)..؟!    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب لن يسمح للثورات العربية الخروج عن سيطرته
نشر في الراكوبة يوم 24 - 12 - 2011

اعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية الثورات العربية المتصاعدة تشكل تهديدا فعليًا للنظام الإستراتيجي العالمي، مؤكدة ان الغرب لا يكل ولا يمل أبدًا في سعيه للسيطرة على الشرق الأوسط، مهما كانت العقبات، ومعيدة الى الذاكرة سنوات الاستعمار الغربي للبلدان العربية بعد تقسيمها.
واكدت إن أميركا وحلفاءها يحاولون ترويض الاسلاميين الصاعدين الى حكم الدول العربية على السياسة الأجنبية والاقتصادية، بدلاً من تفسيرات الشريعة.
وقالت ان الاحزاب الاسلامية التي ستخضع لذلك سوف يتم اعتبارهم "معتدلة" أما الباقي فسيظل من "المتعصبين".
وطالبت الصحيفة الدول العربية التي انطلقت فيها الثورات، إن أرادت أن تتحكم في مستقبلها، فعليها مراقبة ماضيها القريب وسنوات الاستعمار الغربي لبلدانها.
وقالت في تقرير تاريخي موسع ان هذه الثورات التي اشتعلت شرارتها الأولى في تونس العام الماضي ركزت على الفساد والفقر وانعدام الحريات، وليس على الهيمنة الغربية أو الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت في تقرير كتبه " شايماس ميلن" بالاستعانة بالارشيف البريطاني "باثي نيوز" على ان "حقيقة انطلاقة هذه الثورات ضد الديكتاتوريات المدعومة من الغرب تعني أنَّهم شكلوا تهديدًا فعليًا للنظام الإستراتيجي".
وتوصل التقرير المدعم بالافلام والصور الارشيفية للاحداث التاريخية التي مرت على البلدان العربية ومقارنتها بالربيع العربي، الى سبعة دروس تربط علاقة الغرب بالعرب والجهود الاستعمارية المتكررة للسيطرة على الشرق الأوسط.
وقال "هناك شعور حقيقي في الشرق الأوسط أكثر من أي بقعة أخرى من العالم الاستعماري سابقًا بأنَّ الشرق الأوسط لم يحصل على استقلاله بالكامل، وبسبب تربعه على عرش مخزون البترول الأكبر في العالم، تم استهداف العالم العربي بتدخلات وغزو مستمرين، حتى بعد حصوله رسميًا على الاستقلال".
وبعد تقسيمه إلى دول صورية بعد الحرب العالمية الأولى، تم قصف واحتلال أجزاء منه بواسطة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا كما تم محاصرته بالقواعد الأميركية وأنظمة استبدادية مدعومة من الغرب.
واشار الى انه ومنذ يوم سقوط حسني مبارك في مصر، ظهر اتجاه مضاد متعنت بقيادة القوى الغربية وحلفائها في الخليج لرشوة أو تحطيم أو السيطرة على الثورات العربية. "ولديهم معين من الخبرة المتأصلة يمكّنهم من استنتاج أنَّ كل مركز للثورات العربية، من مصر إلى اليمن، عاش عقودًا تحت الهيمنة الاستعمارية. وكل دول حلف الناتو الأساسية التي قامت بضرب ليبيا، ومنها على سبيل المثال - الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا- كانت لديهم قوات تحتل المنطقة ومازالت ذكراها حية في الأذهان".
وسرد الكاتب سبعة دروس من تاريخ التدخل الغربي في الشرق الأوسط، بالاستعانة بأرشيف "باثي نيوز"، "صوت بريطانيا العظمى التي لا عهد لها أبان الحقبة الاستعمارية".
وتوصل الى ان الغرب لا يكل ولا يمل أبدًا في سعيه للسيطرة على الشرق الأوسط، مهما كانت العقبات.
وذكّر بالمحاولة الأخيرة التي سعت فيها الدول العربية إلى الخروج من المدار الغربي - في الخمسينيات من القرن الماضي، تحت تأثير الوحدة العربية التي أطلقها جمال عبد الناصر، في يوليو(تموز) عام 1958، حيث أطاح بعدها ضباط جيش عراقيون قوميون متشددون بنظام وصفه ب "الفاسد والقمعي والمدعوم من الغرب (هل يبدو ذلك مألوفًا؟)، ومحميّ من قِبل القوات البريطانية".
وأصاب طرد الملكية العراقية، النظام المهادن الموثوق به، "باثي" بالفزع. فأطلقت صيحة تحذير في أول تقرير إخباري لها تعليقًا على الأحداث بأن العراق الغنية بالبترول أصبحت "منطقة الخطر الأولى"، بالرغم من "وطنية" الملك فيصل -"وهو الذي تلقى تعليمه في مدرسة هارو"- والتي "لا يُختلف عليها"، يؤكد التعليق الصوتي لنا أنَّ - الأحداث تحركت بسرعة شديدة، "لسوء حظ السياسة الغربية".
ولكن في غضون أيام قليلة- مقارنةً بالشهرين اللذين استغرقهما تدخلهم في ليبيا هذا العام- حركت بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية آلاف القوات إلى الأردن ولبنان لحماية اثنين من الأنظمة العميلة لهم من الثورة الناصرية. أو، كما تقول "باثي نيوز" في تقرير لها، لغرض" إيقاف سريان الفساد في الشرق الأوسط".
ولم يكن لديهم نية مطلقًا لترك العراق الثورية لأجهزتها الخاصة. وبعد أقل من خمس سنوات: في فبراير (شباط) عام 1963، دعمت المخابرات البريطانية والأميركية الانقلاب الدموي والذي جلب في البداية بعثيي صدام حسين للسلطة.
وبالتقدم سريعًا لعام 2003، نجد أن بريطانيا وأميركا استطاعتا غزو واحتلال الدولة بالكامل.
وأخيرًا عادت العراق تحت سيطرة غربية كاملة - على حساب دم شعب تمت إراقته بوحشية ودمار.
وقال "إنَّ قوة المقاومة العراقية هي التي أدت إلى رحيل القوات الأميركية هذا الأسبوع - ولكن حتى بعد الانسحاب، سوف يظل 16000 مقاول ومدرب وآخرين تحت أمر الولايات المتحدة. ففي العراق، كما في باقي المنطقة، لا يرحلون إلا إذا أرغموا على ذلك".
ووصف التقرير القوى الاستعمارية عادةً ما تخدع أنفسها بشأن حقيقة ما يفكر به العرب.
وتساءل "هل من الممكن أن يكون مقدم باثي نيوز- والمحتلون الاستعماريون اليوم- قد صدقوا بالفعل أنَّ آلاف العرب عندما أمطروا الثناء المرعب على الديكتاتور الفاشي موسولينى عندما قام بجولة في شوارع طرابلس في المستعمرة الإيطالية بليبيا في عام 1937 كانوا بالفعل يعنون ذلك؟ قد لا تظن ذلك عندما تنظر إلى وجوههم الخائفة". وارفق التقرير صورة ارشيفية وفيلماً لزيارة موسوليني الى ليبيا تظهر صفوف من الليبيين يرحبون به.
واشار الى انه لا توجد أدنى إشارة في الفيلم الإخباري إلى أنَّ ثلث سكان ليبيا قد ماتوا تحت وطأة الحكم الإيطالي الاستعماري الوحشي، ولا عن حركة المقاومة الليبية البطولية التي قادها عمر المختار، والذي شُنق في معسكر اعتقال إيطالي. ولكن بعد ذلك يصف التعليق الصوتي، أو "القناع الاستعماري"، موسولينى بأنَّه كالساسة البريطانيين في ذلك الوقت.
وعاد الى تقرير "باثي" عن مشبهاً زيارة الملكة البريطانية للمستعمرة البريطانية آنذاك عدن بعد سنوات قليلة قائلا "كان مشابهًا على نحو مخيف، مع (آلاف من الرعايا) المخلصين السعداء يقدمون ترحيبهم المفترض لملكتهم والذي وصفته بفرح بأنه مثال غير مسبوق في التطور الاستعماري".
وبالفعل كان غير مسبوق حيث إنَّه بعد ما يقرب من قرن أجبرت حركات التحرير اليمنية الجنوبية القوات البريطانية على إخلاء آخر موقع من الإمبراطورية بعد ما تعرضوا للضرب والتعذيب والقتل في طريقهم عبر منطقة فوهة عدن. ويشرح جندي مشاه سابق في وثائق "بي بي سي" 2004 عن عدن أنَّه لا يمكنه الخوض في التفاصيل بسبب خطورة ادعاءات جرائم الحرب.
وتوقع اليمينيون المتطرفون أمرًا سهلاً في العراق، ورأينا في التغطية الأميركية والبريطانية للغزو في البداية أنه كان لا يزال هناك عراقيون يلقون الورود على قوات الغزو عندما كانت المعارضة المسلحة تتدفق بالكامل بالفعل.
وأورد التليفزيون البريطاني أنَّ القوات البريطانية "تحمي الشعب المحلي" من طالبان في أفغانستان، والذي يمكن أن يكون مذكرًا على نحو مذهل بالأفلام التسجيلية من الخمسينيات من عدن والسويس.
وحتى خلال الثورتين المصرية والليبية هذا العام، رأى الإعلام الغربي ما يود أن يراه في الغالب في الحشود سواء في ميدان التحرير أو بنغازي - حتى أخذته الدهشة، عندما انتهى الأمر بوصول الإسلاميين إلى السلطة أو الفوز بالانتخابات.
وتوقع الكاتب أيًا كان ما سيحدث لاحقًا، فإنهم "الاسلاميون" لا يبدو أنهم سيحصلون عليها.
وفي استنتاجه الاخر كتب " شايماس ميلن" ان القوى العظمى هي أيادٍ خبيرة في تجميل الأنظمة العميلة لإبقاء تدفق البترول.
وقال "عند الحديث عن حكام الخليج الرجعيين، وحتى أكون منصفًا، فهم غير مزعجين بالمرة. ولكن قبل أن تنال منهم الموجة المناهضة للإمبريالية في الخمسينيات من القرن الماضي، عكفت أميركا وبريطانيا وفرنسا على تزيين الأنظمة العميلة لجعلها تبدو كديمقراطيات دستورية".
وفي بعض الأوقات يخفق هذا الجهد سريعًا، ويبدو مثل هذا في التقرير الفكاهي عن "الاختبار الأساسي الأول للديمقراطية" في ليبيا تحت الدمية الأميركية - البريطانية الملك إدريس واضحًا بما لا يدع مجالاً للشك.
وارفق فيلما من الارشيف البريطاني عن ليبيا أبان حكم الملك ادريس.
وأدى التلاعب المخزي بالانتخابات عام 1952 ضد المعارضة إلى شغب ومنع لكل الأحزاب. وتم الانقلاب بعد ذلك على إدريس بواسطة القذافي، وتم تأميم البترول وإغلاق قاعدة هويلس الأميركية - وبرغم ذلك فإن علم الملك يعلو مرة أخرى في طرابلس بمساعدة حلف الناتو، بينما تنتظر شركات البترول الغربية لحصد مكاسبها.
وتم التلاعب أيضًا بالانتخابات وتعذيب آلاف المعتقلين السياسيين في الخمسينيات بالعراق. ولكن عندما يتعلق الأمر بطبقة الموظفين البريطانيين - الذين ترسخ وضعهم باعتبارهم "المستشارين الحكوميين" في بغداد وقاعدتهم العسكرية في الحبانية - والأفلام التسجيلية المعروضة في دور السينما البريطانية في ذلك الوقت، كانت العراق في عهد الملك فيصل تعد دولة ديموقراطية مسالمة و"ناجحة".
وسلط فيلم من الارشيف البريطاني الضوء على حقول البترول في البصرة عام 1952 التي كانت تحت مراقبة السفراء الأميركيين والبريطانيين و"السيد جيبسون" لشركة الوقود البريطانية العراقية، حيث يُمكننا أن نرى –حسب محرر الغارديان- رئيس الوزراء العراقي، نوري السعيد، يفتتح حقل بترول "الزبير" بالقرب من البصرة في عام 1952 لبناء "المدارس والمستشفيات" من خلال "عمل مشترك بين الشرق والغرب".
ويكتب "في الواقع سوف يحدث ذلك فقط عندما يتم تأميم البترول - وبعد ذلك بست سنوات تم اغتيال السعيد في شوارع بغداد عندما حاول الهروب مرتديًا زى امرأة. وبعد مرور نصف قرن عاد البريطانيون للسيطرة على البصرة، وبينما يحارب العراقيون اليوم لمنع الاستيلاء على آبار بترول بلدهم المشتتة، يُصر الساسة الأميركيون والبريطانيون مرة أخرى على الديمقراطية".
ونبه الى ان أي دولة من دول "الربيع العربي" تتخلى عن حق تقرير مصيرها بنفسها من أجل احتضان الغرب يمكن بالفعل أن تتوقع مصيرًا مشابهًا- تمامًا مثل الأنظمة العميلة التي لم تترك مدارها قط، كالدولة البوليسية "الفاسدة" في الأردن، والتي يُدعى أنها نماذج للقيادة الرشيدة و"الاعتدال".
وطالبت صحيفة "الغارديان" في تقريرها المتوقع ان يثير جدلا، شعوب الشرق الأوسط الا تنسى تاريخها - حتى لو نسيت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ذلك.
وعاد التقرير الى اوضاع ايران مسلطاً الضوء على أكثر من قرن من التدخل والاستعمار والتدمير غير الديموقراطي البريطاني الأميركي ضد إيران. وعبَّر الإعلام البريطاني عن حيرته إزاء كراهية الشعب الإيراني لبريطانيا عندما تم تدمير السفارة في طهران الشهر الماضي على يد متظاهرين.
وتساءل بقوله "ولكن إذا كنت تعرف السجل التاريخي، فهل هناك شيء أقل غرابة؟". وارفق ذلك بفيلم عن الاطاحة بمصدق ومحاكمته.
وتم تبني مبدأ الشك عند أورويل في الدور البريطاني بشكل مثير للاهتمام من قِبل "باثي" عند تناول الإطاحة بالقائد الإيراني المنتخب ديمقراطيًا محمد مصدق عام 1953 بعد أن قام بتأميم البترول الإيراني.
وتم وصف المتظاهرين المؤيدين لمصدق بالعنف والتدمير، بينما نظمت المخابرات البريطانية والأميركية العنيفة انقلابًا لطرده في مقابل الترحيب بالشاه باعتباره شخصية محبوبة و"تحولاً دراميًا للأحداث".
وألقت الأفلام التسجيلية اللعنات على "الديكتاتور الافتراضي" المنتخب مصدق، والذي أعلن أثناء محاكمته اللاحقة بتهمة الخيانة العظمى عن أمله في أن يصبح مصيره مثالاً "لكسر قيود عبودية الاستعمار".
وتم تقديم الديكتاتور الحقيقي كحاكم للشعب، وهو الشاه المدعوم من الغرب والذي مهدت رجعيته الوحشية الطريق للثورة الإيرانية والجمهورية الإسلامية بعد ذلك بنحو 26 عامًا.
وقال "هكذا عندما ينتقد الساسة الغربيون التسلطية الإيرانية بقسوة أو يتقمصون دور البطولة في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية بينما لا يزالون مستمرين في مساندة الأنظمة الديكتاتورية في الخليج، فلن يكون هناك الكثير في الشرق الأوسط ممن يأخذون ذلك على محمل الجد".
وتوصل التقرير الصحفي الى ان الغرب يقدم دائمًا العرب الذين يصرون على إدارة شئونهم الخاصة كمتعصبين.
وقال "لم تكن الثورة التي بدأت في ديسمبر(كانون الاول) الماضي في سيدي بوزيد أول ثورة شعبية تقوم ضد الحكم التعسفي في تونس. ففي الخمسينيات أدانت الحكومات الاستعمارية وداعموها بطبيعة الحال الحركة المناهضة للحكم الاستعماري الفرنسي بوصفها حركة متطرفة وإرهابية".
واوضح ان نجم القومية العربية قد خف منذ نشأت الحركات الإسلامية، والتي تم إقصاؤها بوصفها حركة "متعصبين"، وذلك من جانب الغرب وبعض القوميين السابقين. ولأنَّ الانتخابات تأتي بحزب إسلامي تلو الآخر في العالم العربي، فإنَّ أميركا وحلفاءها يحاولون ترويضهم - على السياسة الأجنبية والاقتصادية، بدلاً من تفسيرات الشريعة. والذين يخضعون لذلك سوف يتم اعتبارهم "معتدلين" - أما الباقي فسيظل من "المتعصبين".
وتوقع تقرير الصحيفة البريطانية ان يأتي التدخل العسكري الأجنبي في الشرق الأوسط بالموت والدمار والتقسيم.
وقال "ليست هناك حاجة للبحث في السجلات التاريخية لاستنتاج تلك الحقيقة. فتجربة العقد الأخير واضحة بشكل كافٍ، وسواءً كان ذلك غزوًا واحتلالاً بشكل كامل مثل العراق، حيث تم قتل مئات الآلاف، أو قصفًا جويًا لتغيير النظام تحت شعار"حماية المدنيين" في ليبيا، حيث تم قتل عشرات الآلاف، فقد كانت الخسائر البشرية والمادية كارثية".
واضاف "كان هذا هو الحال طوال التاريخ المشئوم للتدخل الغربي في الشرق الأوسط. ويمكن لفيلم (باثي) الصامت لتخريب دمشق على يد القوات الاستعمارية الفرنسية خلال الثورة السورية عام 1925 أن يقدم صورة شبيهة للفلوجة في عام 2004 أو سرت في هذا الخريف - وذلك بغض النظر عن الطرابيش والخوذات".
ويعرض مع هذه الفقرة رابط فيلم عن دفاع دمشق عام 1925 من الارشيف البريطاني.
ويقول "بعد ثلاثين عامًا بدت بورسعيد في وضع مشابه خلال العدوان البريطاني الفرنسي على مصر عام 1956 الذي ميز حلول الدول الاستعمارية الأوروبية السابقة محل الولايات المتحدة كقوة مسيطرة في المنطقة".
ويؤكد ذلك بفيلم عن العملية البريطانية - الفرنسية في قناة السويس، عام 195.
ويقول "هذا الفيلم التسجيلي للقوات البريطانية وهي تهاجم السويس، وقوات الغزو وهي تحتل وتدمر مدينة عربية أخرى، بيروت أو البصرة مثلاً - قد أصبح من الملامح المميزة والمعتادة للعالم المعاصر ورابطًا مباشرًا بالعصر الاستعماري".
ويصل الى قوله "هكذا كانت الخطط الإمبريالية التقليدية لاستخدام الدين والانقسامات العرقية لتقوية الاحتلال الأجنبي: سواء من الأميركيين في العراق أو الفرنسيين في سوريا أو لبنان أو البريطانيين أينما ذهبوا تقريبًا".
ويضيف "يمتلئ أرشيف باثي بالأفلام التسجيلية التي تروج للقوات البريطانية باعتبارها تعمل على الحفاظ على السلام بين الطوائف المتناحرة، من قبرص حتى فلسطين - وكل هذا لصالح استمرار السيطرة".
ويقول "الآن تعمل التقسيمات الطائفية والعرقية التي فُرضت تحت الاحتلال الأميركي البريطاني للعراق والتي تم حشدها بواسطة حلفاء الغرب في الخليج للتخلص من تحديات الصحوة العربية أو تحويل مسارها: ومثلما حدث في قمع الثورة البحرينية، وعزل اضطرابات الشيعة في المملكة العربية السعودية وزيادة الصراع الطائفي في سوريا - لن يؤدي التدخل الأجنبي إلا إلى رفع نسبة القتل ومنع السوريين من حق السيادة في وطنهم".
واختتم تقرير صحيفة "الغارديان" نتائجه بالقول ان "الرعاية الغربية للاستعمار في فلسطين هي عقبة دائمة في وجه العلاقات الطبيعية مع العالم العربي".
وقال "كان يُمكن ألا يتم إنشاء دولة إسرائيل لولا الحكم الاستعماري لبريطانيا الذي دام ثلاثين عامًا في فلسطين ورعايتها للاستعمار الأوروبي اليهودي على نطاق واسع تحت شعار وعد بلفور عام 1917، وكان من الواضح أن فلسطين المستقلة ذات الأغلبية الفلسطينية العربية لم تكن لتقبل بهذا أبدًا".
ويرفق مع هذه الفقرة فيلماً عن القوات البريطانية في نابلس، عام 1939.
ويعرض له بالقول "تتجلى الحقيقة المقنعة في هذا المقطع لباثي نيوز من وقت الثورة العربية ضد التفويض البريطاني في نهاية الثلاثينيات حيث يعرض الجنود البريطانيين وهم يحاصرون الفلسطينيين (الإرهابيين) في مدينتي الضفة الغربية المحتلة نابلس وطولكرم - تمامًا كما يفعل خلفاؤهم الإسرائيليون اليوم".
ويقول "إن سبب شعور المستوطنين اليهود بالأمان، كما يعلن المُقدم ذلك بنبرات حادة لاهثة في التعليق الصوتي المميز لفترة الثلاثينيات، هو (القوات البريطانية اليقظة دائمًا، والحامية دائمًا). وانهارت العلاقة بعد تقييد بريطانيا للهجرة اليهودية إلى فلسطين عشية الحرب العالمية الثانية".
وكان رد الفعل الاستعماري لبريطانيا، في فلسطين وفي أماكن أخرى، هو دائمًا الظهور باعتبارها "راعية القانون والنظام" ضد "تهديد الثورة" و"سيدة الموقف" - كما يبدو في هذا الفيلم الإخباري المضلل عام 1938 من القدس.
ويصل الى ان الصلة الأساسية السابقة بين القوة الاستعمارية الغربية والمشروع الصهيوني أصبحت تحالفًا إستراتيجيًا دائمًا بعد تأسيس إسرائيل- من خلال إجلاء ونزع الملكية من الفلسطينيين وعدة حروب و44 عامًا من الاحتلال العسكري واستعمار غير قانوني مستمر للضفة الغربية وغزة.
ويقول "تعد الطبيعة غير المشروطة لهذا التحالف، والتي تظل محور سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هي أحد الأسباب التي تفسر احتمال رفض الحكومات العربية المنتخبة ديمقراطيًا أن تلعب دور الضحية للقوة الأميركية والذي كانت تلعبه حكومة مبارك وأنظمة الخليج الديكتاتورية".
وينتهي تقرير الصحيفة البريطانية الى القول "أن القضية الفلسطينية متأصلة في الثقافة السياسية العربية والإسلامية. ومثل بريطانيا قبلها، يُمكن أن تكافح الولايات المتحدة الأميركية لتظل (سيدة الموقف) في الشرق الأوسط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.