سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بمدني..غابات الأسمنت تحجب النيل الأزرق .. مباني تحت التشييد وعشش عشوائية تتغول على الكورنيش .. الأغنام تسرح داخل حديقة البلدية التي شهدت ميلاد أغنية «حنتوب الجميلة»
مدينة ود مدني عروس الجزيرة التي اكتسبت موقعاً جغرافياً رائعاً باطلالها على النيل الازرق- كانت زاخرة بالجمال- حدائق على طول المنطقة بإمتداد عشرة كيلو مترات بدءاً من جزيرة الفيل- وغابة أم بارونة مروراً بالجروف النيلية وبحدائق وزارة الري ويستمر الشريط الرائع حتى منطقة الدباغة إلى كوبري مدني حنتوب. هذا الشريط الرائع غطته المباني وأصبح غابة خرسانية .... * وتكشف الصور الفوتوغرافية الحية التي التقطتها عدسة «الرأي العام» بوضوح صعوبة رؤية النيل والتمتع بالتنزه من قبل الأسر والشباب والطلاب، بل جميع أهالي المدينة الذين كان البعض منهم يقضي اوقاتاً بالترفيه عن النفس ونكد الحياة وكسر رتابة الروتين الحياتي. وآخرون من الصبية يستحمون بعيداً عن الأعين. ورغم انه لا يوجد كورنيش بمواصفات سياحية إلاَّ أن مهندسي الري قاموا بانشاء ألسنة خرسانية على شاطئ النهر بهدف منع إنجراف التربة وحدوث هدام وذلك بابعاد تدفق المياه الحاد خلال ذروة الفيضان حتى لا يحدث انحراف لمجرى النيل خاصة في المنطقة الوسطى بالمدينة على امتداد مباني دواوين الحكومة- إلا أن هذا الانجراف قد يتحول لمنطقة بعد ود مدني وربما يحدث بمنطقة فداسي او بعدها إلاَّ أن هذه الألسنة استغلت بعد انشاء رصيف حولها من الخارج وأصبح تلقائياً يطلق عليه كورنيش النيل.. وظلت الأسر ترتاد تلك المنطقة مساء وتقضي بها وقتاً ممتعاً مع اطفالها. ولم يقف الأمر على حجب الرؤية عن زرقة المياه والتمتع بمدها وجزرها ويعتبر هذا في حد ذاته رئة للتنفس -نفس هذا الكورنيش أصبح مغطى بالمباني الخرسانية وقد تعاقدت السلطات المصدقة على إيجار الاراضي المطلة على النهر بجانب سوق السمك والمدارس التي أخذت جزءاً من الشريط حالياً. الأراضي المؤجرة للاستثمار الشخصي كفتريات- محطة وقود- مباني للكشافة البحرية - صالات للخدمات- المطافئ- شرطة الأمن المائي- بل حدث توسع في بعض المباني الحكومية كالحج والعمرة- مركز أمراض السكري لابو عاقلة- توسع في الكافتريات التجارية . كما شرعت السلطات في بناء أعمدة خرسانية ترقباً لمباني جديدة منتظرة.النظام الذي كان سائداً ومسئولة عنه بلدية مدني وحالياً محلية مدني الكبرى.ما زال السمار يذكرون أيام حديقة «الشامي» وبعد هجرته من مدني إبان تحولات حركة التأميم التي استنها النظام المايوي- هاجر معظم الأجانب من الجاليات إلى الخارج.. وأطلق على الحديقة اسم حديقة البلدية وحالياً حولت إلى (مسك الختام) التى أصبحت طاردة إلاَّ في أيام الاعياد والمناسبات القومية للاطفال والصبية. أيضاً انتكست حديقة المرحوم سليمان وقيع الله مدير مديرية النيل الازرق 1968م، وأصبحت التذاكر لها برسوم قدرها جنيهان، الأمر الذي جعل المواطنين يفرون منها لضعف الخدمات رغم ان تأهيلاً قد حدث بها. ويذكر الرواد ان تلك الحدائق التي كانت مطلة على النيل أو بالقرب منه كانت رئة للتنفس. وهناك الكثير من الذكريات المرتبطة بالنيل الازرق فقد كان عدد من العرسان يقضون أيام شهر العسل بمدني قادمين من العاصمة القومية.. ومن رواد مدني في تلك الفترات الجميلة أدباء وشعراء كانوا يقدمون بزيارتها حتى ان ود القرشي عند الزيارة كان يقضي أوقاته مع سماره بحديقة البلدية المطلة على الضفة الشرقية ونظم فيها رائعته «حنتوب الجميلة» وترنم بها المطرب الخير عثمان- اليوم تبدل الحال واصبحت الابقار والاغنام السارحة تطل على تلك الحدائق، هذا بجانب الاوساخ والعشش العشوائية على النيل- مطلوب من هيئة تطوير ود مدني الانتباه إلى هذه الظواهر واعادة ضفة النيل إلى حالتها الطبيعية. ود مدني: تقرير حامد محمد حامد