أنت حامل والسعادة تغمرك، ولكنك قلقة لأن الحمل سيغيّر جسمك، وبالتالي حياتك عمومًا. يصعب تحديد الأمور التي يمكن الاستمرار بها من دون أن تؤدي إلى مشاكل، وتلك التي عليك الامتناع عنها عندما يكبر بطنك. إليك نصائح الخبراء في هذا المجال. تخضع الحوامل لمتابعة طبية دقيقة رغم أن الحمل لا يُعتبر على الإطلاق حالة مرضية، بل على العكس خلق الله المرأة لتنجب الأطفال وقد منحها كلّ ما يلزم لتتم هذه المهمة. وإذ باتت المرأة تنتظر مولودها الأول في عمرٍ متقدم أكثر من السابق، لا تزال النساء يتبعن بعض العادات القديمة في حياتهن اليومية. عند بلوغ السابعة والعشرين أو الثامنة والعشرين، تكون الأم المستقبلية منشغلة بعملها ومنغمسة تمامًا في حياة مهنية، وليس غريبًا أن تمارس المرأة في أيامنا هذه نشاطًا جسديًا أو رياضيَا منتظمًا. إلا أن الحمل الأول لا يمرّ أبدًا من دون بعض اليأس، لا سيما أن المرأة لا تعرف في هذه الحالة الأمور التي يمكنها أن تستمر في القيام بها وتلك التي يتعين عليها الامتناع عنها، فإذا بها تعيش في قلقٍ دائم عنوانه الأول رغبتها في القيام بما فيه خيرها. الأشهر الخمسة الأولى يقول البعض إن المرحلة الأولى من الحمل هي الفترة الأدق. يحمل هذا الكلام في طياته جزءًا من الحقيقة. حين يعاني الجنين مشكلة معينة أو حين تظهر مشكلة ما على صعيد الرحم أو الغشاء المخاطي، قد تجهض المرأة حملها تلقائيًا وغالبًا ما يكون التشوه السبب الرئيس وراء هذه المشاكل. تبعًا لذلك، من الضروري تحديد ما إذا كانت هذه الحالة عرضية أو أنها تحتاج إلى علاج خاص، ذلك عبر الخضوع لتشخيص دقيق. لحسن الحظّ، غالبًا ما تكون الطبيعة رحيمة فلا تعطي للإجهاض التلقائي أي سبب ليعكّر حمل المرأة مجدداً، حتى وإن سببت هذه الحادثة ضغطًا كبيرًا ويأسًا واضحًا. تعيش المرأة حملها غالباً في شكلٍ طبيعي ولا تحمل الأشهر الثلاثة الأولى أي تعقيدات مقارنة بالأشهر الأخرى، وذلك طبعًا بغضّ النظر عن الغثيان الذي يزعج بعض النساء والنعاس الدائم الذي لا يترك جفون البعض منهن. ولا ضرورة لتذكيرك بأهمية اتباع التعليمات الخاصة عند استهلاك بعض المواد كالدخان وبعض أنواع المشروبات وعند السفر أو الخضوع لصورة أشعة، وذلك لضمان سير حملك في شكلٍ مناسب. النصف الأخير من الحمل عند مرور أشهر الحمل الأولى في شكلٍ سلس، تأكدي أن ما تبقى سيمرّ أيضًا بخير باستثناء تضخم البطن وشعورك ببعض الانزعاج الناتج منه كالضغط على المثانة، ما يضطرك إلى التبوّل بكثرة أو يُشعرك ببعض الانقباضات في الأسابيع القليلة التي تسبق الولادة. من هنا، تتبيّن صعوبة الاستمرار بالقيام بنشاطٍ عادي، لا سيما إذا تطلّب مجهودًا جسديًا معينًا. لحسن الحظ، تحظى النساء بإجازة أمومة غالبًا ما تصل في الوقت المناسب لتمنح المرأة الحامل فرصة لتستريح في فترة حملها الأخيرة وتستكين استعدادًا لولادة طفلها. نشاطات ممكنة خلافًا للاعتقاد القائل بضرورة امتناع الحامل عن ممارسة أي نشاط جسدي طوال فترة حملها، لا بدّ من أن تستمري بممارسة هذه الأنشطة، لا سيما إذا كنت واحدةً من النساء اللواتي يعتبرن الرياضة جزءًا من عاداتهن الحياتية. أما في ما يتعلق باللواتي اعتدن ممارسة نوع معين من الرياضة، فبإمكانهن الاستمرار بممارسته حتى فترات متقدمة من الحمل. إلا أن هذا لا يلغي وجود بعض الاستثناءات وتمارين يتعين على الحامل الامتناع عن ممارستها. من الضروري في المقام الأول، أن تستمعي إلى حاجات جسمك خلال فترة الحمل خصوصاً وطوال حياتك عموماً. من هنا، لا فائدة من الرغبة في إثبات أن شيئًا لم يتغيّر أو أن كلّ شيء تغيّر. يمتد الحمل على مدى تسعة أشهر ليسمح للجنين بالنمو كما يجب، والأمر نفسه بالنسبة إلى النشاطات الجسدية التي يمكن أن تتطوّر مع الوقت. خلال الأشهر الخمسة الأولى، تجدين نفسك أمام عددٍ من الخيارات، إلا أن من الضروري التزام الحذر في الأشهر الأخيرة، لا سيما أن وزنك يتغيّر وتوازنك يتبدّل ويأخذ التعب منك كلّ مأخذ، خصوصاً حين تستمرين في عملك في شكلٍ اعتيادي. إن كنت لا تمارسين أي نشاط رياضي في العادة لن تضعي هذا الأمر ضمن أولوياتك خلال الحمل. ولكن بعد الولادة يبدو الأمر واردًا، لا سيما أن الرياضة تساعدك على إعادة بناء عضلاتك. في مطلق الأحوال، من الضروري أن تناقشي مسألة التمارين الرياضية عندما تزورين طبيبك بعد تأكيد الحمل. استثناءات تضمن الاستثناءات مختلف أنواع الرياضة التي تعرّض الحامل لخطر الإصابة بالصدمات أو السقوط، ومن ضمنها نذكر: - الرياضات الجماعية: ككرة السلة وكرة اليد والكرة الطائرة... لا تتطلب هذه الأنواع الركض فحسب، إنما التوقف في شكلٍ فجائي والاحتكاك الجسدي القاسي مع لاعبي الفريق الآخر. ويُشار إلى أن كرة المضرب تشكل جزءًا من الرياضات الجماعية التي يحظر على الحامل ممارستها لأنها تتطلب ذهابًا وإيابًا قاسيين قد لا يناسبا وضعها. - التزلّج واستعمال المزلجات وركوب الخيل وتسلّق الجبال: باختصار، مختلف أنواع الرياضة التي قد تعرّضك لخطر السقوط. - الرياضة القتالية: ومن بينها الجودو والملاكمة التي تعرّض المرأة لضربات. - أنواع الرياضة القاسية: كتدريب القلب والأوعية الدموية والستيب والأنواع التي ترمي إلى تسريع دقات القلب عن طريق اعتماد حركات إيقاعية. - الغطس: يُمنع على المرأة الحامل ممارسة الغطس لأن انقطاع التنفس الموقت يضرّ بالجنين. - الهرولة: أحد التمارين التي يُفضل الامتناع عن ممارستها أثناء الحمل فكلّ خطوة تحدث ترنحًا من دون أن ننسى خطر الالتواء المحتمل. لكن من المسموح ممارسة المشي السريع خلال أشهر الحمل الأولى، لا سيما على آلة المشي فالأرض الخراسانية تبقى أصلب وأكثر ضررًا بالمفاصل. رياضات مسموحة السباحة: يمكن للحامل ممارسة السباحة حتى نهاية حملها أو حتى الأشهر الأخيرة منه، حتى وإن لم تكن ممن اعتدن ممارسة الرياضة، فالسباحة تساعدها على الاسترخاء. عندما تسبحين، تمرّنين إيقاع قلبك في شكلٍ تصاعدي من دون أن تضري بالمفاصل. عندما يستدير البطن ويظهر، تساعدك المياه على نسيان وزنك الزائد بفعل الاسترفاع المائي. ولكن طبعًا لا داعي للسباحة بعيدًا خوفًا من الإصابة بتشنج ما. يمكنك أن تحضري صفوفًا خاصة وأن تستمري في المشاركة في صفوف الرياضة المائية العادية، على أن تمارسي بعض التمارين في شكلٍ أخفّ. المشي: تُنصح الحامل بالمشي وفقًا لأشهر حملها على أن ترتدي حذاءً مريحًا وأن تتناول وجبةً قبل الخروج وأن تشرب المياه أثناء المشي (قواعد لا بدّ للمرأة أن تتبعها عموماً). بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تحرصي على ارتداء ملابس واسعة مريحة والابتعاد عن الملابس الضيقة، لا سيما حين يبدأ البطن بالظهور. الدراجة: قد تتعرض المرأة عند ركوب الدراجة لخطر السقوط، إلا أن هذا الخطر يبقى محدودًا. لذلك يُسمح لك بالاستمرار بممارسة هذا النوع من الرياضة إذا كان ضمن هواياتك المفضلة. لا شكّ في أنك ستصلين إلى مرحلة تجدين بطنك عائقًا يمنعك عنها، إلا أن ركوب الدراجة خلال فترة كبيرة من الحمل لا يطرح أي مؤشرات عكسية. ولكن من الضروري الانتباه إلى الدورة الدموية والابتعاد عن المنصات الخطيرة والطرقات الجبلية الوعرة، لا سيما عندما يستدير البطن ويظهر. الجمباز الخفيف: يمكنك أن تحضري صفوف جمباز خلال فترة طويلة من حملك حتى وإن بدت الساعة مدة طويلة جدًا خلال الأشهر الأخيرة. مارسي الجمباز لنصف ساعة ولمرات عدة أسبوعيًا للاستفادة من حركات مناسبة وتحمية جسدك والتمدد. تُنصح المرأة الحامل بالمشاركة في صفوف «بيلات» تحت إشراف مدرب. اليوغا والتمدد: على غرار الجمباز الخفيف، يمكنك ممارسة اليوغا والتمدد والقيام ببعض الحركات الآسيوية كالتاي شي من دون أن تتعرّضي لأي خطر. فالنعومة والتمدد والاسترخاء تساعدك على الجلوس في وضعية مريحة بينما تحافظين في الوقت عينه على شكلك وصحتك. الرقص: من الممكن الاستمرار في الرقص الكلاسيكي وبعض أنواع رقص الصالونات على أن تتجنبي الوضعيات الخطيرة وتتلزمي الحذر عند ممارسة بعض أنواع الرقص الإيقاعي. لكن حذار القلق، فلن ينزعج طفلك إذا استمتعت بالرقص الإيقاعي أو برقص الروك الجنوني في أحد حفلات الأعراس. احرصي على الرقص للمتعة على أن تأخذي ظروفك ووضعك دائمًا بعين الاعتبار. الظروف تؤدي الظروف التي تمارسين خلالها الرياضة دورًا مهمًا. من هنا لا بدّ من تجنب ممارسة الرياضة عندما تزيد الحرارة في شكلٍ مطرد. ويتعين عليك أن تتناولي وجبةً قبل البدء بممارسة الرياضة لأنك عرضة أكثر من غيرك للتشنج، لذلك ينبغي أن تتبعي نظامًا غذائيًا سليمًا مع عدم إهمال الفيتامينات، لا سيما البوتاسيوم. أما إذا كنت نباتية، فمن الأفضل مراجعة الطبيب للتأكد من وجود مختلف أنواع العناصر الغذائية الضرورية لنمو الجنين وللحفاظ على صحتك والوقوف على قدرتك على الاستمرار في ممارسة الرياضة وقد ينصحك الطبيب بتناول بعض أنواع المكملات طوال فترة الحمل. في ما يتعلق بشرب المياه أثناء ممارسة مجهود معين، فهو رد فعل طبيعي لدى الرياضيين وأمر طبيعي جدًا لدى الحامل. هنا لا يُشار إلى أنه ليس ضروريًا متابعة صفوف خاصة بالحوامل، فالأساتذة من حملة الشهادات تلقوا تعليمًا مناسبًا يخوّلهم معرفة أنواع الحركات التي يُستحسن للحامل أن تمتنع عن ممارستها. إذا قررت ممارسة الجمباز وحدك في المنزل كأن تستخدمي شريطًا مصورًا، ينبغي أن تتأكدي أن الخطوات تلائم وضعك الجديد. متابعة وحدس تساعدك التمارين الرياضية التي تلائم ظروف الحمل في الحفاظ على بنية عضلية جيدة، لا سيما في منطقة البطن، وتحسّن من الدورة الدموية في الشرايين التي غالبًا ما تطرح بعض المشاكل لدى الحوامل. أثبت بعض الدراسات أن ممارسة الرياضة أثناء الحمل تسهّل من عملية الولادة في شكل غير مباشر، خصوصًا أن النساء اللواتي يمارسن الرياضة يتمتعن بنمطٍ تنفسي أفضل من المعدل المتوسط. لا شكّ في أن هذا الخبر، سيشكل عنصرًا محفزًا يدفع مختلف النساء إلى ممارسة الرياضة، إلا أن ذلك لا يلغي حقّ كل امرأة بالاستفادة من فترة حملها لتستريح من دون أن تشعر بأي ذنبٍ. بعيدًا عن النصائح جميعها، لا بدّ من العودة أحيانًا إلى الأساسيات. أنت من ينتظر الطفل وأنت من سيشعر أولا بالتغيرات. لا تتركي اليأس يتغلب عليك ولا تلغي القلق نهائيًا من حساباتك، ننصحك بالتعقل واتباع حدسك لمعرفة ما يناسبك وطفلك، ونعني بالحدس ذلك الشعور الخفي الذي تملكه النساء كافةً. في حال تعرضت لأمرٍ معين أو تبادر إلى ذهنك سؤال معين، حاولي اللجوء إلى محيطك أو إلى خبير للحصول على الجواب الشافي. علاوةً على ذلك، تمنحك مراجعة الطبيب النسائي أو القابلة القانونية أو الطبيب في شكلٍ دوري بعض الطمأنينة والراحة. ليست التمارين الرياضية أمرًا ممكنًا فحسب إنما ينبغي أن تثير اهتمام المرأة الحامل أيضًا. عند اتخاذ التدابير المناسبة، ستمر الأمور كافة على أفضل ما يرام. ولا بدّ هنا من أن نعيد ونكرر أن الحمل ظاهرة طبيعية لا تتطلب غالباً راحةً تامة. حسنات نفسية لا تقتصر حسنات ممارسة التمارين الرياضية أثناء الحمل على الناحية الجسدية، بل تتخطاها إلى الناحية النفسية. نعلم جميعًا أن الدماغ يفرز مواد كيماوية تحسّن من صحتنا وعافيتنا ومزاجنا، ما يساعد المرأة التي تبدو عرضةً للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. عند اختيار ممارسة رياضة معينة، تقرر المرأة في الوقت عينه أن تمنح نفسها فرصة الاسترخاء والتمدد وتخصيص الوقت لنفسها، وهو أمر مهم جدًا للمرأة سواء كانت حاملا أم لا، ويأخذ أبعادًا جديدة عندما ينمو الجنين ويبدأ بالحركة لتشعر بالتالي بحوار جسدي بينهما. أخيرًا، في حال كنت لا تمارسين الرياضة، يمكنك المشاركة في صفوف الإعداد للولادة والتي تتألف من الاسترخاء والتحضير النفسي والمخاطر التي قد تختبرينها أثناء الوضع. غير ذلك، عندما تتواجدين مع نساء حوامل أخريات، ستحظين بفرصة الإطلاع على مخاوفهن مما يخفف من مخاوفك الشخصية. تعتمد هذه الصفوف على السوفرولوجيا (تقنيات تنفس وتخيل محددة) وغالبًا ما تكون مفيدة لممارسة تمارين بسيطة عند الشعور بالقلق.
