تابعت بكامل المتعة والتركيز سلسلة الحلقات التوثيقية في أسماء في حياتنا للاستاذ عمر الجزلي عبر تلفزيون السودان والتي صحبت سيرة الرمز الوطني والنسائي الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم. الحلقات بالاضافة لقيمة المضمون الوثائقي لسيرة امرأة سودانية في قامة فاطمة ابراهيم لمست فيها تطوراً ملحوظاً في طريقة اداء البرنامج واخراجه وتنويع المشاهد واللقطات والانتقال من حالة الحوار الى حالة السرد البصري للزمان والمكان (العباسية ، مدرسة أم درمان القديمة) ثم شهادات لمعاصرات شهدن ولادة الاتحاد النسائي كمحاسن عبد العال وزكية مكي ومن الاجيال التي تربت على تراث الحركة النسائية الاستاذة آمال عباس العجب. أسماء في حياتنا في حلقات فاطمة أحمد ابراهيم اختلف في طريقة معالجة الشخصية فقط من باب الحوار المباشر الى استصحاب عناصر تكوين الشخصية المراد التوثيق لها وأهمها مشهد العصر الذي عاشته فاطمة وتوهجت من خلاله وأعطت في سياقه وهذه هي القيمة الحقيقية للبرنامج حتى يصبح شهادة على العصر. غنى وتنوع شخصية فاطمة ابراهيم اعطى البرنامج هذه المقومات ثم تلك المشاهد التي تقرب من الدراما حينما تجولت الكاميرا في منزل الاسرة بالعباسية والمنزل خالٍ من الأحباب والأهل وهي تجلس وحيدة تتوسط المكان وتبكي. كانت لحظات مشحونة بالشجن والمغزى لامرأة عاشت نصف قرن تناضل وتحاول أن تكتب اسمها بالدمع والمعاناة على صحائف التاريخ. فاطمة المعلمة ومعلمة الاجيال ايضاً استطاعت الحلقات ان تكشف عن هذا البعد في شخصيتها ثم التوثيق لاول اضراب قادته طالبات مدرسة ام درمان وهو الاضراب الذي صار لاحقاً نواة لظهور الاتحاد النسائى. تحدثت فاطمة عن دعم والدها لها في مسيرة نضالها وكيف مثَّل لها ذلك الوالد المستنير درعاً واقياً من نظرة المجتمع التي لم تكن في ذلك العهد والأوان تعترف بأي دور للمرأة غير ان تكون زوجة وربة منزل. كما تحدثت عن الدور الوطني لصلاح أحمد ابراهيم وهو طفل يخط المنشورات ضد الانجليز. الحلقات تعد سجلاً تلفزيونياً مصوراً لملامح من التاريخ الاجتماعي والوطني لعب فيها الاعداد والاخراج وحسن اختيار الضيف عاملاً حاسماً من عوامل النجاح. تبقى أن تتبع هذه السلسلة الناجحة حلقات أخرى تستكمل التوثيق لمسارات الحركة النسائية في بواكير القرن الماضي خاصة وأن معظم رموزها يتمتعن بحضور ذهني متقد وفعال كالأستاذة نفيسة المليك وحاجة كاشف بدري ومحاسن عبدالعال. ثم ان التفريق بين ما عرف بالاتحاد النسائي واتحاد نساء السودان «على أيام نميري» مهم لأن الاجيال المعاصرة تخلط بين هذين التنظيمين وهما على اختلاف واضح، فالاول ظل كياناً أهلياً ديمقراطياً مستقلاً.. والاخير نما وترعرع في كنف مايو.