الموت يغيب خبير التحكيم عثمان أحمد البشير برغم هلاليته لكنه كان يملك علاقات واسعة مع الأسرة المريخية غيّب الموت صباح أمس خبير التحكيم والرياضي المطبوع عثمان أحمد البشير بعد حياة طويلة وحافلة بالبذل والعطاء واجه من خلالها الراحل محنة المرض بصبر وجلد وظل الراحل محبوباً من كل ألوان الطيف الرياضي برغم أنه لم ينكر عشقه للهلال لكنه وفي آخر حوار أجرته معه الصدى في رمضان قبل الماضي تحدث عن العلاقات الواسعة التي تربطه مع الأسرة المريخية لذلك زرف الرياضيون الدمع السخين على رحيله المر في هذه الأيام المباركات، الصدى تعيد آخر حوار نشرته مع الراحل عبر السطور التالية. بعت منزلي وأرقام هواتفي المميزة من أجل العلاج ولم أجد غير الوالي والحكيم أصدقائي في المريخ أكثر رغم هلاليتي ولا يوجد أي خبير تحكيم في السودان غير شخصي وحكمين فقط لم أظلم المريخ طيلة مسيرتي رغم هلاليتي والأزرق تضرر مني كثيراً أتمنى أن تستقبل داري رئيس الجمهورية .. وأصبحت بعيداً عن الوسط الرياضي بسبب ظروفي الصحية. * نريد أن نقف على رحلة عثمان أحمد البشير في مجال التحكيم؟ بالمناسبة، أنا دخلت التحكيم بالصدفة، وزارني أحد الإداريين بنادي الهلال وطلب مني دخول كورس تحكيم ووافقت بلا تردد ومن هناك بدأت انطلاقتي كحكم درجة ثالثة حتى نلت الشارة الدولية عام 1984 وأدرت 48 مباراة دولية، وشاركت في خمس بطولات كبرى مثل أمم أفريقيا بدرجة حكم مراقب، ثم مراقباً في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وسكرتير لجنة التحكيم بالاتحاد السوداني لكرة القدم، ونلت شرف إدارة ثماني مباريات قمة . * هل قدمت لك أي رشوة في مسيرتك كحكم؟ كانت هناك العديد من المحاولات لتقديم الرشاوى لي من قبل عدد من الأندية الأفريقية، لأن التحكيم الأفريقي معروف للكافة، لذلك تعتمد الأندية الأفريقية في نيل البطولات على شراء الحكام، لذلك قاومت كل الإغراءات ورفضت تسلم أي رشوة . * كيف يكون الأسلوب في التفاوض على الرشوة؟ هناك أكثر من أسلوب ولكن من أشهر المواقف كان هناك شخص في الاتحاد الرواندي لكرة القدم متخصص في تقديم الرشاوى وكثيراً ما يلعب دور الوسيط بين الأندية الرواندية والحكام الأفارقة في تقديم الرشاوي، وعرض على رشوة ومعي الأخ شمس المعارف بخيت ولكني لقنته درساً قاسياً وأكد له أن زميلي شمس المعارف موظف كبير في بنك السوان، وأننا لن نسكت على هذه القضية وسنصعدها للكاف، لكن تدخل الوسطاء واكتفينا برفض الرشوة . * التحكيم الأفريقي المرتشي، كلمة نسمعها كثيراً ما مدى صحتها؟ مرتشي ونص وخمسة، بالمناسبة أنا شطبت حكمين عندما كنت مراقباً في إحدى المباريات الأفريقية، ومعي من الحكام السودانيين السر محمد علي وفيصل سيحة . * حتى التحكيم في السودان أصبح يثير سخط الأندية وهناك الكثير من الهجوم على لجنة التحكيم المركزية؟ نجاح الحكام يعتمد على لجنة تحكيم قوية وعندما كنت أتولى إدارة لجنة التحكيم المركزية مع الراحل الطاهر محمد عثمان أسأل الله له الرحمة والمغفرة كنا نتخذ مواقف صارمة ضد الحكام حال الوقوع في أي خطأ وأذكر جيداً مباراة قمة كان الحكم فيها من المسعودية وكان حكم درجة ثالثة لكنه كان متميزاً للغاية فطلبت منه أن يدير مباراة القمة, وكان اختياره مصدر مفاجأة للجميع لكنه استطاع أن يدير تلك المباراة بدرجة امتياز وكان كل استفسار الصحافة عن هذا الحكم ومن أين جاء، وقمت بالرد على أسئلة الصحفين وأكدت لهم أن هذا الحكم من تنزانيا . * أسوأ مباراة أدرتها؟ مباراة بين المريخ والتحرير أعترف بأنني لم أكن موفقاً فيها على الإطلاق، وكذلك لم أكن موفقاً في عدد من المباريات الأفريقية خاصة مباراة بين أوغنداوتنزانيا . * مباراة صعبة أدرتها؟ كانت مباراة قمة سبقتها حالة تعبئة لا مثيل لها وتخوف العديد من الحكام من إدارة هذه المباراة بالتحديد فطلب مني يحيى الطاهر المدير التنفيذي وقتها إدارة تلك المباراة ورفضت لكنه حلف (طلاق) ولم يكن أمامي أي خيار غير إدارة تلك المباراة . * مواقف لا تنسى في مباريات القمة؟ في إحدى المباريات كان المريخ متفوقاً على الهلال في الشوط الأول بهدفين دون رد وكانت هناك ضربة حرة غير مباشرة للمريخ تصدى لها عاطف القوز ولم أقم برفع يدي وبالتالي أصبح من حقه أن يسدد في المرمى مباشرة ومن منطقة بعيدة أسكنها الشباك، وكان هدفاً صحيحاً ولكنني لم أحتسبه، وبعد المباراة جاءني رئيس المريخ عبدالحميد الضو حجوج في منزلي واستفسرني لماذا لم أحتسب الهدف الثالث للمريخ فقلت له اتنين كفاية انت داير الحكاية تجيب ليها شغب، فضحك كثيراً وقبل بتبريري . * الأسرة، أي فريق تشجع؟ بالمناسبة كل أسرتي تشجع الهلال، وزوجتي الراحلة سكينة محمد الجزولي كانت أول امرأة تعمل في مجلس إدارة نادي الهلال . * هلاليتك هل تسببت لك في عدد من المواقف مع أهل المريخ؟ عندما فاز المريخ ببطولة سيكافا كان عبدالصمد محمد عثمان مدير الكرة بالمريخ وطلب مني التواجد معهم في البطولة، وكنت مراقباً للحكام في تلك البطولة وحذرتهم بشدة من ظلم المريخ ووفرت حماية كبيرة للأحمر من التحكيم المرتشي، وفي إحدى المناسبات تحدث عني عبدالصمد في حضور جمال الوالي حديثاً طيباً وقال إن هذا الرجل كان له دوراً كبيراً في فوز المريخ ببطولة سيكافا . * هل كان هناك أي اعتراض من الأسرة على دخول زوجتك العمل الرياضي بالأندية الرياضية؟ زوجتي من أسرة شهيرة وجدها أبوسن، وعندما دخلت مجال التحكيم حضر جدها في منزلي واعترض بشدة على دخولها العمل الإداري ولكني شرحت له الأسباب التي جعلتني أوافق على عملها في نادي الهلال ووجدت صعوبة تامة في إقناعه . * لماذا اعترضت أسرة زوجتك بهذه الصورة؟ لأنها كانت تسمع هتاف الجماهير في المدرجات (سكينة، سكينة) وكانت ترى أن ذكر اسم زوجتي من قبل الجمهور الذي يعترض على إدارتي للمباريات إساءة للأسرتين . * نريد أن تحدثنا عن صراعك الطويل مع المرض؟ كانت رحلة طويلة ومرهقة عانيت فيها معاناة لا مثيل لها بسبب مرض السكري وتم بتر أقدامي ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، أنا الآن أعاني من كسر في الظهر . * كيف تمكنت من مقابلة منصرفات هذه الرحلة الطويلة؟ الأمر كان صعباً للغاية ولم أجد أمامي أي خيار غير بيع منزلنا وبرغم أن هذا القرار كان صعباً للغاية لكن كان لابد منه لأنني تنقلت في العلاج بين عدة عواصم عربية وأوروبية من بينها لندن، ولم تكن الأموال التي تحصلت عليها من بيع منزلنا كافية لمقابلة كل المنصرفات وحتى أرقام هواتفي المميزة وجدت نفسي مجبراً على بيعها، مثلما بعت كل أجهزة الهواتف التي كنت أمتلكها، وكل ذلك من أجل مقابلة منصرفات العلاج . * هل هناك أي شخص في الوسط الرياضي وقف معك؟ لم يقف معي أي شخص غير الرجل الكريم الفاضل جمال الوالي، وحكيم أمة الهلال طه علي البشير . * هل هناك أي تواصل بينك والوسط الرياضي؟ محدود للغاية، ولا يعدو عن كونه زيارات تفقديه من أشخاص معدنهم أصيل لم يغيرهم الزمن . * أكثر الشخصيات الرياضية تواصلاً معك؟ محمد إلياس محجوب وجمال الكيماوي وعلي عثمان وعبدالرحمن يحيى وطه علي البشير . * ماذا أنت قائل للذين وقفوا معك، وللذين لم يقفوا معك؟ أقول للرجل الكريم الفاضل جمال الوالي الذي تولى علاجي في لندن أشكرك كثيراً على هذه المبادرات التي تعتبر جزءاً من أصلك الطيب وإنسانيتك التي شملت الجميع، أما حكيم أمة الهلال طه علي البشير فأنا عاجز عن شكره لأنه بدرجة صديق شخصي بالنسبة لي وتربطني به صلة رحم وقرابة ولذلك وقف معي وقفة رجال، أشكره عليها كثيراً، أما الذين لم يقفوا معي فأنا أعذر كل من حالت ظروفه دون ذلك، وبالمناسبة أشرف الكاردينال رئيس نادي الهلال ورغم هلاليتي ورغم أن زوجتي عملت في نادي الهلال لم يكن له أي دور في علاجي . * نلاحظ من الأسماء التي ما زالت على تواصل معك أن علاقتك مع أهل المريخ مميزة؟ بالمناسبة، رغم هلاليتي علاقتي أكثر تميزاً مع أهل المريخ وغالبية أصدقائي يدينون بالانتماء الصارخ للأحمر، وما زالوا يحرصون على زيارتي في داري، والغريب في الأمر أن غالبية الأهلة ابتعدوا عني . * هل انتهى تواصلك مع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم؟ كنت وحتى وقت قريب متواصلاً مع عيسى حياتو والذي قابلني عندما زار السودان وأكد لي أن الاتحاد الأفريقي بصدد تكريمي، وكان هذا الحديث بحضور الأستاذ مجدي شمس الدين سكرتير اتحاد الكرة والذي كان سعيداً بهذا الخبر, وكلفه الكاف بأن يتولى هذا الأمر، لكن للأسف مجدي لم يعمل على تكريمي حتى الآن . * وظائف شغلتها في مسيرتك المهنية؟ كنت موظفاً في بلدية الخرطوم وفي عدد من الشركات، وكنت مدير العلاقات العامة في شركة الكوكولا وبحكم منصبي جعلت الشركة تقوم برعاية مباراة الهلال أمام الوداد المغربي في نهائي أبطال أفريقيا وكان شعار الكولا على امتداد ملعب الهلال ووجدت تلك المبادرة القبول من الجميع والذي أستطيع أن أقوله أنني قدمت الكثير لنادي الهلال من أي موقع . * نلاحظ أن علاقتك مع شداد كانت متوترة في أحايين كثيرة؟ نعم، علاقتي مع شداد كانت ضعيفة ووقف ضدي في انتخابات الحكام في الاتحاد الأفريقي وسعى بشتى السبل من أجل سقوطي في الانتخابات رغم أنني من أبناء وطنه، ولكنني انتصرت ولكن شداد بصورة عامة صديق شخصي بالنسبة لي ولدينا تواصلاً على مستوى الأسر، وعبر الصدى أرسل له رسالة خاصة جداً وأقول له رمضان كريم وكل سنة وانت طيب وأنا زعلان منك لأنك فترة طويلة ما سجلت لينا أي زيارة . لا يوجد أي خبير تحكيم في السودان غير شخصي والطاهر ومحمد الأمين. * ما هو رأيك في خبراء التحكيم في السودان؟ لا يوجد أي خبير تحكيم في السودان غير ثلاثة أشخاص فقط وهم الراحل الطاهر محمد عثمان ومحمد الأمين بابكر وشخصي الضعيف، وخبير ليس لقب تمنحه الصحافة لكل من هبّ ودبّ لكنها شهادة صادرة من الفيفا مكتوب عليها شهادة الخبراء . * هل مارست كرة القدم في السودان كلاعب؟ مارست الكرة في الحي وفي المدرسة فقط . * أي فريق تشجع؟ الهلال طبعاً. * هل حدث وأن ظلمت المريخ بسبب هلاليتك؟ لم يحدث بل العكس تماماً الهلال تضرر كثيراً من هلاليتي . * أمنية لم تتحقق؟ الصحة والعافية وأن تتشرف داري بزيارة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية . أصبحت بعيداً عن الوسط الرياضي * هل أنت متابع لما يدور في الوسط الرياضي؟ بصراحة أصبحت بعيداً عن الوسط الرياضي وأكتفي فقط بالمتابعة عبر الإذاعة والاتصالات مع عدد من الرياضيين، مثل عمر التوم وود الياس ومحمود محمد الأمين حامد وطه علي البشير وغيرهم. * تهنئة بالشهر الفضيل، لمن ترسلها؟ لأسرة الراحل الصديق العزيز الطاهر محمد عثمان اسأل الله له الرحمة والمغفرة . * منزل عثمان كان دوماً ما يحتضن كل الحكام، هل ما زال كذلك؟ كنت على تواصل شديد جداً مع الحكام لدرجة أن منزلي كان اسمه منتزه عثمان أحمد البشير وكان مفتوحاً لكل الرياضيين والحكام وكان إفطار الجمعة برنامجاً ثابتاً في منزلي ولكن الآن تغير كل شيء . * ماذا أنت قائل في خاتمة هذا الحوار؟ أشكر أسرة صحيفة الصدى كثيراً على هذا الحوار وعلى إعادتي للتواصل مع الوسط الرياضي، ورمضان كريم وتصوموا وتفطروا على خير..