أطلقت أسر سودانية من أصول شمالية وجنوبية، نداءً إنسانياً بعدم تفريق ذويها بعد الانفصال الذي بات مرجحاً. ودعت نفيسة أحمد التي تنتمي لأب من قبيلة المحس وأم نويراوية إلى استدامة العلاقات بين الشمال والجنوب. وأبدت نفيسة التي رضعت من ثدي الجنوب وترعرعت في منطقة بانتيو ومكثت تاريخاً طويلاً بأمبدة، مخاوفها من تشتيت أبناء الأسرة الواحدة بعد الانفصال، قائلة: «الحبل أصبح واهناً وأخشى أن ينقطع». وأضافت أن المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن انفصال الجنوب بات أمراً واقعاً، و»لكننا لن نستكين لهذا الأمر، وسنظل ندافع عن النسيج الاجتماعي التاريخي والأزلي، ولن نجعل التباعد والجفاء يتسيدان الموقف في المرحلة القادمة». وأكدت نفيسة أن تواصل العلاقات بين الدولتين سيكون أمراً لا مفر منه، لأن الكثير من الشماليين تزوجوا جنوبيات ولديهم أبناء ينتمون للدولتين «فكيف سيتم التعامل معهم»، وأبدت أملها في أن تترك الحكومة للجنوبيين بالشمال خيار البقاء أو الابتعاد بإرادتهم من دون اللجوء إلى إجراءات مشددة قد تلقي بظلال قاتمة على الأسر العتيقة التي تجمع بين رائحة النخيل والأبنوس، في إشارة للشمال والجنوب. وتابعت «نياكونق ديو جيكوك» والدة نفيسة، توسلات ابنتها برجاء آخر أطلقته بلغة النوير، قالت فيه إنها غير راضية عن ما يجري الآن في الشمال والجنوب، وأن الانفصال سيقع رغم أنفهم، وإنها ليست فخورة بالأجيال الجديدة التي ساعدت على فصل الشمال والجنوب. وقالت «نياكونق» التي كانت تتدثر بالثوب السوداني كعادة نساء الشمال: «كان الأجداد في الماضي يدافعون عن السودان الموحد». وأكدت «نياكونق»، أن الشماليين والجنوبيين عملوا سوياً لدحر الإنجليز حفاظاً على دولة موحدة تحت اسم السودان، لكنهم لم يتخيلوا يوماً أن يضيع جهدهم ونضالهم هباءً منثوراً، حسب تعبيرها. وارتفع صوت آخر لامرأة سودانية هي بديعة محمد عبداللطيف التي تنتمي إلى أسرة تضم أباً شمالياً وأماً جنوبية من دينكا قوبريال، مسقط رأس رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت. وتقول «بديعة»، 30 عاماً، إنها لا تعرف عن الجنوب الكثير، وإن معرفتها به سطحية للغاية، وإنها ارتبطت به من خلال سرد أمها لقصص طفولتها، مؤكدة عدم رغبتها في العيش بالجنوب لكن لديها أخوة بالمنزل يحلمون بواقع آخر وهو العيش في الجنوب، وإنهم يستمتعون لفكرة تكوين دولة مستقلة هناك. وتساءلت «بديعة»، التي تزوجت هي الأخرى من شمالي، عن مصير أهلها وهل سيكون الانفصال سبباً حقيقياً لتشتيت ذويها وتفريق أخوتها.