ü الانفصال معركة شرسة لابد للجنوبيين من خوضها، ولابد أن يواجه غلاة الانفصال عواصفها وأعاصيرها والسباحة في أمواجها العاتية- والآثار المدمرة التي ستلحق بالجنوب.. المعركة صعبة وشاقة ومن المستحيل أن ينتصر غلاة الانفصال بين عشية وضحاها في ظل التواجد القبلي الذي يتحكم في مصائر الكثير من القضايا بالجنوب لذا يحتاج استقرار الجنوب لسنوات وجهد كثير. ü غلاة الانفصال لا يبصرون لسانه أطول من أرنبة أنفهم، لذا فهم يرفضون النظر إلى الأمام وبالتالي إلى المستقبل وعقلية بهذه النوعية تخسر الأمس والغد، والنتيجة أنه في حالة نجاح الجنوبيين في تكوين دولة وليدة بعد الاستفتاء سيكون شكل الدولة في هيئة مخلوق لا ملامح له. لذا فالدولة الوليدة ستواجه تحديات وصعاب تعجز حالها الوقوف على أرجلها، ولن تصبح ذات كيان ثابت لتنضم إلى صفوف الشعوب والأمم. ü استمر الشمال وحكومة الخرطوم بنبذ فكرة الانفصال.. الموقف نابع من نظرة تاريخية ويرى أن وراء الدعوة للانفصال مؤامرة كبرى يتبناها أعداء السودا في الخارج.. ولم يفطن قط غلاة الانفصال ودعاة التحرر من الشمال كما يحلو لهذه الفئة من الجنوبيين أن تتمسك بهذا المفهوم، وترى أيضاً أن الشمال بمثابة استعمار حلَّ على الجنوب وجعل مواطنيه من الدرجة الثانية.. الموقف السياسي الجنوبي تكشفت ملامحه خاصة وأن ما تبقى على إجراء الاستفتاء ثلاثون يوماً.. ويعلم الجميع بأن حكومة الشمال ومواطنيه يكنون الاحترام الكافي لرغبة المواطن الجنوبي الذي لم ينعم طيلة خمسة سنوات من عمر نيفاشا وحتى الآن بثمرة السلام والاستقرار الذي أتى بعد التوقيع على اتفاق نيفاشا.. والجميع يقول لا لرغبات غلاة الانفصال التي تنطلق من هذه الفئة النشاز لإشباع رغبتهم وتحقيقاً للأهداف الشخصية وحباً للسلطة والوجاهة السياسية والدبلوماسية مع حب البقاء تحت الأضواء.. لا للانفصال مادام وراءه مؤامرات لتمزيق السودان وتشتيت شبعه وطمس هويته وكسر إرداته. ü الآن بدأت أصوات الغلاة تنخفض وما عادت الصيحات مصحوبة بالحدة والتوتر والتشنج.. يبدو أن هنالك صحو ضمير، وأن الساسة المتشددين من الجنوبين أدركوا أن الانفصال الذي ينشدونه يخفي بين جنباته حزمة من المخاطر والتداعيات الخطيرة تهدد دولة الجنوب الوليدة التي يحلمون بها، فتداعيات الانفصال لا تحترم رغبة المواطنين الجنوبيين. رفضت حكومة الجنوب وقياداتها وضع الترتيبات اللازمة قبل إجراء الاستفتاء.. وأصرت على أن يجري الاستفاء في موعده حسب ما حددته بنود نيفاشا.. فترسيم الحدود ومعرفة توازن القوة.. وازدواجية الهوية.. مشاكل مناطق التماس.. ومسألة ديون السودان.. وعملية تقسيم حصص النفط وتأمين مناطقه.. والسياسة الخارجية، والتنسيق في كيفية التعامل بملف المياه والتعايش السلمي لمواطني الشمال في الجنوب وملايين الجنوبيين المنتشرين في الولايات الشمالية، وصيغة التعامل في المجالات الثقافية والتجارية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من المعاملات التي استمرت عقوداً من الزمن تحت مظلة السودان الموحد ماتزال قنابل موقوفة في انتظار الانفجار، فهل فكرت القيادات الجنوبية في ذلك.. ü مشكلة أبيي الكبرى.. القنبلة الموقوتة وكيفية رأب الصدع بين قبيلة المسيرية وقبيلة دينكا نقوك.. فالقبيلتان ظلتا تتعايشان في المنطقة في جو يسوده الوئام والأمان وبينهما علائق مصاهرة ومنافع منذ عقود من الزمن.. أما الزوبعة القائمة حول منطقة أبيي فهي حديثة الولادة، وجاءت بعد نيفاشا، بعد أن تبنى الشعبية الذين ينتمون للمنطقة.. ولم تنبع أهمية أبيي إلا بعد أن اكتشفت الدراسات والبحوث أن المنطقة تعوم فوق بحيرة من النفط. ü عموماً.. نقول: أبعد كل هذه الأسباب والتداعيات مازال قادة الجنوب يفكرون في الانفصال عن إخوتهم في الشمال.. وإذا كان البعض يطمع في موقع وظيفي، فهاهو الجنوب يتمتع قادته وساسته بمواقع قيادية في الشمال وحكومة بكاملها في الجنوب.. واستقرار مشهود لمواطنيه، واستمتاعهم بكل ما يجود به الشمال مشاركين فيه بالتساوي لإخوتهم في الشمال.. فماذا بعد ذلك؟. ü وهنا وطبقاً للواقع وتحركات الأيادي السوداء التي تعبث بملف الجنوب وتوجيه أنظاره إلى الانفصال طمعاً في خيراته ومخزونه الاستراتيجي من النفط، والثروات المتنوعة.. فهل يفكر الساسة الجنوبيون بعقلانية في مزايا الوحدة ومخاطر الانفصال.. المنطق يقول إن المخاطر والتداعيات المدمرة ستكون وبالاً على الجنوب ومواطنيه.. ويرى المتفائلون ضوءاً يحمل بشريات الوحدة يظهر رويداً رويداً من وسط ظلام الانفصال الدامس.. فهل يفعلها سلفاكير ويعلن الوحدة من ميدان ضريح الراحل د. جون قرنق، ويلقن أعداء الجنوب أولاً والسودان ثانية درساً في الوطنية وأنه مهما كانت هنالك خلافات في وجهات النظر في وطن ما فيظل رابط الوحدة هو الرباط المقدس بين جميع أبنائه، وبهذا يثبت للعالم أجمع لا «جنوب بلاشمال ولا شمال بدون جنوب».. الجميع في انتظار القرار المدوي لسلفاكير وهو يعلن الوحدة ويقول «وطن واحد شعب واحد».