خبز وماء .. بن علي لا... «Mont a Ben Ali» (الموت لابن علي) بل لا تفسير لهذه المقاطع الا ذهاب بن علي الى مثواه الحتمي.. ويظل السؤال: هل هذا الشعب من ذاك الشاعر؟ الذي قال يوما ما.. اذا اراد الشعب يوما الحياة٭٭ فلا بد ان يستجيب القدر ولابد لليل ان ينجلي ٭٭ ولابد للقيد ان ينكسر هل قرأ ابو القاسم الشابي حالة اليوم قبل مئات السنين ام ان طينة الشعوب لا تتغير «ذرية بعضها من بعض» - صدق الله العظيم، وما اكثر القراءات التي تفسر جنيات الشعوب.. ولكن الحكام لا يفهمون، وها هو المثل السوداني جاء معبرا ومذكرا للذين لا يتذكرون (كان راس اخوك زينو .. بلّ راسك).. وما اكثر الانظمة والحكام الذين ينتظرون (الزيانة) من شعوبهم، فما حدث في تونس في ليلة وضحاها يتطلب التدبر والقراءات بعمق.. فالفساد الذي استشرى وطال حياة الناس في كثير من البلدان العربية، فانتشرت المحسوبية والظلم، وتحولت الدولة ومؤسساتها الى قبائل واسر واقرباء بفعل السلطة والقوى البوليسية وقهر السواد الأعظم ، فأصبح الخبز والماء اندر من لبن الطير.. فكان هذا الهتاف الذي ابتدرنا به مقالنا ولما لا يكون فالشعوب تكابد من اجل الخبز والماء من اجل استمرارية الحياة وديمومتها... حينما نقلت قناة الجزيرة الحدث من بدايته كشاهد لمؤسسة فاعلة ومدركة لدورها الاعلامي، بل اضحت عيناً ولساناً للعديد من الشعوب المحنطة التي ترزح تحت انظمة الحكم السلطوي، وتحت افراد القبيلة بأصغر وسيلة اتصالية تقنية وهي (الموبايل) وليس احداثيات (الكمرات) المتخصصة، بل عزز الموبايل المقولة المأثورة ان العالم اصبح قرية، بل اصبح (ضل ضحى) مكشوف وخالي من كل الحواجز والموانع الطبيعية وكذلك الموانع السلطوية من قمع وارهاب وتخويف، بعد ان زجت هذه الشعوب في حظائر مشيكة بالمراقبة والتخويف والضرب والزج في غياهب السجون، فالحالة التونسية ليست قاصرة على هذه المساحة الخضراء التي تسمى تونس بل حالة متفشية ومنتشرة في العديد من البلدان العربية والاسلامية، والتي حولت شعوبها الى سوام من الضأن والماعز البلدي فالوهن والضعف الذي اصاب الناس في البلاد العربية فهو حالة عارضة وزائلة، بفعل الزمن والايام، فمن كان يظن ان يكسر هذا الشعب القيد الحديدي وينتفض ولكنها ارادة الشعوب ان ارادت الحياة والاستمرار لان القهر والتعذيب والضرب ، لن يجعل الشعوب تستكين وتروض فما حدث للاسلاميين في الثمانينيات في تونس من تكيل وتعذيب ونفي لعله ما زال ماثلا وحاضرا وما زال (الغنوشي) واخوته على قيد الحياة فما حدث لهم كان مؤشرا بما حدث ليلة (الجمعة) التي كانت فاصلا لواحد من انظمة القهر والاستبداد والاستعلاء على الشعوب في تونس بل رسالة مكتملة الجوانب وبالمجان لكل الانظمة التي ما زال بعض جلاديها يرون ان العصا الغليظة هي الوسيلة الوحيدة لجعل شعوب طائعة مؤدبة، وكما يقولون فلكل بداية لابد لها من نهاية.. ولكل حدث حديث.. ولكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه كما العالم الفيزيائي اسحق نيوتن، كما ان ليل الظلم قصير وان طال وتكالبت عليه (الإحن).. فالموت الذي قابله الشعب التونسي بفرح غامر زف فيه عدد من شبابه الذي دفع روحه مهرا للفكاك من الظلم والطغيان ، بل ذهبت ارواحه الذكية فداية للعدل والحرية.. فالفجر الذي اشرق في تونس، عم ضياؤه كل الشعوب المحبة للعدل والحرية والسلام، بل اضاء طريق الحرية المفضي الى دولة العدل والديمقراطية .. فالفجر الذي اشرق في تونس ، اشرق نبراسا لكل الشعوب العربية التي ما زالت ترزح في قبضة الانظمة السلطوية ان تحذو حذوها، وذلك بالخروج عن «القطيع» ونبذ الذل والهوان والفقر استشراقا لغد مفعم بهواء الحرية والعدل والمساواة للجميع وليس للفرد او القبيلة.. وصدق اهلنا في قبيلة (الهبانية) حينما قالوا البلدان اربعة مكة العزاها الله ومصر ام الدنيا وتونس الخضراء والكلكلة حقتنا دي» والكلكلة هي «برام» ارض الهبانية الجميلة فصدق قولهم وعقبال للبقية!! ومادوا في مدح الكلكلة وقالوا ما ليها ملكا فيه الرزِ وورل كبير ما بفزِ ... لكن ورل تونس فزا أي هرب الى مكة العزاها الله ولم يحضر نقارة الكلكلة الصوته يرنَّ دزِ..!!.