فى هذه اللحظات التعيسة فى تاريخنا والجنوب يودعنا بإرادته مفضلا الفراق على الوحدة واختار ان يترك البيت الكبير (السودان) الذى عشنا فيه سويا ليقيم دولته .... نشعر بحزن عميق ونحن نفارق اخوة لنا عشنا معهم الحلوة والمرة ...... ولكل من يعرف الجنوبيين يعرف ان خيار الانفصال هو خيار الطبقة المثقفة الجنوبية وهى التى رفعت شعاراته وبشرت بها وهذا نابع من احقاد دفينة تحملها هذه الطبقة ضد نظرائهم فى الشمال بلا مبرر غير عقد نفسية وشعور بالنقص لن يزيله الانفراد بحكم دولة جديدة وما اريد ان اعبر عنه هو الخذلان الذى اصابنا نحن الذين آمنا بطرح الحركة الشعبية للسودان الجديد .. السودان الديمقراطى الحر وصدقنا طروحات الحركة التى تابعناها منذ مولدها فى 83 ونضالها من اجل سودان واحد حر ديمقراطى اشتراكى فبهرتنا هذه الشعارات وتعاطفنا معها وكم شدنا ذلك الاسمر ذو الكاريزما المميزة جون قرنق دى مبيور ورفعه لمبادىء كنا نتوق اليها ونتطلع لتحقيقها وكان بروز الحركة الشعبية دافعا لنا فى الشمال لتصعيد النضال ضد نظام مايو حتى تمكنا من الاطاحة به، وانتظرنا بعد ابريل كثيرا لينضم لنا ذلك القائد الاسمر وحركته لنبنى سويا سوداننا الجديد وكم كانت صدمتنا كبيرة عندما جاء تقييم الحركة لانتفاضتنا العظيمة بأنها مايو 2 وفى ذلك الحين لم نتوقف كثيرا امام تقييمهم ولم نفهم يومها ان الحركة لم تكن صادقة ابدا فى دعوتها للسودان الجديد والذى كان فى انتظارها بعد ابريل فرفضته فقد كانت ترنو لسودانها الانفصالى فى الجنوب. ونحن نتنفس هواءا ديمقراطيا نقيا بعد الانتفاضة شددت الحركة من هجماتها على جيشنا الذى انحاز الينا فى ثورتنا واستبسلت فى اسقاط المدن وكثفت من هجومها على حكومة الانتفاضة وكانت الحكومة الديمقراطية ترنو لبسط السلام ولكن الحركة بخبث مقصود لم تستجيب لكل نداءات الحكومات الديمقراطية واشعلت الجنوب نارا مما اضعف هذه الحكومات وضعضع اقتصاد البلاد وألب القوات المسلحة على الحكومة الديمقراطية فوجدت الجبهة الاسلامية فرصتها بعد ان مهدت لها الحركة الشعبية الارض وحرثتها وسمدتها وسقتها لتزرع الجبهة الاسلامية بذور انقلابها فى هذه الارض الخصبة فنمت واينعت والحركة ترويها بدماء جنودنا ومن جراء ضربات الحركة ترنحت الحكومة الديمقراطية وسقطت لتجىء الجبهة الاسلامية محمولة على اكتاف الحركة الشعبية لتتولى الحكم. وعندما تم تكوين التجمع المعارض قامت الحركة الشعبية بالانضمام للتجمع الوطنى والذى يتكون من نفس القوى التى شكلت حكومات الانتفاضة والتى رفضت الحركة الانضمام اليهم من قبل ووصفتهم بانهم مايو2 !! ولكن الحركة الشعبية كانت تقصد بانضمامها هذا تشتيت القوى الشمالية واضعافها بسياسة فرق تسد واستفادت الحركة كثيرا من هذا الانضمام فقد فتحت جبهة فى الشرق مما انهك الجيش وخفف الضغط عليها فى الجنوب واستطاعت ان تستميل مواطنى النيل الازرق بعد اسقاطها للكرمك وان تشحنهم ضد العنصر الشمالى ليصبحوا شوكة فى خصر الشمال وتلاقت مع اهل الشرق لتزرع فيهم المطالبة بتقرير المصير، ونحن على وشك حصاد زرعها الآن اما حركات دارفور فقد تمكنت من التلاحم معهم تحت مظلة التجمع واصبحت تمدهم بالسلاح حتى وهى داخل الحكومة. واستغلت الحركة مجموعة التجمع لتقديمها للعالم العربى وانشأت معهم علاقات كانت محرمة عليها وفتحت لها قنوات ماكنت تحلم بفتحها ولكنها كانت اخبث من ان تقدم التجمع للغرب الذى لها معه علاقات وثيقة واستطاعت الحركة ان تنزع من التجمع اقرارا بحق تقرير المصير وبلا مقابل وجعلت من التجمع كرتاً تستخدمه ضد المؤتمر الوطنى فتمكنت من اجراء اتصالات سرية مع غريمها حتى وصلت الى مرحلة نيفاشا فتخلت عن حلفائها فى التجمع فى اول محطة مثلما تخلت من قبل عن شعاراتها الاشتراكية وارتباطاتها بالمعسكر الشرقى عندما تهاوى هذا المعسكر وتعلقت بالقطب الاوحد امريكا وبشعاراتها ....... كانت الحركة فى كل تحركاتها تعمل لصالحها وبانتهازية فقد كانت الحركة توقع مع الانقاذ على اتفاقية خارطة طريق للمصالحة وتقاسم السلطة وتوقع باليد اليسرى مع التجمع على اتفاقية القضايا المصيرية واسقاط النظام ........ وفى نيفاشا رفضت الحركه اشراك حلفائها فى التجمع فى المفاوضات وتخلت عنهم من اجل السلطة وتحقيق هدفها الاوحد الذى رسمت له ( الانفصال). جاءت الحركة للخرطوم رافعة شعار السودان الجديد والوقوف مع المهمشين والبسطاء واستقبلتها جموع المهمشين وفقراء المدن استقبالا ادهش العالم واحتضنتها الخرطوم فى شوق وحب ومادرت الخرطوم ان هؤلاء الابناء هم الذين سيغرسون فى قلبها سكاكينهم الانفصالية بلا رحمة .... نست الخرطوم بقلبها الطيب كل مواقفهم بعد الانتفاضة وصاحت معهم جون قرنق واييى ... الحركة الشعبية واييى وتعلقت بشعار السودان الجديد وماعرفت انهم يضمرون الانفراد بسودانهم ...... صدق المهمشون ان الحركة جاءت لانقاذهم وانها ستحيل حياتهم لنعيم كما وعدت ولكن الحركة اكتفت بتعميم النعيم وسط قياداتها التى اقامت فى الهليتون وركبت العربات الفارهة وارتادت الاندية الراقية ولم يزوروا حتى الحاج يوسف التى وعدوا بالسكن فيها ....... لم يذهبوا الى مايو او كرور وانما شاهدناهم فى الفنادق خمسة نجوم يرتدون احلى الحلل ويلعبون التنس ويتقاسمون اموال البترول مع شركائهم فى الحكم ...... لم نسمع بانجازاتهم لنصرة المهمشين وانما سمعنا بهم فى عالم الموضة فكانت تسريحة تابيتا وبدلة لوكا وتلفون ربيكا . ولم تنسَ الحركة رفاقها فى التجمع الوطنى فتفضلت عليهم بثلاثة وزراء ومجموعة من النواب (بعد ان تولت اقناع شريكها ) واستطاعت عن طريق ( عطية المزين ) هذه ان تواصل استخدام التجمع ككرت ضاغط على المؤتمر الوطنى فتحصل منه على ماتريد لجنوبها كان ذلك فى قانون الانتخابات وقانون الامن الوطنى وكانت الحركة تتفق مع التجمع ضد المؤتمر وتتآمر مع المؤتمر ضد التجمع وتضرب هذا بذاك فعندها كلهم مندوكورو ...... قسمت الحركة قياداتها على الشماليين سلفا ومشار وتابيتا مع المؤتمر الوطنى وباقان وياسر ولوكا مع التجمع الوطنى والجميع لامع هذا ولا ذاك وانما مع الانفصال ...... خذلت الحركة التجمع الوطنى الديمقراطى وركبت على ظهره حتى وصلت لمحطة الانفصال ولعبت الحركة بالمؤتمر الوطنى والذى تشد من ازره فى صراعه مع التجمع وتحرض التجمع عليه وخدعت الحركة المهمشين وفقراء المدن فى الشمال والذين ظنوا ان الحركة رافعة شعار السودان الجديد ستنصفهم وستقف معهم وتنتشلهم من فقرهم واتضح انها استخدمتهم كورقة ضغط على الانقاذ فقط لتحقيق الانفصال ... ولعبت الحركة على القوى الديمقراطية وخدعتها برفعها لشعارات ماكانت تؤمن بها .... قضت الحرك خمس سنوات معنا والكل اعتقد ان قلبها معه وكان قلبها طوال الوقت مع الانفصال فقد نجحت فى التمثيل ورسبت فى المبادىء وهاهى تمارس نفس اللعبة مع حركات دارفور تحتضنهم وتتآمر ضدهم فى نفس الوقت !!! ولا اتوقع نجاحا للحركة فى جنوبها الذى انفردت به فستموت قريبا بداء الفساد الذى انتقلت جرثومته اليها من شريكها فى الحكم الذى عاشرته ست سنوات ٭ قاض سابق