٭ لا شيء يخفى في جوبا … أشلاء بشرية مرمية في شوارع جوبا عاصمة دولة الجنوب الوليدة فهناك عيون مفقوءة، وبطون مبقورة، وقلوب مسحوقة وأكباد مهترئة وجماجم متفجرة.. لحوم بشرية مشوية فالقصف لا يتوقف بتوقيع سلفاكير على مرسوم يأمر بوقف النار.. ولا بإعلان دعوة مشار بالهدوء وضبط النفس.. ولا بطمأننة للمواطنين على صحته، بعد تعرض مقر اقامته بمنطقة الجبل. ٭ كل شيء أصبح واضحاً قبل وبعد حرائق واو التي كشفت عن شبه ابادة لقبائل الفرتيت.. فالجنوب أمام أزمة مغلقة لا يبدو بالامكان حلها.. فطبيعة المشكلة ان الجنوب تحكمه العقلية القبلية.. قبيلة تحكم وقبائل تحت حكمها.. إما أن تصمت وترضى بقوة القبيلة الغالبة وإما أن تحمل السلاح وتحارب.. هذه هي ثقافة الجنوب.. وثقافة بعض الشعوب الافريقية.. وما التوستي والهوتو إلا مثال.. فالجنوب الذي انهارت اتفاقيته يدور في دائرة مفرغة.. دائرة الحروب القبلية، فمنذ انفصاله وهو في حرب أهلية.. ٭ فيصعب تغيير طبيعة شعب الجنوب.. سواء ان اجتمع قادة افريقيا في (كيغالي) أو في أديس أبابا.. فشعب الجنوب الذي ضرب عليه الاستعمار البريطاني سياجاً منعه من التواصل مع الشمال بقانون المناطق المقفولة هو المرض العضال الذي سكن في جسد الجنوب، فقانون (5291) قانون لا انساني كرس للعصبية القبلية وما يجري الآن هو بعض افرازات قانون المناطق المقفولة. ٭ فالرئيس سلفاكير يحارب باسم قبيلة الدينكا أكبر قبائل الجنوب يحارب من أجل أن تهيمن الدينكا على الجنوب وأن تظل سلطة الدولة بيدها. وريك مشار يحارب باسم النوير ثاني القبائل ولا تصدقوا بأن الحرب في الجنوب لها أسباب غير هذا السبب. ٭ فالذي يدفع فاتورة هذه الحرب العبثية شعب الجنوب واقصد البسطاء من شعب الجنوب.. دينكا أو نوير.. أو زاندي أو فراتيت أو لاتوكا.. فرياك مشار أو سلفاكير لا أحسب أنهم ينظرون إلى الهاربين من نيران الحرب ولا إلى الذين طحنتهم آلة حربهما العبثية. ٭ فدولة الجنوب المنهارة.. ما عادت دولة مؤهلة لتبسط الأمن وتحمي مواطنيها.. لذا فإن كل المؤشرات تشير من خلال دعوة (بان كي مون) الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن بحظر السلاح على الجنوب ومعاقبة القادة (السياسيين) والعسكريين.. وتعزيز قوة حفظ الأمن التابعة للأمم المتحدة.. ومطالبته بطائرات هليكوبتر هجومية ومواد أخرى لحماية المدنيين.. المؤشرات تشير إلى وضع دولة الجنوب (الفاشلة) تحت الوصاية الدولية. وقد سبق ان دعا مسؤول امريكي إلى وضع الجنوب تحت الوصاية. ٭ فالغرب الذي يدعي أنه القريب من دولة الجنوب والقلب الحاني على شعب الجنوب.. بمقدوره أن يوقف هذه الحرب.. لكنه لا يسعى إلى ذلك.. فالغرب يسعى عبر منهجية (الفوضى الخلاقة) إلى (الوصاية) ليعود إلى افريقيا التي يخشى أن تفلت من يديه لا سيما بعد دخول (التنين) الصيني.. فالغرب وعلى رأسه الولاياتالمتحدة واسرائيل له دور فيما يدور في الجنوب.. فالخطوة القادمة وصاية دولية على دولة الجنوب.. ٭ فالبعرة تدل على البعير.. والأثر يدل على المسير. والله المستعان