دعا عدد من الخبراء الاقتصاديين الى اعادة ترتيبات المنظومة الاقتصادية بعد انفصال الجنوب عن الشمال مع استصحاب كافة الجوانب الاجتماعية والاسقاطات السياسية ، وطالبوا الحكومة بتعجيل حسم الملفات العالقة بين الطرفين لا سيما فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية مثل قسمة النفط واستفادة الجنوب من منشآت الشمال في نقل وتكرير وتصدير نفطه حتى يسهم ذلك في تعويض الشمال عما افتقده من موارد كانت تدخل خزينته العامة من عائدات النفط مع العمل بصورة حثيثة على دفع عجلة الانتاج في المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية وصولا للاكتفاء الذاتي ومن ثم التصدير تقليلا للحاجة الى النقد الأجنبي خارجيا وتوفيرا له بالداخل، بجانب التوسع في رقاع البحث والتنقيب عن النفط في الشمال والتوسع في التعدين عن المعادن الأخرى التي في مقدمتها الذهب الذي راج التعدين عنه في الفترة الأخيرة . ويقول البروفيسور عصام بوب انه بالرغم من دنو لحظة الانفصال بين الشمال والجنوب ولم يتبق منها سوى ثلاثة شهو تقريبا الا أن الأمور مازالت غير واضحة المعالم بعد عدم حسم النقاط العالقة بين الدولتين حيث لم يحسم ملف الجنسية والحدود وقسمة الموارد والعملة، وعلى الدولة التعامل مع دولة الجنوب باعتبارها دولة قائمة بذاتها، ودعا لتكوين لجان اقتصادية مشتركة للفصل بين اقتصاد البلدين وعلى الحكومة المركزية اعادة ترتيب الأوضاع بالداخل وفق نهج اقتصادي قويم شريطة توقف الحملات الدعائية والاعلانية بين البلدين ومن ثم ترتيب ووضع ضوابط لتجارة الحدود، وطالب بوب بتغيير العملة الحالية « الجنيه» لحصر الكتلة النقدية بالبلاد لا سيما أن قدرا كبيرا منها موجود ومتوزع بالجنوب لا يعرف مصيرها اذا ما استمر التعامل بها بعد ، ونادى بوب بالاتجاه والاهتمام بمشاريع الانتاج الحقيقية « الزراعة والصناعة » بتذليل كافة الصعاب التي تواجهها ، وأكد أن خيار الاقتصاد السوداني الأول هو التوسع في الاستثمارات الأجنبية في ظل الحصار الاقتصادي المفروض عليه وفي ظل عدم تجاوب مؤسسات التمويل الدولية مع المشروعات التنموية الكبرى بالبلاد ، وتوقع أن يشهد السودان هجمة استثمارية كبرى بعد انفصال الجنوب، وطالب بتهيئة مناخ استثماري طيب يغري على تدفق المزيد من المشاريع . ولم يخف عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي الدكتور صديق كبلو تخوفه من تأثر عجلة الانتاج الاقتصادي بالشمال جراء انفصال الجنوب لجهة فقدان جهود الجنوبيين في دفع عجلة الاقتصاد السوداني لا سيما على صعيد العمالة وتوفير الأيدي العاملة رغم قلة الاحصاءات الدقيقة التي تحدد حجمها لا سيما فيما يتعلق بالعمليات الفلاحية بالمشاريع الزراعية المطرية التقليدية والآلية وفي مشاريع انتاج السكر حيث أن الغالبية العظمى من العاملين التي يعهد لها بانجاز العمليات الفلاحية من الجنوبيين وأن عجلة انتاج المشاريع ستتأثر ان لم يتم الالتفات لهذه النقطة منذ وقت مبكر حتى لا تتراجع عجلة انتاجيتها وارتفاع تكلفتها ، واقترح كبلو أن يتم السماح بهجرة الجنوبيين الى الشمال للمساهمة في انجاز العمليات الفلاحية ، ودعا كبلو للاهتمام بمناطق التماس بين البلدين لجهة أنها تشكل مناطق تبادل مصالح اقتصادية متبادلة لا سيما على صعيد الثروة الحيوانية ، ودعا للبحث عن حلول لقضايا الرعي في تلك المناطق حتى لاتحدث اشتباكات بين الطرفين، وطالب الدولة بالتأني في البحث عن حلول لتداعيات الانفصال بالتوجه للاقتصاد الكلاسيكي وألا يترك كل شيء لآلية السوق و البحث عن موارد زراعية وصناعية وتجارية في شراكة مع القطاع الخاص المحلي والخارجي بالدخول معهم في استثمارات تكون الدولة طرفا اصيلا فيها ، ولفت الى أن فرض الضرائب المباشرة يقلل فرص الاستثمار وفرضها بصورة غير مباشرة يقود لزيادة الأعباء المعيشية على المواطنين وطالب بتفعيل العلاقات الاقتصادية بين الشمال والجنوب ، ودعا لاعادة ترتيب الأوضاع الاقتصادية لزيادة الانتاج المحلي حتى لا تجد البلاد صعوبة في تحقيق النمو الاقتصادي المنشود .