حذر مشاركون في ندوة حول مستقبل ولاية النيل الازرق في ظل المتغيرات السياسية من تحول مقاتلي الجيش الشعبي من أبناء الولاية إلى وقود حرب كما حدث في ولاية جنوب كردفان حال عدم توفيق أوضاعهم وانفاذ بروتوكول المشورة الشعبية ،وطالب المتحدثون في ندوة مركز دراسات المستقبل امس بتكوين لجنة من القانونيين والدستوريين من ابناء المنطقة بالهيئة التشريعية ومجلس الولايات لوضع معالجات لقضايا الولاية العالقة وايجاد مخرج قانوني للتعامل مع قانون المشورة الشعبية بجانب تخصيص صندوق لدعم اعمار المنطقة لاسيما في مجالات التعليم والصحة والطرق ومياه الشرب ووضع معالجات دقيقة لمقاتلي الجيش الشعبي(بالتي هي احسن) لاستيعابهم ودمجهم كليا او جزئيا في القوات المسلحة والقوات النظامية واعادة تسريح المدنيين منهم وتوفير وسائل كسب حلال خلاف البندقية وتخصيص كوتة للولاية في السلطة والثروة والقوات النظامية والخدمة المدنية كما هو الحال مع اتفاقات اسمرا و ابوجا والدوحة. واستعرض المتحدث الاول في الندوة بروفسير بابكر حسن قدر مالي الواقع الاجتماعي والمجموعات القبلية بالولاية بينما تناول السفير الطريفي كرمنو اتفاقية السلام الشامل ومعالجتها لجنوب النيل الازرق وعقب علي المتحدثين استاذ الدراسات الاجتماعية بجامعة افريقية العالمية دكتور كمال جاد الله والخبير والباحث في قضايا القرن الافريقي عاصم فتح الرحمن ،وقسم قدر مالي المجموعات القبلية بولاية النيل الازرق الى 3 مجموعات ،المحلية والعناصر الوافدة من غرب السودان ثم القبائل العربية موضحا ان المجموعة الاولى تضم البرتي هي تعد اكبر القبائل في الولاية وهي مجموعة منفحتة على التعليم والعمل المدني تمتهن الزراعة ،الانقسنا والفونج والهمج والوطاويط والجبلاويون ثم البرون والادوك وهم مجموعات مسيحية تقطن في جنوب النيل الازرق من الكرمك جنوبا وحتى منطقة شالي الحدودية مع اعالي النيل ،فيما تشمل المجموعة الثانية وهي القبائل الوافدة من غرب السودان الفولاني والهوسا والبرنو والبرقو والمساليت ،اما المجموعات العربية فاقدمها الكماتيروالعركيين والاشراف وكنانة ورفاعة بجانب المحس والبديرية يضاف اليهم مجموعات وافدة من جنوب السودان عقب تشييد خزان الروصيرص كالدينكا والشلك والنوير ، وبناء على ماسبق اعتبر قدر مالي ان ولاية النيل الازرق شمالية من ناحية التقاليد والعادات والديانة ويسود فيها مايسود في ولايات الشمال الاخرى باستثناء مجموعة الادوك التي تعتنق المسيحية والانقسنا الوثنية والتي وصفها بمسايرة المجتمع المسلم ، واكد قدر مالي ان النيل الازرق كانت نموذجاً للتعايش السلمي بين مكونات الولاية حتى العام 2005م حيث برزت بوادر عدم القبول بالآخر معتبرا والي الولاية ورئيس الحركة الشعبية مالك عقار اكثر قومية في التعامل مع المكونات العرقية والاجتماعية بالولاية مقارنة بغيره من الاحزاب السياسية الاخرى. واكد السفير الطريفي كرمنو ان ولاية النيل الازرق لم تكن يوما طرفا في حركة التمرد التي اندلعت بقيادة جوزيف لاقو مبينا ان انضمامها لتمرد قرنق عام 1986م كان لاغراض اعلامية فقط مشيرا الى ان الحركة الشعبية لتحرير السودان غيرت التركيبة الجغرافية والسكانية للمنطقة واعتبر كرمنو ان الترتيبات الامنية بالولاية جاءت بناء على اتفاق نيفاشا الذي منح الجنوب حق تقرير المصير والاستفتاء لابيي والمشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الازرق لافتا الى ان الاخيرة غير ملزمة ، ورأى كرمنو ان اتفاقية السلام الشامل لم تلبِ طموحات شعب النيل الازرق حيث لم تمنح الولاية شيئا يذكر في قسمة الثروة والسلطة سوى سكرتير ثالث في وزارة الخارجية ثم منصب وزير الاستثمار واعتبر كرمنو ان الوضع الرمادي بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ساهم في افشال جهود التنمية بالولاية ،وفيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بعد التاسع من يوليو قال كرمنو ان فك الارتباط الفعلي بين الطرفين يتم حال ترتيب اوضاع الحركة الشعبية كحزب بالشمال وتوفيق اوضاع مقاتليها بالنيل الازرق وجنوب كردفان (بالتي هي احسن )مشيرا الى العلاقة بينهم ستصبح كالعلاقة بين المؤتمر الوطني والاحزاب الاخرى ولم يستبعد كرمنو في حال عدم حدوث ذلك ان يتحول محاربو الحركة الى وقود حرب تدمر كل السودان وليس النيل الازرق وحدها وطالب كرمنو بوضع ترتيبات دقيقة لاستيعاب حاملي السلاح باستيعابهم في القوات المسلحة او القوات النظامية الاخرى كليا او جزئيا وتسريح المدنيين منهم وايجاد وسائل كسب غير البندقية وتخصيص برنامج لتنمية النيل الازرق عبر صندوق لدعم الاعمار لاسيما في مجالات التعليم والصحة والطرق ومياه الشرب في ظل معاناة 3 محليات من العطش هي الكرمك وقيسان وباو وتخصيص عائد للولاية من المشاريع القومية والمحلية بالمنطقة . وفي تعقيبه على المتحدث الاول قال دكتور كمال جاد الله ان الحرب الاهلية ساهمت في زعزعة التوزيع القبلي واللغوي بالولاية كما غيرت المناطق التقليدية للمجموعات القبلية مشيرا الى ان الولاية شهدت نقلة نوعية منذ ابريل 2008م وحتيى 2012 بسبب مشروع تعلية خزان الروصيرص حيث يعمل 80% من ابناء الولاية وطالب جاد الله الدولة بانتهاج سياسة لغوية تراعي التنوع الموجود في الولاية لاسيما وان هناك عدة لغات مهددة بالانقراض ،اما عاصم فتح الرحمن المعقب على المتحدث الثاني فقد اشار الى جملة متغيرات مرت على الولاية منذ سلطنة الفونج وحملات الرق المنظمة التي كانت تقودها ايطاليا عبر المرتفعات الاثيوبية لجلب الرق ومشاركة النيل الازرق في المعارضة المسلحة مع الجنوب واعتبر فتح الرحمن رغم ذلك ان ولاية النيل الازرق تظل ولاية شمالية تحمل هوية السودان الشمالي ودعا الحكومة المركزية للتعامل بشفافية مع هذه المتغيرات. وطرح بروفسير موسى الحواتي خلال مداخلته جملة اسئلة ابتدرها باستفسارها عن المتغيرات السياسية التي بنت عليها الندوة والواقع الجيوبوليتيكي واثره على الامن القومي للسودان في ظل انتشار السلاح الذي تملكه الحركة في الولاية واحتمالات استغلال النظام الدولي للمنطقة كمدخل لمايطرح عن السودان واردف الحواتي اسئلته بهل يمكن اعتبار المشورة الشعبية مدخلاً لما يمكن ان ينمو ويشكل جنيناً غير مرغوب فيه ،من جانبه اعتبر رئيس المجلس الوطني السابق والقيادي بالمؤتمر الشعبي العميد محمد الامين خليفة اتفاق نيفاشا بالبنيان غير المتين والاتفاق غير العادل اللذين مصيرهما الانهيار محملا الاتفاقية مسئولية ماوصلت اليه البلاد من انفصال ومشاكل معتبرا ان ابيي الآن اصبحت (خارج الشبكة ) وجنوب كردفان والنيل الازرق امام تحدي خطير قد يؤدي الى حروبات عدة وليس حرباً واحدة وطالب خليفة بايجاد حلول شاملة لمشاكل السودان وتجنب الحلول الجزئية التي جزأت السودان واعتبر نائب الحركة الشعبية بالبرلمان كمندان جودا ان نتائج المشورة الشعبية ملزمة بنص اتفاق نيفاشا قبل ان يطالب بتشكيل لجنة من القانونيين والدستوريين من ابناء المنطقة بالمجلس الوطني ومجلس الولايات لوضع معالجات لقضايا الولاية العالقة وايجاد مخرج قانوني للتعامل مع قانون المشورة وتوضيح وضع ابناء المنطقة في المركز والوزارات الاتحادية والمؤسسات الاقتصادية والتمثيل الدبلوماسي في الخارج وتابع جودا ان ابناء الولاية مع السلام ولارغبة لديهم في العودة للحرب معتبرا ان للسلام ضريبة تتمثل في التنمية والاعمار لافتا الى تجاهل المركز للتوصية التي تقدم به والي الولاية للرئاسة لاعتماد صندوق تعمير للنيل الازرق ضمن الصناديق الولائية ،وطالب استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بروفسير حسن علي الساعوري بترك امر ولاية النيل الازرق برمته لقيادات الولاية السياسية والاهلية ليكونوا احراراً في اتخاذ موقفهم معلنا عن يقينه التام في انهم يريدون السلام ولايرغبون في منازلة سلطة الخرطوم ورهن الفريق اول فاروق محمد علي تحجيم مالك عقار بالمحافظة على علاقات طيبة مع اثيوبيا معتبرا ان موقف الحركة الشعبية من ابناء النيل الازرق بالارضائي قبل ان يطالب بعقد ندوة مغلقة عن الترتيبات الامنية للولاية لما تمثله الحركة ومقاتلوها من تهديد على ماتبقى من السودان.