ان البيئة التي ينشأ فيها الانسان لها دور كبير في تنشئته على الدين والخلق كما انها المرآة العاكسة لسلوكه معتدلة ام حمدية، وحسن تصرفه وتعامله مع الآخرين داخل المجتمع الانساني لان عقل الانسان المتميز دائما متطور وأصل الانسان لا يعرف الا بمعرفة البيت الذي يسكنه والاسرة التي خرج منها والمعدن الذي انصهر به والبقعة التي افرزته. فلا يجب علينا ان نحكم على الناس بجمال المظهر وسحر الكلمات يجب علينا ان نحكم على الناس بحسن تصرفاتهم مع الآخرين دون ان نحكم بالوجاهات الاجتماعية. نعود لموضوعنا ونسات بيت البكاء. في السنين الاخيرة اصبحت في بيوت البكاء ظاهرة غير حميدة وهي ظاهرة ونسة الرجال والنساء عن الحياة العامة وعلما ان بيت البكاء يجب ان يقرأ فيه القرآن الكريم والدعاء على الميت فمعروف ان في السودان بيت البكاء أحسن من بيت العرس. ثلاثة يوم متواصلة من شاي الصباح فطور وغداء عشاء. يعني ميتة وخراب ديار وهاك الونسات من الرجال والنساء. في الاسبوع الماضي توفي احد الاعمام في الحارة فذهبنا الى بيت العزاء ووجدنا مجموعة من الحشد الجماهيري وكانوا ملتفين حول احد الاشخاص الذي اتى من الحاج يوسف ليعزي اهل الميت فالتفوا حوله لانه كان بليغا في الكلام وهو يتحدث عن السياسة من الشرق والاوسط حتى جنوب السودان (والله تقول صلاح بندر) استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية ،بعد ذلك تحدث عن اللجنة الشعبية والتعليم والمصارعة الحرة وعن الطب وكرة القدم.. الخ. تصور نحن في اندية مشاهدة، فجأة تذكرت اننا في بيت عزاء واستأذنا ابن الميت ونحن مغادرون خيمة العزاء فسمعت صوتا يقول لي يا استاذ يا استاذ ماشي واللا شنو؟ قلت ل يه ايوه قال لي ياخي انت اتبونج لاعب الهلال جابو من وين؟... قلت ليه جابوه من الباقير.!