ضمتنا جلسة مع بعض المهمومين بأمر الفنون في السودان ودار الحديث عن السينما التي شبعت كلاماً عن «أزمتها» وهي كلمة ملطفة لما يصح ان يسمى بالمأساة.. فالسودان الذي عرف السينما مشاهدة منذ قرن من الزمان او يزيد، وانتاجاً لافلام وحدة افلام السودان، بل وعرف انتاج أول فيلم روائي تدافعنا لحضوره منذ اكثر من اربعة عقود، وهو فيلم آمال وأحلام الذي خرج من ستوديو الرشيد بعطبرة «الرشيد مهدي - عليه الرحمة». وتصورنا لو ان المسؤولين عن الثقافة ومؤسساتها المختلفة ومنها مؤسسة الدولة للسينما، التي ظهرت في غمرة التأميمات والمصادرات التي جاء بها نظام مايو، وهي نقيض ما انتهى اليه النظام في نهايات عهده حيث عادت الخصخصة والتي استمرت حتى يومنا هذا، حيث يتم تخصيص ما لا يخصص!! قال المشاركون في الجلسة لو أن هذه المؤسسات الحكومية والأهلية التقطت هذه المبادرة العطبراوية وعملت على دعم الرشيد مهدي وتجربته الرائدة، ولو ان الرجل لقي من التكريم ما يستحقه، ألم يكن ممكناً ان تكون لنا سينما رائدة تتطور وتتدرج كما نمت شقيقات لها وان تعم تجربتها اجزاء أخرى من السودان.. وقد كان شعور الجمهور المثقف في السودان كاملة ثقافة سينمائية رفيعة حيث كانت الافلام التي حصدت جوائز الاوسكار تعرض في ذات الموسم الذي تعرض فيه في كبريات عواصم العالم. وحيث كانت الدراما الرفيعة عبر أفلام انجليزية وامريكية وفرنسية وسويدية وايطالية تتم مشاهدتها.. الى أن جاء وقت صرنا فيه لا نشاهد الافلام التي يجيء بها تجار الشنطة الباحثون عن الربح السريع عبر اغراق السوق بمئات الافلام «الرخيصة» بكل ما تعنيه الكلمة. ثم ظهر قسم السينما بمصلحة الثقافة الذي قدم بامكانات متواضعة مجموعة من الافلام التي نالت الجوائز في اكثر من مهرجان سينمائي، وتلألأت اسماء عدد من المخرجين الذين استطاعوا تقديم افلام قصيرة أشارت الى قدرات عالية لديهم رغم ضيق الامكانات ومنهم ابراهيم شداد، الطيب مهدي، سليمان محمد ابراهيم، منار الحلو الخ.. وينبغي ان نترك الامر لجهد يبذل لقيام سينما سودانية تتجاوز عثرات الماضي وأخطاءه وترنو الى مستقبل نلحق فيه بركب الآخرين الذين تجاوزوا بداياتنا المتواضعة، سواء على صعيد الانتاج السينمائي، والمسرحي والدراما التلفزيونية..