٭ بالأمس القريب أسر لي أحد الساسة الكبار أن زميلهم السياسي الذي انتقل الى رحمة مولاه كان يخص بعض المقربين منه- أو هكذا كان يظنهم- بأسراره العامة والخاصة.. لكننا- والحديث للسياسي- تفاجأنا بعد رحيله أن كثيراً من تلك الاسرار التي لم تكن للنشر- ما عادت أسراراً وبدأت تخرج للعلن ومن ذات المقربين الذين كنا نظنهم آباراً لحفظ الاسرار!! ويصف صديقنا السياسي الامر بأنه اشبه بشخص يخون أمانة أُتمن عليها ويقول انه ما عادت هناك آباراً للاسرار كما ان كثيراً من الزملاء ما عادوا يصلحون لأن يكونوا آباراً لحفظ الاسرار كما انه اصبح حريصاً على ألا يملك أسراره لاحد حتى المقربين منه!! ٭ إذن فأسرارنا ما عادت في بئر خلافاً للمقولة السائدة التي كنا نسمعها من الاصدقاء أو المعارف أو الزملاء بأن (سرك في بئر) واصبح عمق البئر وحجم اتساعها لحفظ اسرارنا يختلف من شخص الى آخر. ولربما تفاجأ كثير منا وبعد اول خلاف مع من إتمنه على سره بأن هذا السر اصبح سلاحاً في يد هذا الشخص يحاربه به!! ٭ حسناً.. هذا على مستوى حياتنا الشخصية نحن العامة اما على مستوى السياسة فإن دهاليز الاحداث السياسية وكشف الاسرار تظل هى الحدث الاكثر اثارة وتشويقاً وربما حساسية في عالم الزعماء السياسيين. وبالطبع فإن المقصود بالاسرار هنا ليس أسرار الحب والعلاقات العاطفية انما المقصود الاسرار التي يحتفظ بها الزعماء والقادة السياسيون في صدورهم.. أسرار خاصة بأحزابهم وتنظيماتهم أو بعملهم العام أو بحياتهم الشخصية وفي الوقت الذي يتكتم فيه معظم القادة على أسراره ويترددون في كشفها تعتبر هذه الاسرار في دول وبلدان أخرى خاصة في الدول الغربية حقاً للعامة ولا تعد سراً لا يهمها بعد ان يغادر المسؤول موقعه، بل ان كثيراً من المسؤولين هناك يعمدون أو يعمد معاونوهم وكاتموا أسرارهم الى كتابة مذكراتهم الشخصية وبكل صدق لا يكذبون ?يها ولا يتجملون ولا يزيفون الحقائق!! ٭ وعوداً على بدء.. فان عبارات ومسميات كثيرة تطلق على الاشخاص المرتبطين بصورة مباشرة بمسيرة وحياة الرؤساء والزعماء والقادة السياسيين أبرزها (كاتم السر) وهو الشخص المقرب من الرئيس أو الزعيم أو السياسي يلازمه مثل ظله في حله وترحاله ويتعرف بصورة لصيقة عى تفاصيل التفاصيل وهو أمر متصل كذلك بكتم السر حول العمل الحزبي والسياسي وفي بعض الاحيان الشخصي ولجمهور الشعب. ٭ والآن سادتي دعونا نتساءل.. الى أى مدى يمكن ان يكون هؤلاء الاشخاص صادقين ومخلصين في الحفاظ على اسرار وخبايا الزعماء؟! فالثورات الشعبية في بعض الدول العربية والاسلامية كشفت بعض المستور واماطت اللثام عن قضايا خاصة عرفها الرأى العام بعد ذهاب بعض الرؤساء امثال الرئيس المصري حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس التونسي زين العابدين بن علي رواها مقربون منهم حول ممتلكاتهم ومقتنيات زوجاتهم وكريماتهم وانجالهم وازاحوا الستار عن الحياة الخاصة بالنسبة لهؤلاء الزعماء ،فالحارس الشخصي لمعمر القذافي وصف العقيد?القذافي بأنه شيطان في حياته الشخصية وغارق في المجون والرزيلة ولا يصلي ولا يصوم ويقضي يومه كله في اللهو والفسوق مع النساء. ٭ وقريب من ذلك ما تم كشفه عن تورط صفوت الشريف وزير الثقافة والاعلام في مقتل الفنانة والممثلة المصرية (السندريلا) سعاد حسني وانه أمر مقربين منه برميها من نافذة شقتها بصورة تظهرها وكأنها انتحرت، ويتردد أيضاً ان القذافي عرض مبلغ 002 مليون دولار على صفوت الشريف لشراء أفلام سعاد حسني التي تظهر فيها كممثلة إغراء. ٭ ربما لا.. لكن لماذا لا تظهر هذه الاسرار وأصحابها في مراكز قوى ولماذا يتم كشفها ونشرها في وثائق ومذكرات وطرحها في أشرطة كاسيت ومستندات تطرح عندما يكون صاحبها في لحظة ضعف نتيجة عزله من منصبه أو بعد رحيله فلا يستطيع الدفاع عن نفسه أو توضيح الحقائق؟!! ٭ فالرئيس الاسبق جعفر نميري وبعد وفاته ظهرت على الساحة من ادعت انها زوجته السرية غير (مدام بثينة) وهى روضة جوان وقالت ان بحوزتها وثائق تؤكد أنها زوجته وذهبت القضية الى المحكمة لكنها لم تظهر إلا بعد موته!! ٭ حسناً.. هذا بعض ما كان من أمر النميري.. لكن ماذا بشأن القيادات السياسية الاخرى؟!! دعونا نبدأ بزعيم حزب الامة وكيان الانصار السيد الصادي المهدي!! وبالتأكيد ان رجلاً مثل الصادق المهدي بمكانته في الساحة السياسية والفكرية والدينية لابد ان تكون حوله أسراراً كثيفة وايضاً لابد ان تكون أسراراً وخبايا لهذا توجهت بالسؤال الى مدير مكتبه ابراهيم علي والذي ظل ملازماً للصادق المهدي منذ نصف قرن.. وتحديداً منذ عام 2691م عمن هو كاتم أسرار الرجل.. لكني فوجئت حين جاءت اجابة (عم ابراهيم) وهكذا يحلو لنا أن نناديه بأن الامام الصادق المهدي ليست لديه أسرار وحتى لو كانت عنده فإنه لا يملكها لاحد مهما كان قريباً منه بل يحتفظ بها لنفسه!! ويقطع ابراهيم علي بأنه ليس (كاتم أسرار) الصادق المهدي رغم قربه من المهدي وطول الفترة التي قضاها ملازماً له ويقول انا مدير مكتبه ولست كاتم سره!! ٭ وفي دوائر الحزب الاتحادي الديمقراطي هناك من يحوّر اسم القيادي حاتم السر الى (كاتم السر) ويقصدون بذلك انه كاتم سر زعيم الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني. والشاهد ان حاتم السر من العناصر الموثوق بها داخل الحزب وخاصة من قبل زعيمه الميرغني ويعد من أقرب الناس اليه ويعتبر من العناصر محل ثقة الميرغني لهذا كلفه بمتابعة ملفات حساسة الامر الذي مكنه من ان يكون ممثل الحزب في هيئة قيادة التجمع المعارض ويصف القيادي بالحزب الاتحادي محمد سيد احمد سر الختم حاتم السر بأنه (ولد بيت) وظل ملازماً للميرغني ومرافقاً له منذ أن كان بالمرحلة الثانوية وحتى تخرجه في الجامعة والى الحين وتدرج في المناصب حتى وصل الى منصب سكرتير الميرغني ومقرر المكتب القيادي ثم مرشح الحزب لرئاسة الجمهور?ة. ويقول لي سر الختم ان حاتم السر استطاع بما يملكه من قدرات مؤهلات وخطابه وبيان وإدراك سياسي ان يحوز ثقة الميرغني ويصبح كاتم اسراره السياسية والشخصية العامة والخاصة. ٭ اما على صعيد حزب المؤتمر الشعبي المعارض فإن زعيمه د. حسن الترابي حسبما عرفت من نجله عصام الدين الترابي لا يحب سماع احد يتحدث عن أسرار الآخرين او حياتهم الشخصية كما انه- أى الترابي- لا يتحدث بأسراره لاحد مهما كانت درجة قربه منه، كما انه إعتاد على ان يعظ ابناءه والمقربين منه بالابتعاد عن الخوض في أسرار الآخرين والتعرض الى تفاصيل حياتهم الشخصية ويعتبر ذلك امراً سيئاً في السياسة السودانية وخطيئة (لا الصوم يغفرها ولا الصلوات).