التطور الذي انتظم مجالات الإعلام الجديد بشكل عام والإعلام الرقمي خاصة، يضع العالم بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص أمام تحد جديد وصعب، يزداد تعقيداً مع مرور الزمن في ظل الاكتشافات التقنية التكنولوجية المطردة والمتجددة، الأمر الذي يصعّب كيفية توجيهه وضبطه وإيجاد آلية مناسبة لتوظيفه بشكله الأمثل. هذا ما فهمناه من إفادات كارولين فرج رئيسة تحرير ال «سي. إن. إن» العربية في حوارها الحصري مع «الصحافة»، إبان زيارتها الأخيرة للسعودية، مؤكدة أن التطور التكنولوجي من أكبر التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي والتعاطي معه، بالإضافة إلى صعوبة احترام الكلمة، في زمن تندر فيه الشفافية والصدقية. وقالت إنها تعشق السودان وشعبه حتى الثمالة، وذلك لعفويته وانشراحه للضيوف وتواضع علمائه ومفكريه، موضحة أنها عاشت أياماً جميلة في الخرطوم في منتصف التسعينيات، استطاعت خلالها أن تقف على العادات والتقاليد السودانية، مشيرة لمشاركتها في فعاليات عرس سوداني دون دعوة خاصة أو بروتوكولات.. فإلى مضابط الحوار: ٭ كيف ترين دور الإعلام الرقمي في تطوير الإعلام المطبوع أو الإذاعي؟ - أعتقد أن الإعلام الرقمي، أصبح الآن يلعب دوراً كبيراً في حياة كل الناس على مستوى كل الشرائح، لأنه صار وسيلة توثيق ونشر على مستوى العالم من خلال جاذبية آلية توافره في الموقع المحدد، سواء أكان ذلك لجريدة أو لأية وسيلة إعلامية أخرى. وهذه الإتاحة تنداح إلى القراء والأصدقاء، وتبقى موجودة في الموقع وثيقةً لعشرات السنين بخلاف النسخة الورقية التي يمكن أن تختفي من خلال التوزيع، أو ما إلى ذلك من وسائل وأسباب أخرى. وهذا يعني أنه لا بد من تقديم محتوى عالي الجودة أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً، حيث أصبح الإعلام الرقمي مساعداً رئيسياً في النشر والتوثيق والحفظ، ولكن في نفس الوقت إذا أخرجت معلومة خاطئة ستكون صعبة التصحيح، أو حتى إزالة أي شيء تمت كتابته في المواقع البحثية، لأنه أصبح ديمومة أكثر للموضوعات، وبالتالي توضح وجهة نظر وأفكار الأفراد. ٭ هل بالإمكان الحديث عن أن الإعلام الرقمي صار منافساً أم جزءاً من الإعلام الجديد؟ حتى الآن يعتبر الإعلام الرقمي مكملاً، وقد يكون في بعض الأحيان منافساً من منطلق السرعة والانتشار، ذلك لأن البث على التلفزيون على سبيل المثال له حدود جغرافية محددة يغطيها بخلاف الموقع الرقمي الذي لا تحده حدود جغرافية، فحدوده الجغرافية العالم والكرة الأرضية بكاملها، وبالتالي فهو وسيلة لتسريع نشر المعلومات ومكمل لعمل المؤسسات الإعلامية التلفزيونية أو المواقع الإخبارية الأخرى، فهو حالياً ليس منافساً، ولكن خلال العشر سنوات القادمة قد يكون منافساً في حالة لم تستطع المؤسسات الإعلامية أن تدخل المواقع الرقمية باعتبارها جزءاً مكملاً وداعماً لها. وهناك مشاركة المواقع الاجتماعية، والأخيرة لا يمكن فصلها عن المواقع الرقمية لأنها جزء منها، وبالتالي يمكن أن تعمل المواقع الرقمية والمواقع الاجتماعية جنبا إلى جنب، وإذا استطاعت المؤسسات الإعلامية أن تقبلها وتضمها وتؤمن بأن عملها موحد ستكون أمام تطور كبير بعد عشر سنوات للأجيال القادمة. ٭ كيف يمكن الالتزام بالأخلاق المهنية في الإعلام الرقمي وما دوركم في الربيع العربي؟ استطعنا في ال «سي. إن. إن» العربية ومن خلال متابعتنا لمجموعات الفيس بوك، أن نتحدث منذ ديسمبر عن موقعنا وقناتنا، إذ قمت أنا شخصياً بعمل تقرير باللغة الإنجليزية عن الدعوات التي كانت ترد إلينا من المجموعات العربية، وكانت دعوات لتنظيم مظاهرات في تونس وفي مصر، وذلك منذ أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر، يعني قبل أن يتم تطبيقها على أرض الواقع، فعملنا حول قصة قابلة للتطبيق. وجاءت على إثر تلك القصة التي نسجناها عن إمكانية اندلاع ثورات تغييرية في أنحاء متعددة من الوطن العربي، رسائل مندهشة ومستفسرة إن كنت قد فقدت عقلي بالفعل، فقلت لهم: أنا أنقل ما يردني على الموقع من دعوات من بعض الشباب لصناعة مظاهرات على مواقع اجتماعية، بمعنى أنها رغبة تأتيني على شكل دعوات، فكانت هي مصدر المعلومات التي أطلقت شرارة الربيع العربي الأولى. والآن طلع اليوتيوب في بعض المواقع التي لم نستطع تغطيتها بالشكل المرضي في سوريا على سبيل المثال، وأصبحنا معتمدين كليا على ما ينقل على اليوتيوب، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه .. هل كل ما يبث وينشر في المواقع الاجتماعية من فيس بوك ويوتيوب ومدونات وغيرها صحيح؟.. وهذا دورك بوصفك صحافياً بأن تتأكد من مصداقيته وتعمل شغلك وجهدك فيه باعتبارك مهنياً للتأكد قدر الإمكان من صدقية هذا الخبر وحقيقته، ولا تنسى أن تضع في الأخير على سبيل المثال أن ال «سي. إن. إن» غير قادرة على التأكد من صدقية الحدث ومعلوماته، لأنه ببساطة نحن غير موجودين لحظة حدوثه.