جولة جديدة للمفاوضات مابين دولتي السودان وجنوب السودان انطلقت منذ الأحد الماضي بأديس أبابا بعد ازمة النفط وفشل الدولتين على مستوى رئاسة الجمهورية في توقيع اتفاق اطاري لحل قضية البترول ،لاسيما بعد الجدل واللغط الذي صاحب عملية استقطاع جزء من بترول الجنوب العابر بالسودان من قبل الاخيرة. ويصعب التنبؤ في ظل الازمة الماثلة وتوتر الاجواء بين الدولتين واستمرار التراشق الاعلامي في قراءة مايمكن ان تسفر عنه الجولة الحالية التي بدت متعثرة وحتى الآن لم يظهر مايشير الى امكانية احداث اختراق . ورسم القيادي في الحركة الشعبية الدكتور لوكا بيونق صورة قاتمة للمفاوضات الجارية وتنبأ بفشلها اذا ما استمرت بوضعها الراهن، واعتبر بيونق ان المستوى الذي وصل له الطرفان سببه سوء التقييم، وقال في حديثه ل الصحافة عبر الهاتف امس الاول (اظن ان المفاوضات وخاصة فيما يتعلق بالبترول كانت مبنية على سوء التقييم، فالحكومة السودانية لم تستطع ان تعطى مواقف دولة الجنوب التقييم الصحيح ورأت انه طالما ان الجنوب يعتمد في معظم موارده على البترول فلن يذهب بتاتا لمستوى اغلاق انابيب البترول)، وهذا التقدير لم يكن في محله بحسب بيونق الذي اضاف ان الجنوب ايضا لم يعط التقييم الصحيح لمواقف الخرطوم، واوضح «الآن نحن فقدنا الاحتكام للرئيسين البشير وسلفا لحلحة القضايا الخلافية باعتبارهما آخر المطاف، اذ دخل الرئيسان في حالة عدم التقدير والتقييم السليم للاطراف لبعضهما البعض، وقال «على مستوى الرئيسين لايوجد امكانية للحل في الوقت الراهن « واضاف «التفاوض على مستوى الرئيسين وصل لطريق مسدود « اما فيما يتعلق بالاتحاد الافريقي فيرى لوكا ان الوساطة فقدت الثقة « ربما من الطرفين» وقال ان الاتفاق الاطاري اتى في فترة عدم الثقة « وقال ان هذا يقلل من فرص الاعتماد عليه واشار بيونق الى ان الرئيس الاثيوبي ملس زناوي نفسه ادخل في ازمة عدم الثقة واكد ان ذلك هو الاخطر باعتبار ان اثيوبيا كان مؤملا فيها ان تدفع بعجلة التفاوض. ورصد القيادي بالحركة الشعبية جملة من الحلول وقال بطريقة التعامل مع القضايا في الفترة الاخيرة استنفذنا كل الفرص والامر يحتاج لاعادة نظر في المفاوضات وعلى رأسها اجراء تكوين جديد لوساطة الاتحاد الافريقي وتوسعة الوساطة باشراك كل من المبعوث الخاص الصيني والامريكي ومبعوث الاتحاد الاوربي،واكد انهم يمكن ان يعطوا دفعة للتفاوض منبها الى ان معرفة الطرفين بخطورة الموقف يمكن ان تقود لتفاوض بشكل جديد واضاف «الازمة الاخيرة جعلت الطرفين يعرفان مواقف بعض وهذا بدوره سيقود لواقعية في النقاش «واكد ان هناك حاجة للجوء للمستوى الثاني في التفاوض « بما ان الطريق مسدود بين الرئيسين فنحن في حاجة للمستوى الثاني الممثل في نائبي رئيسي دولتي الجنوب والشمال علي عثمان ورياك مشار الذي قال ان بامكانهما سد الفرقة بين الرئيسين. ويتفق المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة الايام الاستاذ محجوب محمد صالح مع ماذهب اليه لوكا بيونق بشأن توسيع دائرة الوسطاء ويقول «المسألة الان اصبحت اكبر من الاتحاد الافريقي وتحتاج لجهاز تفاوض مسترشد بتجربة الايقاد في نيفاشا الذي وسع في المفاوضين واشرك الخبراء « وشدد صالح في حديثه ل الصحافة عبر الهاتف على اننا «محتاجين لتعديل وضع الوساطة وتوسيع قاعدتها على نهج نيفاشا لخلق نيفاشا ثانية « واضاف « ظللت انادي قبل الاستفتاء باتفاقية مصغرة على غرار نيفاشا مختصة فقط بالقضايا العالقة بين البلدين « واعتبر استمرار امبيكي كوسيط ربما يعقد الوضع وقال ان اي وسيط عندما يطول به المدى في الوساطة يكون قد استهلك قدراته وامبيكي وصل لهذا المستوى واستهلك كل قوى الضغط المتاحة له « واردف «وبعد قليل ولو استمرت الحالة كما هي عليه سيكون امبيكي جزء من الازمة وليس الحل « واشار صالح الى ان الفرصة مازالت متاحة لاحداث اختراق في المفاوضات الجارية حاليا باديس ابابا اذا مانظر للخلاف بطريقة منطقية وموضوعية بعد تطورين هامين اكد انهما حدثا خلال الفترة القليلة الماضية احدهما وقف ضخ النفط وفيه قال «برغم سلبيات ذلك القرار الكثيرة لكنه اخرج الخلاف حول عائدات النفط من الاجندة لانه لم يصبح نفط في الانابيب مختلف على مصيره وبالتالي رجع الطرفان للمربع الاول واعتبر ان ذلك يمكن ان يساعد في البحث عن معادلة مالية جديدة بين الدولتين وحصر التطور الآخر في توقيع معاهدة عدم الاعتداء الاخيرة باديس وقال اذا كان هناك جدية في التنفيذ فذلك سيقلل من المهدات الامنية بالنسبة للطرفين وسيخلق ظروفاً مواتية لحوار عقلاني حول القضايا العالقة ،ولكنه رجع واكد ان هناك مشكلة تحد من الاستفادة من تلك الظروف وتتمثل في عدم الثقة المتبادل بين الطرفين والذي كان واضحا منذ بداية الفترة الانتقالية «ووصل الآن لدرجة غير مسبوقة « وحدد صالح المشكلة الثانية في عدم توفر الارادة السياسية واوضح «وهذا مايجعل الطرفين قليلي الالتزام في تنفيذ الاتفاقيات التي يوقعانها « «وهذا مايمنع الاتفاق برغم توفر الظروف المواتية على مستوى لابأس به « وشدد صالح على ان المخرج الوحيد لتلك الازمة وانجاح التفاوض في توسيع دائرة التفاوض بحيث تشمل كافة القوى الفاعلة في الشمال والجنوب ولاتقتصر على الحزبين الحاكمين واعتبر دخول طرف ثالث داخلي بين الدولتين يمكن ان يجسر هوة عدم الثقة وانعدام الارادة السياسية . فيما تتهم الخرطوم دولة الجنوب بالتسويف والمماطلة لتحقيق اجندة غير المطروحة على طاولة النقاش كالسعي لإسقاط الحكومة بالشمال من خلال الضغط والتضييق عليها اقتصاديا، وتعزو الحكومة تعثر المفاوضات بشكل اساسي الى عدم جدية الوفد المفاوض الجنوبي وليس بسبب الوساطة التي قدمت العديد من مقترحات الحلول ورفضها ممثلو الجنوب وكان رئيس لجنة النفط الحكومية بالمفاوضات د. الزبير محمد الحسن، قال بوضوح في وقت سابق، ان وفد الجنوب أظهر منذ بداية جولة المفاوضات عدم جديته في الاتفاق حول حل مؤقت أو دائم في قضية النفط، فيما اعرب عضو الوفد د. مطرف صديق عن أمله في عودة الجانب الجنوبي إلى رشده لمصلحة الجميع والكف عن ما سماه باللعبة الخطره التي تؤدي إلى الهاوية، مشيرا إلى جهود ما زال يبذلها الوسطاء لإقناع الجنوب بالوصول الى حل.