*غريب أمر كرة القدم السودانية فهى الوحيدة فى العالم التى لا تحتكم لقواعد ولا تعترف بالثوابت ولا يهمها منطق ولا تتقيد بأى منهج علمى وإن كانت هذه اللعبة تسمى بالمجنونة فالتى عندنا ( جنها كلكى ومخالف للجنون الأصلى ) نقول ذلك من منطلق نتائج المباريات فمثلا نجد أنه ومن العادى جدا أن يخسر الفريق الأكثر إستعدادا والأفضل فنيا والأجود نجوما من حيث الخبرة والتمرس والمدعوم بقاعدة جماهيرية وترسانات إعلامية ويملك إمكانيات مادية غير محدودة من فريق لا يملك أى من العناصر أعلاه فهنا لا معايير ولا مقاييس ولانود أن نذكر الأسماء إحتراما للكيانات ومشاعر عشاقها وحرصا على حقوقها وحتى لا نقلل من شأنها أو نبخس من إنجازاتها *نعود للحديث عن البداية المبشرة لدورى هذا الموسم وكلما نرجوه أن تستمر نتائج المباريات على النسق الذى إنتهت عليه مواجهات الإسبوع الأول والتى حملت مفاجآت عديدة أبرزها الفوز الذى حققه الأمل على العطبراوى على المريخ والذى كان غير محسوبا ولا متوقعا ولا حتى لأهل الأمل قياسا وإستنادا على العديد من الجوانب أبرزها أن المباراة جرت على إستاد المريخ بأمدرمان هذا غير فوارق الإمكانيات والجاهزية بين الفريقين إضافة للنتيجة التى إنتهت عليها مباراة الهلال وأهلى شندى والإنتصارات التى حققتها فرق الولايات وتفوقها على فرق العاصمة ( عدا فريق النسور الأمدرمانى فهو الفريق العاصمى الوحيد الى حقق الفوز ) فيما تعثرت بقية الفرق العاصمية الأخرى حيث خسر كل من المريخ والموردة والخرطوم الوطنى والأهلى من الأمل وهلال كادقلى والرابطة كوستى وجزيرة الفيل وفى هذا دليل على تطور مستوى فرق الولايات و (ليس تدنى فى مستوى فرق العاصمة كما يقول البعض فى محاولة لتبخيس التفوق الكروى الولائى ) ونتمنى أن يستمر التنافس قويا وتنكسر الإحتكارية ويغيب الشكل التقليدى للدورى وتصبح نتائج مبارياته معلقة وليست مكشوفة كما كان فى السابق حتى تكتمل المتعة وقمة الأمانى أن نرى بطلا جديدا للدورى الممتاز غير المريخ والهلال وهذا قد يكون صعبا ولكنه ليس مستحيلا *ليس أمرا عاديا أن يخسر المريخ من فريق محلى وفى إستاده بل يعتبر حدثا كبيرا وخبرا مكتمل الجوانب فهو يشابه النظرية التى يقوم عليها الخبر والتى تقول ( عض الرجل كلبا وفى الحالة المعاكسة يبقى لا خبر على إعتبار أنه الوضع الطبيعى ) فضلا عن ذلك فإن تعثر طرفى القمة فى إسبوع واحد هو أمر نادر الحدوث ولا يتكرر بسهولة فالذى عهدناه هو أن خسارة أحدهما تشكل دافعا للثانى وتضاعف من إهتمامه وحرصه على تحقيق الفوز حتى يحصل على التفوق ولكن فى هذه المرة الوضع إختلف تماما *وإن جاز لنا التعليق فإننا نرى أن فى إنتكاسة المريخ والهلال فى بداية الموسم تنبيه وخير لهما وتحذير ( من بدرى ) والحمد لله أن هذا التعثر جاء مبكرا وفى الوقت المناسب حتى يعرف الفريقان ( البيهم والعليهم كما يقول المثل العام ) فمن الأفضل أن تكتشف العله فى بداية المشوار على إعتبار أن هناك زمناً لعلاجها وتلافيها وهذا بالطبع أفضل بكثير من أن تظهر العيوب فى الوقت الحرج وبعد فوات الأوان ولهذا نرى أن الأمل وأهلى شندى ( ثنائى نهر النيل قدما خدمة كبيرة لا تقدر بثمن لطرفى القمة لا سيما وأنهما مقبلان على المشاركة فى البطولة الافريقية ( أهلنا زمان قالوا أسمع الكلام الببكيك ) وهاهما الأمل وأهلى شندى يقولان كلاما بلهجة حادة ويقدمان درسا مبكيا للمريخ والهلال *وبقراءة ثانية ومتأنية للهزيمة التى تلقاها المريخ من الأمل العطبراوى فنرى أنها مريرة وغير متوقعة ولكنها أصبحت حقيقة لابد من قبولها وواقع يجب التعايش والتعامل معه بدرجة عالية من الوعى والفهم المتقدم. نقول ذلك ونحن نتابع بحث وإجتهاد البعض المستمر عن ضحية لهذه الخسارة أو شماعة تعلق عليها الأسباب فكل ذلك لن يفيد ولا منفعة منه والمطلوب هو التروى والتفكير بهدوء بعيدا عن الإنفعال فالهزيمة لا تعنى نهاية الدنيا وليس بالضرورة أن تتبعها قرارات أو تغييرات وإن كانت كذلك لما كانت هناك كرة قدم فى الكون فهذه ليست المرة الأولى التى يخسر فيها المريخ وبالطبع لن تكون الأخيرة ومن الوارد بل المؤكد أن يخسر المريخ مرة وإثنين وثلاثة اللهم إلا إذا لم يلعب ولكن مادام أن نشاطه مستمر فهو قطعا سيخسر إن لم يكن اليوم فغدا وهذا طبيعى ومنطقى ويبقى الموضوع الأساسى هو كيف ولماذا خسر المريخ ؟ والإجابة عن هذا السؤال تفرض على القائمين على أمره إداريا وفنيا بحث الأسباب و الثغرات ومواضع الخلل حتى يتم ترميمها وسدها تجنبا لأية خسارة جديدة . الموسم فى بدايته ولازال المشوار طويلا والقادم أصعب وكل فريق لعب مباراة واحدة والمتبقى خمسة وعشرين مباراة بالتالى لا نرى داعي لشفقة وتخوف البعض *الدور الكبير يقع على عاتق الأخ الفريق عبدالله حسن عيسى بوصفه نائب رئيس النادى وهو نفسه رئيس القطاع الرياضى ونرى أنه وقياسا على حنكة الرجل ورجاحة عقله وجودة فكره وقدرته وخبرته فى إدارة مثل هذه المواقف والملفات فإنه سيعبر بالسفينة المريخية إلى برالأمان فقط ( ساعدوه بالصمت والصبر كما يقول الأخ حسن محجوب ) وما نعلمه أن الأخ الفريق عبدالله بدأ يتحرك فور إنتهاء مباراة الأربعاء بلحظات ووضع الإستراتيجية اللازمة وفرغ من وضع خطة محكمة من شانها أن تعيد الأوضاع إلى طبيعتها فى النادى والفريق.