* وباسقات اسمٌ لحائط يملكه السيد إبراهيم عبد الحفيظ ذلك الفتى الجلد الذي صال وجال أيام الدفاع الشعبي وإبان توليه منصب المحافظ في النيل الأزرق.. حيّاه الله وبيَّاه.. ومزرعة باسقات متاحة لمن يريد أن يستنشق نسيماً عليلاً ويلتذّ بمنظر جميل ويخاف الآخرة ويرجو رحمة ربه وهو ينظر إلى جواره في مقابر البنداري.. التي ما بدأ الدفن فيها حتى إمتلأ فضاؤها الرحب بالمقابر آخر محطات الدنيا وأولى عتبات الآخرة.. لكن شيخنا الذي بلغ به العمر عتيَّاً فجاوز الثمانين.. يذكر في حديثه للطلاب والمقابر تحت مرمى بصره «إن الحكومة تبغي الخلود» ودعى عليها ولم يدعُ لها!! وشدَّد على خطوات تصعيدية.. وبشَّر بثورة الجياع الذين شبههم «بالحيوانات المنتطحة!!» التي لا تبقي ولاتزر.. كما شبَّه مناصريه «بالقماري» التي تبني عشها قشة قشة.. مثلما تقول الكلمات التي تغنى بها الراحل سيد خليفة. جاء ذلك في إطار دعوته التحريضية للشباب بالزواج المبكر أثناء الدراسة.. ولم ينسَ أن يهدد بالثورة المسلحة التي تحيل بلادنا إلى صومال جديد بل أسوأ منه ولا تثريب على الشيخ في أن يحلم في إطار «الوساوس» وليست الوسوسة التي قصد منها الحديث الهامس.. والدغمسة التي تعني «رمادية الموقف».. لكن قد آلى الشيخ على نفسه بأن يسعى لإسقاط النظام الذي أتى به هو .. وانفرد بمرجعيته لعقد من الزمان بعدما حلَّ هيئة شورى الجبهة الإسلامية.. فبينما كانت الأحزاب «المحلولة» بقرار مجلس قيادة ثورة الإنقاذ تمارس نشاطها سراً داخل البلاد وعلناً من خارجها.. كبت قرار الأمين العام للجبهة الإسلامية القومية نشاط أعضائها.. وبقي هو «رئيساً لا حبيساً» يُصرِّف شئون الدولة من منزله ولا يقطع «الرئيس» بدونه أمراً.. حتى أكلت الثورة «أباها».. لا أبناءها كما يقال عن الثورات ولو لزم الشيخ «مقامه» الرفيع في نفوس حوارييه وأتباعه حتى الذين خالفوه الرأي وعمل على الإصلاح ورأب الصدع ومناصحة المسئولين.. وترفَّع عن الإحن والضغائن وشهوة الإنتقام إذن لرأينا أمراً مختلفاً جداً.. فلا تنتطح عنزان في قدرات الشيخ الفكرية والتنظيمية والقانونية والفقهية.. لكن الحيرة تضرب الجميع من هذا العناد الذي لا يشبه حكمة الشيوخ وحنكتهم ووقارهم.. ومع أن الهدم أسهل من البناء إلا إن معاول الشيخ لم تفلح في أن تأتي بنيان الإنقاذ من القواعد فيخر السقف فوق البشير وعلى عثمان ونافع فيستأصل شأفتهم فتبرد نار الحقد عند الشيخ . * طفقت أحزاب المعارضة التي قفلت باب الحوار والتسويات السياسية مع المؤتمر الوطني تلتقط أي بوادر أزمة لتصنع منها رأس جسر لتقويض النظام فيطيش سهمها ويخيب فألها.. راهنت على الحركة الشعبية في جوبا وكاودا فكبا جوادها.. وسارعت لدعم حركة العدل والمساواه فانفرط عقدها.. وراهنت على قضية المناصير فانفض سامرها.. وإبتهجت بتمرد عقار والحلو فخاب رجاؤها.. ورنت ببصرها للأزمة الإقتصادية فانفكت عُقدتها.. والتقطت إستشهاد عوضية عجبنا المقتولة خطأً وظلماً.. فانقطع سبيلها.. «ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يُسرف في القتل إنه كان منصوراً».. وعمدت إلى إفشال مفاوضات أديس أبابا لتكون الحرب هي الخيار الأوحد.. فتغلب صوت العقل على طبول الحرب فارتد إليها بصرها خاسئاً وهو حسير .. ورفعت عقيرتها بالحديث عن الفساد فسبقتها إليه الحكومة وأودعت بعض المتهمين الحراسات وكونت آلية لمحاربة الفساد حتى قبل أن تصل بعض الوثائق لبعض صحف الإثارة لتروج لمبيعاتها وتدِّعي إنها السيف المصلت على الفساد في تغييب مقصود لدور الدولة في محاربة الفساد.. وهكذا كلما أوقدوا ناراً أطفأها الله. بلا حول من الحكومة ولا قوة.. فالحكومة «قدَّها رباعي كشملة كنيزه التُلاتيه» وتحتاج كثير من سياساتها للتقويم وبرامجها لإعادة النظر ومنسوبيها للمحاسبة.. ولن تسقط الحكومة إلَّا بأفعالها «لا بنشاط المعارضة ومكايدها.. فالشعب السوداني أذكى من جميع قادته ومن كل إعلامه.. ولن يثيره مانشيت يقول «الشرطة تغتصب طفلة وتقتل إمرأة!!» والعمر يمضي بالقيادات نحو النهايات والرايحات أكثر بكثير من الجايات.. والأعمار بيد الله. وهذا هو المفروض