تبقى المملكة العربية السعودية التي تستضيف على اراضيها نحو مليون نسمة من السودانيين، واحدة من أهم الدول التي يرتبط بها هذا العدد الكبير لجهة الكسب الاقتصادي. وفي مدنها حراك اجتماعي لا تخطئه عين، وتبعاً لذلك هناك قضايا كثيرة في حاجة لكي تطرح عبر وسائط الاعلام، وخاصة «الميري» إلا أن الأخير ظل غائباً تماماً عن تناول قضايا يجب أن تناقش حتى تجد الحلول المناسبة. وفي كثير من المناسبات السودانية تجد بعض مراسلي الفضائيات السودانية، يقومون بتسجيل هذه المناسبات التي تتراوح بين مناسبات خاصة «أفراح» أي كان نوعها، عرسا أو حتى «سماية»، وايضا ليالي «التعبئة» شعراً وغناءً وخطباً حماسية، من قبل الموالين والمعارضين.. حيث يحضر المراسل وبرفقته المصور، ويتم الاتفاق على «تأجير الكاميرا» على حساب صاحب او اصحاب المناسبة، وتجد «المراسل» يركض شمالاً ويميناً، يجري مقابلة مع هذا ويتحدث مع ذاك طوال ساعات «الحفل» وعند البث لا ترى غير لحظات سريعة، فيما لا يتقاضى هذا المراسل أجراً.. ربما يكفيه أن يظهر في «الشاشة» !!.. والامر العجيب أن هذه الفضائيات تعمل بلا تصريح رسمي باستثناء «قناة الشروق» التي تقدم مقابلاً مالياً لمراسلها. أمام هذا الواقع يصعب على مراسلين تسعدهم لحظات اطلالة عبر «الشاشة»، أن يذهبوا بعيداً بتغطياتهم «الفجة».. هل شاهد أحدكم على فضائية سودانية سجناء يبثون همومهم من خلف القضبان.. هل تمت استضافة أرملة رحل عنها زوجها وهي لا تقوى على تدبير شؤونها.. هل ذهبت الكاميرا والمراسل الى الصحارى والجبال لنقل كيف يعيش الرعاة السودانيون في ظروف طبيعية قاسية وبأجور لا ترقى لعبور البحر المالح.. هل تم طرح قضية تعليم ابناء المغتربين ورحلة المعاناة التي يعيشونها في سبيل الحصول على مقعد دراسي في جامعة سودانية.. وهل حكى لكم أحد المراسلين لماذا اغتربت الكوادر من الاطباء والمعلمين.. هل نوقشت قضية العنوسة في اوساط بنات المغتربين.. وهل فتحت ملفات «ضياع هوية الصغار»؟! وفي الجانب الآخر من الضفة لم تفلح قنواتنا في استعراض مسيرة كوادر وطنية أفلحت في بناء مؤسسات ضخمة في السعودية، وكوادر مازالت تقدم العطاء النبيل منذ عقود.. وعباقرة في الجامعات والمستشفيات «رجال ونساء» منهم من حصل «باستحياء» على جنسية البلد المضيف مكافأة لتميزه. ستبقى «قنواتنا الفضائية» بعيدة عن ملامسة هموم واهتمامات المغتربين طالما اعتمدت على مراسلين لا يتمتعون بالإبداع، وليس لديهم من الفكرة والرؤية ما يعينهم على ما يجب تناوله .. وكيفية استعراضه.. وهم «لا يُسألون» طالما أنهم يعملون «ببلاش» .. ولا أحسب أن هناك مبدعاً او صاحب عطاء حقيقي يعمل «ببلاش».. وهنا تكمن «المعضلة»!! ويبقى القول إنه يتوجب على القنوات السودانية إن أرادت عملاً إعلامياً له «قيمة» أن تبحث عن مبدعين لهم خبرات في الإعلام والعمل «التلفزيوني» لتدفع بهم إلى ساحة الاغتراب، حتى يشهد الناس واقع الاغتراب يمشي برجليه بحسناته وسيئاته .. بدلاً من الاحاديث الممجوبة «من شاكلة» بسلم على خالتي .. وبهدي الأغنية لحبوبتي. معذرة: نعتذر للقراء الكرام عن نشر مقال «صنع في السودان» الأربعاء الماضي نتيجة خطأ فني، حيث سبق أن نشر المقال خلال صفحاتنا الماضية.. وهو خطأ لا يفوت على فطنة القارئ.