عينت الحكومة المستشار ياسر احمد محمد مدعيا عاما لدارفور ليواصل المهمة خلفا لزميله المستشار احمد عبد المطلب الذي استقال الاسبوع الماضي من منصبه وبهذا يكون عدد المدعيين الذين عينتهم الحكومة في منصب مدعي عام للتحقيق في جرائم دارفور وصل الي خمسة مستشارين من وزارة العدل في مدة اقل من اربعين شهرا استقال اربعة منهم لاسباب لم يفصحوا عنها. ثمة اسئلة بدأت تطرح نفسها عن الاسباب التي تدفع المستشارين لتقديم استقالاتهم المتتالية من هذا المنصب الكبير دون ان يحدثوا تقدم يذكر في هذا الملف الشائك وهل يستطيع المدعي الجديد احداث اختراق ما عجز عنه رصفاؤه السابقون (عبد المنعم زمراوي ونمر محمد وحسن طيفور واحمد عبد المنطلب) والي متي يظل هذا الملف الحساس مفتوحا دون اجراء تحقيقات مقنعة تشجع الضحايا وتشعرهم بان حقوقهم التي تعرضت لتجاوزات يمكن ان ترد لهم بواسطة السلطات القانونية الوطنية ليبعدوا عن مخيلتهم اهواء الخارج التي تمنيهم بتحقيق العدالة. ويقول المستشار الخبير القانوني نبيل اديب المدعي العام الجديد سيصطدم بنفس الصخرة و التحديات التي تحطمت عندها طموحات المدعين السابقين لافتا الي ان الذين ارتكبوا جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية في دارفور هم فئتان اما حركات مسلحة او قوات حكومية موضحا ان الاثنان لهم من الحصانات مايمنعهم من الخضوع الي سلطات المدعي مبينا ان المدعي سلطاتة محدودة ولايستطيع ان يرفع حصانة من اقل المتهمين حصانة والمهمة اكبر من كل الذي نراه في الواقع وعليه سيظل هذا الوضع في حاله وتوقع اديب ان تصطدم مجهودات المستشار ياسر بالعمل في ارض الواقع وعندها ستنهار نفسياته كما انهارت نفسيات عباقرة مستشاري وزارة العدل السودانية المعروفون (نمر وزمراوي وطيفور واخيرا احمد عبد المنطلب). ولكن السوال الذي سيظل يلازم المستشار ياسر هل سيكون الطريق عنده ميسرا لتجاوز ما عجز عنه اسلافة وغيرة ويطمئن الضحايا ويحقق لهم ما نصت علية وثيقة الدوحة لسلام دارفور في المادة 52 والتي تستندعلى تحقيق العدالة والمصالحة في دارفور علي مبادئ، احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والعدالة والمصالحة التي تعتبرهما عنصران أساسيان ومترابطان لتحقيق السلام الدائم في دارفور وضروريان لتعزيز سيادة القانون واقرت المادة اعتماد آليات العدالة الانتقالية من أجل الانتصاف، ومن أجل المساءلة القانونية لجميع مرتكبي أعمال العنف المتصلة بالنزاع المسلح في دارفور والتي تتمثل في المبادئ التوجيهية للمصالحة في إعادة إعمار وإصلاح العلاقات الاجتماعية وإحياء قيم التعايش السلمي واحترام العادات القائمة والتعاون والتضامن الاجتماعيين اللذَين يتميز بهما المجتمع الدارفوري ورفع مستواهما وحق الضحايا في الحصول على آليات العدالة والإنصاف وخاصةً الحق في الحصول على تعويض مناسب وفعال وموجه و أو التعويض عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ، وامرت المادة 52في فقرتها السادسة بان تكون العدالة وآليات الانتصاف الأخرى، بما في ذلك آليات العدالة الانتقالية، مستقلةً ومحايدةً، وينبغي أن تكون متوافقة مع القواعد والمعايير الدولية وإدانة الانتهاكات والفظائع وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في دارفور خلال النزاع، وطالبت المادة 52 (باتخاذ اجراءات صارمة تجعل الحاجة الملحة إلى اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات وضرورة ان يخضع جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي للمساءلة والتسجيل والتوثيق على نحو ملائم لكل الجرائم وكل أنواع الانتهاكات والاعتراف بالوضع الخاص للنساء والأطفال والشباب وهمومهم، والدور الهام للنساء والشباب في منع الصراعات وحلها، وفي عمليات العدالة الانتقالية وبناء السلام، وضرورة مشاركتهم على قدم المساواة وبالانخراط الكاملٍ في جميع الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك العدالة والمصالحة وأهمية مواصلة إجراء إصلاحات قانونية ومؤسسية لتعزيز سيادة القانون ووضع الآليات ذات الصلة بها وفقاً للمعايير الدولية. وأهمية الخبرات وأفضل الممارسات الإفريقية والدولية فيما يتعلق بمبدأ المساءلة والمصالحة والبحث عن الحقيقة حول ما حدث في دارفور؛ واستخدام آليات العدالة والتعويضات والمصالحة لتسوية النزاع والتدقيق في الخدمات العامة لتحديد الأفراد الذين ارتكبوا إساءات وانتهاكات سابقة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وإبعادهم من الخدمة لكبح جماح ظاهرة الإفلات من العقاب، وبناء الثقة، وتعزيز حكم القانون في دارفوروتوفير الأمن والحماية الكاملة للمواطنين والعدالة والمساءلة والمحاسبة والاعتراف بالجرائم والمسامحة والالتزام بعدم تكرارها وتشجيع تبادل الزيارات الودية بين زعماء القبائل المتصالحة وجمع الأسلحة التي في حوزة المجموعات القبلية عن طريق القبائل نفسها بالتنسيق مع السلطات المحليةوتشجيع الحوار باعتباره القناة المناسبة لتحقيق المصالحة بين القبائل وتعزيز آليات المصالحة المعترف بها في دارفور. احد المدعين المستقيلين رفض ذكر اسمه لحساسية الامر كما قال يقر في حديثه ل(الصحافة) بصعوبة الطريق ويقول ان عملية التحقق في جرائم دارفور صعبة للغاية ولايمكن ان تحقق في ظل الظروف الحالية ما لم تتخذ الدولة اجراءات قانونية جديدة تتوافق مع مبادئ باريس لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي واوضح ان عملية التحقق في جرائم دارفور تحتاج الي بيئة مهيأة لها كل الاسباب ومتعاونة فيها كل الجهات والمؤسسات من اجل الوصول الي المتهمين لافتا الى إن هذا لم يحدث وقال (من واقع الممارسة تكشف لي ان علي ان ارضي نفسي وربي) مشيرا الي ان توفير ذلك سيكون صعبا للغاية الان و مستقبلا في ظل الظروف التي تعيشها دارفور وابان ان مهام واختصاصات المدعي العام التي تتمثل في التحقيق والتحري وتمثيل الاتهام أمام محكمة دارفور الخاصة في الجرائم المرتكبة بدءاً من العام 2003 يتعارض مع كثير من النصوص القانونية والتي تشمل الجرائم ضد الإنسانية والخاصة بالحرب الامر الذي يجعلنا بحاجة الي تفاسير وتوضيحات لانجاز المهمة. بينما يري القاضي السابق والمستشار القانوني بارود صندل رجب في حديث له مع (الصحافة) ان المدعي العام لجرائم دارفور شخص عادي ويمكن لاي محامي ان يقوم بمهمته في دارفور اذا ما التزمت الجهات المسؤولة في الحكومة وتعاونت معه وعملت علي رفع الحصانة من بعض منتسبي الجهات الرسمية وتم تقديمهم الي محاكمات عادله مبينا ان الامر اولا واخيرا يرتبط بنوايا الحكومة ومؤسساتها والمتمثلة في وزارة الداخلية والدفاع مشيرا الي ان ما نصت علية وثيقة الدوحة بشان المحاكمات المجرمين جيد جدا ويمكن يقنع الضحايا بأن هناك ما يمكن تقديمه لهم. الجدير بالذكر ان المادة 53: نصت على ضرورة ان تتفق الأطراف على أن يكون للمحاكم الوطنية السودانية سلطانٌ قضائيٌّ على الجرائم المرتكبة خلال النزاع في دارفور بدءاً من فبراير عام 2003. بالإضافة إلى مواصلة إجراء إصلاحات واسعة النطاق من أجل رفع قدراتها ومهنيتها واستقلاليتها، ولضمان المساواة في سريان العدالة على الجميع وتتعهد حكومة السودان بتيسير الوصول إلى العدالة من خلال الخطوات والإجراءات الملائمة واللازمة ومنها: زيادة عدد المحاكم والكادر القضائي، بما في ذلك القضاة والمدعين العامين في دارفوروتعزيز نظام المحاكم المتنقلة والعمل به، وتخصيص الموارد الكافية التي يتطلبها الإرساء الفعال للعدالة، بما في ذلك تأمين وسائل الانتقال الأرضي والجوي في جميع أرجاء دارفور لموظفي الادعاء، وضمان أن تقوم وزارة العدل بتعزيز ودعم مهام المقاضاة خلال إجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ الإجراءات الضرورية لتحقيق ذلك وضمان حماية الكادر القضائي والضحايا والشهود.