29 عاما مرت على وفاة أمل دنقل (1940-1983) الشاعر الذي تميز بشكل واضح من بين أبناء جيله، وشق له دربا مختلفا، وضعه ضمن الشعراء الكبار الذين لن تجرؤ الذاكرة الشعرية على تجاهلهم، وهو شاعر الرفض والحرية يبقى دنقل عازف الكمان في جوقة الشعراء الكبار، وصاحب البيان الشعري الشهير «لا تصالح»، تلك القصيدة التي ارتقت بكلمة «لا» إلى خانة الشعرية العالية، ليتغنى بها أبناء الوطن العربي حالما تفجرت ثورات، وليطوف الثوار حول «الكعكة الحجرية»، قلب ميدان التحرير بالقاهرة مترنمين بقصيدته «سفر الخروج»، التي تترجم تلك الكلمة السحرية بفاعلية، متحدية آلة الدمار، من نار وحديد وبارود وكلاب بوليسية ومدرعات تدهس من يقولها: أيها الواقفون على حافة المذبحة أشهروا الأسلحة! سقط الموت، وانفرط القلب كالمسبحة. والدم انساب فوق الوشاح! المنازل أضرحة، والزنازن أضرحة، والمدى.. أضرحة فارفعوا الأسلحة واتبعوني! أنا ندم الغد والبارحة رايتي: عظمتان.. وجمجمة، وشعاري: الصباح!