ويستمر عبث ادارة التلفزيون في إطار احتفاليته بالخمسينية.. فلم يترك شيئاً قائماً على حاله إلا أجرى عليه فأسه تقطيعاً، ومعوله تهديماً وقواطعه في الكوابل، حتى لا يدع لمن يأتي بعده ما يستطيع أن يبدأ به قبل أن يعيد الحال إلى طبيعته.. آخر هذا العبث هو إزالة النافورة التي كانت لا تحتاج إلا إلى قليل من المعالجة لتضفي على المكان صورة جمالية، خاصة إذا أضيفت إليها إنارة صناعية.. ولكنه، يا لسوء الحظ، لا يريد وجود النافورة التي يتجمع حولها المحتجون على سياساته المتمادية في الأخطاء وإضاعة مستحقات العاملين من عرقهم وإبداعهم لمدة وصلت الآن إلى خمسة أشهر ويدخل الشهر السادس الآن إلى الوجود، ناهيك عن بدل اللبس للعام المالي الحالي، والعام ينصرم إلا أياماً قليلات تعد على الأصابع!! ربما نسي المدير أنه إذا أزيلت النافورة يتحول الميدان تلقائياً إلى ميدان التحرير!! أزالت إدارة التلفزيون أسوار الحديقة التي تحيط بالبناية من الجهة الشمالي ولا بدّ أنها ستزيل الأسوار من الجهات المتبقية من الشرق والغرب من المدخل الجنوبي للتلفزيون.. والمضحك في الأمر أن إنشاء هذه الحديقة احتاج إلى استجلاب خبير في الحدائق من إحدى دول الخليج!! فكم من المال صرف على هذه الحديقة التي ستزال فيما يبدو، لكي يقام عليها شيء ما سيزال أيضا فيما يبدو؟ وطليت بعض جوانب البناية باللون الأبيض، ولا أدري من الذي أشار بهذا اللون الذي يعلم الطلاب في الثانوي العالي أنه ليس اللون المناسب لأسباب عدة.. أولها أنه يؤذي أعين العاملين إذا نظروا إليه فهو عاكس قوي للضوء ويسبب «بلاوي» لا تحتمل لمن ينظر إليه.. هل يريد المدير العام أن يحيلنا إلى مستشفيات العيون حتى يتم علاجنا من الكتراكت والمياه السوداء؟ هذا في الشتاء، فإذا جاء الصيف ظهرت مشكلة جديدة تضاف إلى المشكلة الأولى وهي أن اللون الأبيض عاكس شديد القوة للحرارة ويردها إلى داخل البناء بحيث تتضاعف الحرارة الحقيقية عما هي عليه حقيقة!! أما إذا جاء الخريف فلا بدّ أننا كلنا نعلم أنه شديد التأثر بالأمطار.. ويجعل وجه التلفزيون كوجه الفتاة المتخلفة التي «جلبطت» وجهها بكل الألوان، ثم تعرقت وملأ العرق وجهها فصارت كلوحة سيريالية رسمها « سلفادور دالي». ولا أدري من الذي أوحى بهذا الشعار الشائه للخمسينية الذي يبدو في أعلى الشاشة من الجهة اليمنى؟ ما هي الجهة العبقرية التي أدخلت شعار التلفزيون الأصلي الذي يحمل عبارة «لا إله إلا الله» في الصفر الخمسيني؟ لا نريد أن نقول إن هناك جهة تريد أن تدخل في روعنا أن هذا الشعار الذي يتعلق به ملايين البشر ما هو إلا صفر كبير، ولكن!! سؤال بريء جداً.. هل حقيقة أن العام الحالي هو العام الخمسين للإرسال التلفزيوني؟ نحن نعلم، بسبب أننا عاصرنا قيام التلفزيون منذ أول يوم في نوفمبر 1963م، وليس عام 1962م، كما يحاول المدير أن يوهم العالم، فالإرسال التجريبي بدأ حقاً في عام 1962م في أعياد ثورة نوفمبر بقيادة السيد الرئيس الفريق إبراهيم عبود، وفي عهد وزير الاستعلامات والعمل محمد طلعت فريد، ولكن لسبب هندسي ما أجل الإرسال الفعلي إلى العام التالي 1963م.. راجعوا الأخت الشقيقة الإذاعة السودانية ولقاءً أجراه الأخ عبد العظيم عوض مع المرحوم الإعلامي والوزير الأسبق محمد خوجلي صالحين، أعيد بثه قبل مدة ليست بعيدة في إذاعة «ذاكرة الأمة»..ولا يحتاج الأمر إلى كبير عناء، فالإذاعة ليست بعيدة، ولكن أكثر ما أخاف أن يعيد المدير العام الاحتفالية في العام التالي 2013م!! وسؤال بريء آخر.. إذا كان افتتاح التلفزيون في نوفمبر فلماذا تكون الاحتفالية في شهر ديسمبر؟! هل سمعنا عن احتفال بعيد الميلاد لشخص في غير يوم ميلاده؟ من لديه قليل من الوطنية والمحافظة على المال العام الذي يهدره مديرنا الهمام في عبثه المستمر بالمال العام؟ هل لا يعلم وزير المالية بهذه الأموال المهدرة بحجة أن كل تكلفته من باب الرعاية، وهل هذه الرعاية ليست مالاً يخص العاملين؟ ألا هل بلغت اللهم فاشهد * تلفزيون السودان أم درمان