يخوضون يوميا معركة الحصول على مقعد في مركبة تقلهم الى منازلهم او اماكن عملهم .. بيد انهم في كل مرة يخسرون .. لا وجدوا مقعدا او التفت اليهم مسئول .. انهم البسطاء من الطلاب والعاملين وربات الاسر الذين كتب عليهم الشقاء في وسط الخرطوم .. كان عام 2012 حزينا عليهم .. ومؤلما .. فقد كان عام ازمات المواصلات الحادة ( الصحافة ) تقص نبأ المتألمين في مواقف المواصلات .. وما بدا وكأنه عمل روتيني يؤدى في اطار مهنة البحث عن المتاعب تحول الى ارشيف ضخم حوى 1532 صورة التقطت خلال العام الماضي الذي شهد سبعا من الازمات التي وصفت بانها حادة اضطر خلالها الناس الى المشي سيرا على الاقدام .. اليكم سبع من الصور .. انها ليست سبعا في حد ذاتها .. وانما قصص ايام الاسبوع السبعة تعبر عن معاناة الآلاف من سكان الخرطوم . يصدر الأقوياء وقفن بعيدا على الطرف القصي من المركبة في عصر احد الايام .. انتظرن حتى يصدر الأقوياء من الرجال .. لا وجدن خال فاطمة ولا مقنع الكاشفات ولا عشا البايتات ولا اخوان المروءة .. لا احد يهتم بهن او يسرع بتقديم المساعدة .. والعضلات المفتولة اقصتهن عن المداخل .. لا شئ يفعلنه سوى الانتظار الطويل .. آه .. فقد تغيرت الخرطوم وارتدت لباس التحرير الاقتصادي .. الرهان الخاسر انها قصتنا اليومية .. ما بين الجلوس على الرصيف او الهرولة جيئة وذهابا .. مارثون طويل لا نهاية له ..ومهما اختلفت ابداننا او اشكالنا فاننا دوما نجسد واقعا واحدا .. اذهاننا مشغولة في البحث عن مخرج ، والامل في حدوث معجزة .. قد لا تأتي قريبا .. بيد اننا موقنون من ان لا احد من مسئولي الولاية قد خطر بباله ان يأتي الينا .. أليس لمثل هذه الاوقات اخترناهم ووليناهم امورنا قصور نظر ! كما اعمدة الكهرباء وتلغرافات السكة حديد تبدو اللافتات القريبة من العين كبيرة الحجم بيد ان رؤية مسئولي الولاية تقصر عن رؤية آلام ما يحدث في مواقف العاصمة بوسط الخرطوم ، واللافتات المتراصة في موقف جاكسون عجزت عن حمل افكار عارضيها وباتت عجفاء يضنيها العوز .. بيد انها تمنح الركاب المنتظرين فرصة بث شكواهم اليها والانصات الى معاناتهم .. ومتكئا ريثما يبدأون معركة الحصول على مقعد . الزئير الأخير لملك المواصلات قلت لكم في آخر مرة عندما تركتموني وحيدا اعاني ايام الوحدة الطويلة وظلام الهجران انكم ستحتاجون الى ، تركتمونا ولم تشفع لنا خدمتنا الطويلة .. نعم كنت متأكدا من ذلك .. قريبا او بعيدا ذلك اليوم ستحتاجون الى .. لست ضارب رمل او عالم غيب .. لكني الفت تفكير المسئولين بالولاية منذ ان كانت معتمدية .. لا احد يحمل عنكم وطأة الازمات مثلى .. ذاغت قلوبكم وراء حسناوات الطريق الجديدة .. الكريس والهايسات واليرفانات والروزات وماذا كانت النتيجة .. استغلوكم وضاعفوا قيمة تذاكرهم اضعافا مضاعفا .. وهيهات ان يحلوا مشكلتكم ابدا .. تذكروا انني ملك المواصلات شمس منتصف الليل فيما مضى كنا نعرف شمسا واحدة تمنحنا الضياء والامل .. بيد ان عالمنا تغير .. وبدلا من شمس واحدة تضئ طريقنا .. بات بامكاننا ان نستمتع بشمس اخرى تمنحنا الضياء في عتمة الليل البهيم .. لم نعد نعرف اي الشمسين هى الحقيقية .. فقد طالت ازمان وقفتنا في المواقف .. اهو ليل ام نهار .. نهار ام ليل .. لا يهمنا ذلك كثيرا .. كل ما يهم اننا ننتظر .. وما من احد يأتي ! الهواتف النقالة .. حضور في زمن الغياب لا صوت يعلو فوق نغمات الموبايل في مواقف المواصلات ، واذا انقطعت الاجساد عن الوصول الى مرادها حلت الموبايلات في توصيل افكارها .. يخيم الصمت على جموع المنتظرين في المواقف .. لا يقطع الصمت المهيب سوى نغمة ترن هنا او هناك .. لاتسمع الاذن سوى عبارات الاعتذار من الجالسين والواقفين .. والتفهم من الطرف الآخر .. تحكي الوجوه قصة الالم الطويل من التخلف عن مائدة الغداء او اللحاق بزفاف او ادراك عزاء في الطرف الآخر من المدينة كما تدين تدان نولد أسوياء وأنقياء .. تربينا على مكارم الأخلاق .. ولا ندخل الحافلات الا من ابوابها .. لكن الظروف و(المعايش جبارة ) .. لكل واحد منا طريقته الخاصة في التحايل على الواقع المرير الذي يجابهه .. لاتدينوا تصرفاتنا .. كل منكم يفعلها عندما يجد نفسه مضطرا ..