بالنسبة لعثمان فقيري الذي يدرس الصيدلة بجامعة العلوم الطبية بالخرطوم، فإن اتمام هذه الدراسة التطبيقية لايشكل اولوية لديه فهو يعتقد ان الجهاد والدعوة وارتياد صفوف المحاضرات الدينية افضل من «هدر الوقت في اشياء غير مفيدة» وعلى اثر ذلك غادر في رحلة الى ماليزيا لم يعد منها وفقا لمقربين منه. وينتمي عثمان فقيري، «20 عاما»، الذي يدرس في السنة الثالثة بكلية الصيدلة بجامعة العلوم الطبية على نفقة خاصة تبلغ 18 الف جنيه في العام الى جمعية «الحضارة الاسلامية» التي تنشط في الدعوات السلفية داخل مقر الجامعة، وتعمل على استقطاب الطلاب والطالبات وتنظم المحاضرات الدينية كما انها لا تمل من نشر الملصقات الورقية في اروقة الجامعة واماكن النشاط التي يتردد عليها الطلاب لتعلن عن المحاضرات الدينية. وقال طالب مقرب من فقيري «لقد ابلغنا عبر البريد الالكتروني بعد ان اغلق هاتفه الخاص الجمعة الاخيرة من شهر يناير الماضي بأنه يطلب العفو والعافية ب(العامية السودانية)، قائلا انه لن يعود الى صفوف الدراسة دون ان يحدد وجهته او اسباب اختفائه» وتابع «انضم اخيرا الى جمعية الحضارة الاسلامية وكان ينظم المحاضرات داخل الجامعة ويحض الطلاب على عدم مصادقة الطالبات ولم يكن يعترف بالصداقة بين الجنسين تحت اي مبررات حتى ولو كانت في اطار التعاون الاكاديمي.. وكانت اراؤه متطرفة الى حد كبير». ودارت روايات في جامعة العلوم الطبية بالخرطوم بأن طالبا تخرج في كلية الطب انضم الى الجماعات المتطرفة التي ضبطت في حظيرة الدندر بولاية سنار قبل ثلاثة اشهر وابلغ الطالب اسرته «ان الطب كلام فارغ وان الحياة في لقاء الله والاستشهاد». وسعت اسرة الطالب عثمان فقيري التي تقيم في المملكة العربية السعودية الى البحث عن ابنها المفقود واجرت اتصالات بالجامعة لكنها لم تتمكن من معرفة اسباب اختفائه وهجره للمنزل الذي يقيم به مع شقيقه الاكبر بحي راق شرقي الخرطوم. وتنشط الجمعية التي ينتمي اليها فقيري في مخاطبة الطلاب بشكل راتب في الجامعة وتحضهم على عدم الاختلاط وتحرم الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية وعيد الحب ولديها اصدارة شهرية باسم الحضارة الاسلامية توزع داخل الجامعة، كما انها تقيم محاضراتها في الهواء الطلق بالقرب من القاعات وتستخدم مواقع التصفح الاجتماعي وانشأت حسابا على «الفيسبوك». وتخوف عامل بالجامعة من تمدد نفوذ الجمعية وقال ان عدد الطلاب الذين انضموا اليها بلغ اكثر من 200 طالب وطالبة، وقال «اعرف احد الطلاب الذي كانت تربطه صداقات قوية مع الطالبات عندما ارتاد الجامعة في السنة الاولى لكنه الآن تحول الى شخص متطرف وحاد التعامل ويناهض العلاقات الاجتماعية والاكاديمية داخل ردهات الجامعة.. لقد تحول من طالب كان يتناول الشكولاتة والعصائر الطازجة ويطلق القفشات الساخرة مع زميلاته وزملائه الى شخص يكره كل هذه الاشياء حاليا». وتقول طالبة تدرس في كلية الصيدلة بجامعة العلوم الطبية «لم يكن فقيري ينتمي الى الجمعية في المرحلة الاولى من الدراسة فهو التحق بالجامعة من دولة عربية تقيم بها عائلته وحينما التحق بالجمعية تحول الى شخص آخر حرم كل الاشياء حتى مجرد مصافحة الطالبات او التحدث اليهن» واضافت «الجمعية تتبع اساليب حديثة في استقطاب الطلاب ونشاطها غير محظور كالاحزاب السياسية داخل هذه الجامعة». وقالت الطالبة التي بدت عليها مظاهر الثراء «كما ترى فإن الطلاب الذين يرتادون هذه الجامعة ينتمون الى عائلات ثرية فهم ينفقون على الدراسة 18 الف جنيه سنويا ولا يواجهون ظروفا اقتصادية كرصفائهم في الجامعات الاخرى،» وزادت «معظم هؤلاء الطلاب لا يقيمون مع عائلاتهم لانها تتواجد خارج لسودان وترسل ابناءها الى الدراسة وتوفر لهم امكانات كبيرة وهذا مناخ يسهل من مهمة الاستقطاب لاية افكار تعرض عليهم» ومضت قائلة «غالبا ما يتزيا اعضاؤها بالجلباب والعبايات لاضفاء طابع ديني على تصرفاتهم وسلوكهم ربما ألهم هذا الشكل بعض الطلاب».