: التطور الهائل في مجال البث الفضائي الذي احدثته عشرات الأقمار الاصطناعية التى تدور حول الأرض ليل نهار، فتح الآفاق امام الإعلام المرئي الفضائي، وكسر هيمنة الشاشة الواحدة التي كانت تحتكرها الدول، واصبح من اليسير اذا توفر لك المال الحصول على خط للبث المباشر عبر الاقمار الاصطناعية، ونظرة فى محتوى قمر مثل نايل سات تؤكد عدم وجود ضوابط مشددة او عوائق تقف امام الراغبين في امتلاك فرص البث الفضائى سوى «المال»، وقنوات مثل الحوانيت الصغيرة تروج لمنتجات حقيقية ووهمية على مدار اليوم، التداوي بالأعشاب تسلية وتعارف ومسابقات وغناء وافلام.. قنوات طائفية ومذهبية وسياسية ورياضية وفى كل يوم تولد فى الفضاء قناة جديدة تغازل المتلقي الملول الممسك بالريموت كنترول بأساليب مختلفة لتبقيه أطول وقت على مقعد الفرجة، وفى خضم هذا المولد الفضائي يتشكل واقع حافل بالإيجابيات والسلبيات تنخفض نسب المشاهدة الى أدنى مستوى، فكيف لمشاهد أن يتابع كل هذا الكم من القنوات والمحطات التلفزيونية. وفى ذات الوقت تتناقص حصة تلك القنوات من كيكة الإعلان وتصب أموال المعلنين في خزانة عدد محدود من القنوات التي تتمتع بمشاهدة عالية، وتكاد تنعدم المنافسة بين القنوات وفق تلك المعادلة الاقتصادية. لقد شهد السودان نقلة في مجال الإعلام التلفزيوني خلال الأعوام الماضية، وقد استبشرنا خيراً بميلاد عدد من القنوات التلفزيونية الخاصة التي توقف بعضها لأسباب اقتصادية ومازال بعضها يواصل البث، وانضمت أخيراً قنوات ولائية مثل البحر الأحمر وكسلا وفى الطريق نهر النيل ومدني، وربما تسعى كل الولايات لأن تكون لها قناة فضائية، لكن تبقى المعضلة التي قد تجعل البعض لا يتفاءل بمستقبل تلك الفضائيات «المال» الذي بدونه لن تستطيع أن تنتج برامج حقيقية ودراما مؤثرة تقنع المشاهد السوداني بالعودة لمشاهدة القنوات السودانية كل الوقت، وذلك يتطلب التفكير وعملاً جاداً من قبل المعنيين بالأمر في كل المستويات، وبدون ذلك والوصول لحلول سوف يظل الحال كما هو عليه، ولن تنافس القنوات السودانية المحلية بامتياز إلا نفسها إن كتب لها الاستمرار. [email protected]