٭ الفاتح الطيب محمد، من الشعراء الشباب الذين لم تتح الفرصة لتسجيل أصواتهم وبصماتهم في الوسط الإعلامي، ونشأ وترعرع في بادية البشاقرة شرق، واطلق عليه لقب «أصغر شاعر»، ودرس العلوم السياسية والعلاقات الخارجية، وأحب الشعر فكتب عشرات القصائد.. التقيناه فكان هذا الحوار: ٭ صورة مقربة: أنا الفاتح الطيب محمد، من مواليد منطقة البشاقرة شرق، درست فيها جميع المراحل الأساسية والثانوية، والتحقت بجامعة النيلين ودرست العلوم السياسية، ومن ثم درست العلاقات الدبلوماسية. ٭ متى كانت بداياتك في كتابة الشعر؟ كانت بداياتي الأولى منذ أن كنت بمرحلة الأساس، حيث أنني انتمي إلى اسرة لصيقة بالفن وصديقة للشعر والادب عموماً، فكنت استمع إلى الأغاني التي يتغنى بها خالي بدر الدين علي البشرى واحفظ كلماتها، ومن تلك اللحظة بدأت محاولة الكتابة وكان ذلك في المرحلة الثانوية، وعندما دخلت الجامعة وجدت أنني امتلك شيئاً من ناصية الشعر لالتحق بمنتدى الخرطومجنوب، وحينها أطلقوا علي لقب «أصغر شاعر». ٭ وكيف كانت خطوتك التالية في الخرطوم؟ تعددت مشاركاتي بعد مجيئي إلى الخرطوم، حيث كنت الأمين الثقافي لجمعية العلوم السياسية، ولدي العديد من المشاركات في المنتديات الطلابية على مستوى الجامعات، بالإضافة لمشاركاتي في الاحتفالات السنوية والأسابيع الثقافية، واستهوتني جداً المنتديات الشعرية التي كنت أتردد عليها بشكل مستمر. ٭ لماذا لم تدرس الأدب؟ ربما لأن البدايات الشعرية الحقيقية جاءت مع بداية الدراسة الأكاديمية، وكانت المسألة أقرب إلى كونها هواية وترويحاً، كذلك ربما لأن الصدفة هي التي جعلتني أدرس العلوم السياسية التي هي أقرب للعلوم الإنسانية والأدبية، ومع ذلك فأنا أدرس الأدب بشكل خاص باعتباره متوفراً ومتاحاً على سبيل الاجتهاد. ٭ ما هي أنواع كتاباتك؟ أكتب الشعر الحر والرباعيات بحكم النشأة والثقافة في منطقة البشاقرة شرق التي هي جزء من البطانة الغنية بالشعراء، وأحيانا تشدني الأحداث للكتابة في مواضيع متعددة كالسياسة والمجتمع والرياضة وغير ذلك. ٭ بمن تأثرت؟ يأخذني الشاعر عمر الطيب الدوش إلى عوالم الشعر المملوء بحب الوطن الكبير، فأجدني متأملاً متواضعاً ومتقرباً إلى مدرسة شعره العظيم، وأرى في أزهري محمد علي شاعراً متشبعاً بأحاسيسه التي تلامس مشاعر الكثيرين، ومصطفى سند شخصية إنسانية سودانية لا تتكرر. ٭ متى تكتب ومتى تولد القصيدة؟ أكتب عندما أقرأ، وأقرأ عندما أحتاج للقراءة، وحاجتي للقراءة لا تفارقني، والقصيدة لا تولد بالصدفة وإنما بالمتابعة والتأمل وجزء من الاهتمام والاجتهاد في قراءة الأحداث وتصوير الواقع من خلال أبيات الشعر، فالتطور الذي حدث على مستوى القصيدة نقلها من لحظة مجيئها الغريزي إلى لحظة التدقيق والنقد الذاتي للكتابة، لتأتي القصيدة مواكبة لتطور الفكر البشري وتخاطب الناس بواقعية أكثر وبصدق أدق، فالقارئ الآن والمستمع والمتابع للشعر هو ناقد، ومعظم السودانيين أصبحوا إن لم نقل شعراء بارعين في تناول الشعر وتذوقه، فالمسألة تحتاج ل «حرفنة» لدعم غريزة الإبداع الشعري، وهذه ليست لصالح الارتجال وصناعة الشعر، بل تكون رؤية للتطبيق والمتابعة. ٭ كيف تنظر إلى القصيدة السودانية والشعر السوداني؟ القصيدة على الوجه العام عندي هي تلخيص لرأي أو فكرة وإحساس، ويمكن أن تكون نقلاً للحظة بكل وجدانياتها ومادياتها، وهي استراحة وفي نفس الوقت انتفاضة، أما عن القصيدة السودانية فهي لا تختلف عن القصائد العالمية إن لم تكن الأجمل، والأدب السوداني عموماً هو أدب حقيقي ينبع من حياة حقيقية، بالإضافة لكونه فناً وغريزة إبداعية يدعمها الموروث الثقافي السوداني، فالشاعر السوداني في كل كتاباته يأسرك ويجبرك على مواصلة الاستماع والاستمتاع بالقصيدة، ولو لم أكن شاعراً سودانياً لقرأت الشعر السوداني، فأنا من المعجبين جداً بالشعر السوداني بكل تصنيفاته من دوبيت وشعر فصيح وشعر عام وقصائد التفعيلة وغير ذلك. ٭ حدثنا عن علاقتك بالأجهزة الإعلامية؟ أنا متابع للإعلام، وعلاقتي به وإن كانت بعيدة ولكن أنا أؤيد أن أحد عوامل النجاح يحققها الإعلام، آملاً في أن تسنح الفرصة لتطوير العلاقة أكثر مع الإعلام، فالشعر رسالة يجب أن تؤدى ولا مجال لذلك إلا عبر الإعلام، وإلا ستغيب القصيدة والمعنى الرسالي، ومع ذلك فأنا أكتب عبر المواقع الإلكترونية الاجتماعية والمنتديات وعبر الإذاعات المحلية. ٭ كيف يمكن للشعر أن يسهم في المجتمعات؟ من خلال تناول الأحداث والتطورات والظواهر بصورة سليمة، وتجريدها من شكلها الخارجي والغوص في أعماق الظواهر، فالشاعر هو معلم وطبيب ومصور ومسرحي وتشكيلي وعامل وسياسي ومراجع نفسي واجتماعي، فالقصيدة يمكن أن تتناول ظاهرة معينة للنقد أو المدح لهذه الظاهرة، فتدعمها للتراجع أو الابتعاد، فعندنا في السودان مثلاً قصائد الحماسة والرباعيات الشهيرة مازالت دليلاً على قيم عظيمة جداً مثل الكرم والعفو والشهامة والمروءة والرجولة، فتلك القيم السودانية راسخة، وللشعر السوداني دور كبير في ترسيخها وأرشفتها والانتقال بها من جيل إلى جيل آخر، وهنا يكمن دور القصيدة في حفظ تلك القيم الاجتماعية. ٭ ما هي تطلعاتك؟ من تطلعاتي أن يجد الشعراء الشباب فرصة ليقوموا بدورهم، وينقلوا أفكارهم وتطلعاتهم، بعيداً عن التهكم والهجوم والنقد اللاذع لمنتجاتهم الإبداعية الشعرية. ٭ توقيع؟ تقديري ل «فنون الصحافة» جسر التواصل بين المبدعين، ولكونها تهتم بجميع المبدعين في جميع أنحاء السودان أينما وجد الفنان دون تميز.