يبدو أن البنك المركزي قد حزم أمره لمعالجة الاختلال والقصور الذي شاب الأداء المصرفي بالبلاد فقاد إلى ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية في مقابل الجنيه السوداني في الفترة الأخيرة الأمر الذي حدا بالمركزي إلى التدخل بقوة للحد من نهشات الدولار للجنيه فأطلق جملة من السياسات والموجهات للصرافات والمصارف على حد سواء بل ذهب اكثر من ذلك بإيقاف إحدى الصرافات وتوجيه إنذارات لخمسة أخريات وأوقف عدداً من الموظفين بالمصارف والصرافات. ولم يقف عند هذا الحد بل أعلن بنك السودان المركزي ضوابط جديدة لتفعيل الضبط المؤسسي بالمصارف الحاقا لمنشور سابق قضى بمنع الجمع بين رئاسة مجلس ادارة مصرف وعضوية مجلس ادارة مصرف آخر. كما اشترط ان يكون رئيس مجلس الادارة حاصلا على مؤهل جامعي مناسب كحد أدنى، وأن لا يتم ترشيح أي شخص تم عزله او حظره بواسطة البنك المركزي لعضوية مجلس ادارة أي مصرف أو شركة تابعة يساهم فيها المصرف الا بعد موافقة البنك المركزي، على ان يكون ذلك بعد مرور فترة لا تقل عن ثلاث سنوات من تاريخ العزل بجانب كثير من الضوابط لضمان مزيد من الحرص على أداء الجهاز المصرفي الذي شابته كثير من المنقصات على رأسها ارتفاع نسبة التعثر المصرفي وعدم القدرة على المحافظة على قوة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية وارتفاع نسبة التضخم الأمر الذي قاد إلى خلل كبير بالاقتصاد الكلي بالبلاد . ووصف الدكتور محمد الناير الضوابط التي أطلقها البنك المركزي بالجيدة والممتازة ومن شأنها الحد من الفوضى التي ضربت بأطنابها على أروقة الجهاز المصرفي البلاد مؤخرا حيث كان أناس عديدون يتقلدون أكثر من منصب لمجالس مصارف مختلفة وطالب الناير بأن تجد ضوابط المركزي المتابعة اللازمة حتى تنزل إلى أرض الواقع وألا تكون حبرا على ورق وقال إنه من الطبيعي أن يبعد كل من له تأريخ ملوث وسمعة سيئة عن تقلد أي منصب في مجلس الإدارة ولخص الخلل في المصارف والذي ينبغي أن يجد العناية والاجتهاد اللازمين لمعالجته والتغلب عليه يتلخص في ثلاثة محاور أولها ارتفاع معدلات التعثر بالمصارف السودانية حيث تجاوزت نسبته 26% في بعض الأوقات اي ما يعادل أربعة اضعاف حد الأمان المسموح بعه عالميا والمحدد ب 6% مما قاد إلى زيادة المخاطر على المصارف وبالتالي المودعين وأموالهم إلا أنه عاد باستثناء بعض المصارف التي لم يقل فيها التعثر عن النسبة العالمية بكثير وأضاف أن ثاني المحاور يتجسد في ارتفاع سعر الصرف وعدم قدرة البنك المركزي على خلق الاستقرار المنشود حيث لم يتم التوصل إلى سعر الصرف المستهدف بالموازنة العامة والمحدد ب 2.5 جنيه في مقابل الدولار حيث ما زال السعر الرسمي اقل من المستهدف بالموازنة إلا أن السعر بالسوق الموازي أعلى بكثير من المستهدف في الموازنة الأمر الذي قاد إلى خلل كبير في سعر الصرف لم يستطع المركزي السيطرة عليه لذا لجأ إلى التقليل من تجارة العملة بين البنوك المركزية في بعض دول الجوار بجانب سحب جزء من حجم السيولة بالأسواق من خلال رفع الاحتياطي من 8% إلى 11% على أن يكمل الاحتياطي من العملة الأجنبية بما يعادله وكان سحب العملة جزء من مخاوف المضاربة على الدولار وآخر المحاور يقول الناير إنه ارتفاع معدل التضخم حيث وصل إلى 15% بينما المستهدف في الموزانة (8-9) % ووصف ما يحدث بالاقتصاد السوداني بالكارثة ما لم يتلافيه على وجه السرعة حيث إن ارتفاع سعر الصرف والتضخم عندما يجتمعان من شأنهما تغويض الاقتصاد والتأثير على المواطن والوطن على حد سواء وأن أخطر أثر لهما هو حجم الاستثمار بالبلاد ومشاريع التنمية.