هنالك العديد من الملفات بوزارة الصناعة تنتظر قرارات حاسمة من وزير الصناعة في الحكومة الجديدة.. أول هذه الملفات السلع الاستراتيجية.. وحسناً قد بدأ السيد الوزير بملف الاسمنت الذي حقق نجاحات مشهودة في الآونة الأخيرة قفزت بالانتاج إلى مرحلة ما بعد الاكتفاء الذاتي.. ويقع الاسمنت داخل خارطة البلاد الاستثمارية.. وبما أن ولاية نهر النيل أكثر الولايات استعداداً لهذه المهمة فقد نشأت معظم المصانع بالولاية تحت الاشراف المباشر للوالي وأجهزته المختصة.. ولكن مازالت هنالك قضايا مفتعلة بهذه السلعة تنتظر البحث والتقصي على المستوى المركزي، كتكلفة الانتاج مثلاً ومدى منافسة المحلي للمستورد من ناحية الجودة والتكلفة، وقضايا أخرى تتعلق بالبيئة في مناطق الانتاج وغيرها. ثم نأتي للملف الأهم وهو السكر.. وقبل أن نتحدث عن المؤسسات لا بد من مراجعة استراتيجية الوزير السابق في الوصول بالانتاج إلى 13 مليون طن.. في الوقت الذي لا يزيد فيه الانتاج حالياً عن 750 ألف طن!! هل يملك عصا سحرية أم أنها أحلام زلوط؟! لقد مضى عهد طويل منذ إنشاء آخر مصنع كبير وهو كنانة في السبعينيات قبل أن يأتي مصنع النيل الأبيض في عام 2010م.. وكم عانت وزارة الصناعة في انشاء هذا المصنع من نواحٍ كثيرة.. ثم إن السكر باحتياجاته الكبيرة للمياه أصبح لا يشكل أولوية في الاستثمار بعد الصراع الذي يدور حالياً حول مياه النيل، وكيفية استغلالها لدى الأطراف كافة.. بالاضافة إلى صعوبة التمويل الذي أخذ من الوزارة زمناً طويلاً لكي تصل إلى مبتغاها. ثم نأتي إلى المؤسسات ونبدأها بشركة سكر كنانة والتي عانت كثيراً في الوصول إلى الطاقة القصوى لمصنعها.. ولكنها بدلاً من أن تسير إلى الأمام ليتجاوز الانتاج الاربعمائة ألف طن، تراجع هذا الموسم بحوالي الثلث تقريباً، دون أن تحرك ادارة الشركة ساكناً وتقول لنا لماذا؟! لقد اكتفت ادارة الشركة بالتهليل لانتاج «الايثانول» كأنها أتت بالمعجزات، ولم تقل لنا حتى الآن ما هي تكلفته وما هو المردود منه.. وكيف تخلصت من المخلفات؟ وكيف عالجت المشاكل البيئية التي ترتبت على ذلك؟!.. وهل حققت المشروعات المصاحبة النجاحات التي كانت تنتظرها الشركة في ما يختص بمنتجات الألبان والأعلاف وغيرها؟! وإذا كان ذلك قد أتى على حساب الانتاج والانتاجية، فكيف لنا أن نعتمد على مستقبل هذه الشركة بعد أكثر من ثلاثين عاماً على إنشائها؟! ففي عهد مضى كانت هذه الشركة تصدر إلى دول الجوار ودول أخرى كميات معتبرة من السكر الأبيض. وتستفيد من مبادرة الاتحاد الاوربي «كل شيء ما عدا السلاح» في تصدير ما يقارب العشرين ألف طن من السكر بسعر خمسمائة دولار للطن.. فأين ذلك الآن مع الشح في الانتاج والتصلب الذي أصاب شريان الشركة في ظل اهتماماتها بالمشاريع المبتكرة؟! وإذا انتقلنا إلى النواحي الادارية.. فماذا يجري الآن من ناحية التركيز على الاستفادة من خبرات ممتدة! وما هي حكاية خبير الحسابات الأجنبي والتعاقد معه بآلاف الدولارات؟! نحن نستبعد أن يكون تفكير ادارة الشركة بهذا المستوى الانفاقي الكبير.. لذلك ولقطع ألسنة ما يشاع عن ذلك، على الشركة أن تخرج لنا ببيان تؤكد فيه ثقتها في كوادرها المميزة من العاملين. لقد كانت هذه الشركة في عهود مضت عنواناً للاستثمار العربي المشترك مع نظيره السوداني في ما تحقق من نجاحات أغرت جهات أخرى بدخول مجال الاستثمارات في السودان. نحن لا نريد أن نخوض في قضايا أخرى تخص هذه الشركة، ونترك للسيد الوزير الاطلاع على هذا الملف، حتى نطمئن تماماً إلى مسار مؤسساتنا الناجحة، خاصة إذا كانت تضم أطرافاً عربية على استعداد للمزيد من الاستثمار بما يتفق ومصالح جميع الأطراف.