كشف تفاصيل القصف على فندق مارينا في بورتسودان    صور خاصة للعربية للحرائق في ميناء بورتسودان عقب هجوم بمسيرة    . إلغاء رحلات جوية عقب استهداف مطار بورتسودان بمسيرة    الناطق الرسمي للحكومة: قضية الأمة السودانية ضد دولة الإمارات لن تتوقف عند محطة المحكمة الدولية    ما هي "الخطة المستحيلة" لإيقاف لامين يامال؟ مدرب إنتر يوضح    ((منتظرين شنو أقطعوا العلاقات واطردوا سفيرهم؟؟))    تركيا تعلن استنكارها استهداف المرافق الحيوية ببورتسودان وكسلا بمسيرات المليشيا المتمردة    كيف سيواجه السودان حرب الصواريخ والمسيّرات؟!    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط سخرية الجمهور.. خبيرة تجميل سودانية تكرم صاحبة المركز الأول في امتحانات الشهادة بجلسة "مكياج"    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    عبد الماجد عبد الحميد يكتب: معلومات خطيرة    تشفيره سهل التحرش بالأطفال.. انتقادات بريطانية لفيسبوك    باكستان تجري تجربة إطلاق صاروخ ثانية في ظل التوترات مع الهند    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ((آسيا تتكلم سعودي))    "فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتركوا الموازنة للحكومة القادمة
نشر في السوداني يوم 29 - 12 - 2020

أخشى حقاً، راجياً بكل صدق أن أكون مخطئاً، أن تُفجع البلاد مرة أخرى في اقتصادها على نحو أنكى، والحكمة أن العاقل لا يُلدغ من جحر مرتين، فقد تبقت ثلاثة أيام فقط على بداية العام الجديد، والتي هي أيضاً بداية السنة المالية للحكومة المفُترض أن ترافق بصدور قانون المالية العامة المعروفة بموازنة الدولة الذي يخوًل التفويض القانوني للشروع في الإنفاق العام، ومصدر الخشية أنه في غياب أي نقاش جدي موسع في الفضاء العام، رسمياً ومجتمعياً، حول الرؤى السياسية والاقتصادية الكلية حول الاستراتيجية التنموية للدولة، والسياسات المالية والنقدية والتجارية، سيتكرر السيناريو الفاشل نفسه بامتياز الذي أدارت به الحكومة الانتقالية الاقتصاد في عامها الأول، وانتهى إلى ما لا يحتاج إقامة دليل عليه، المؤسف أن الحكومة تسير على الدرب نفسه الذي قاد إلى هذا الخراب دون أية عظة أو عبرة، ولا أدرى كيف لها أن تتوقع نتيجة مختلفة.
(2)
أصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ثلاثة بيانات صحافية في ديسمبر الجاري بشأن موازنة 2021، في البيان الأول بتاريخ الثاني من ديسمبر حثت الوزارة الهيئات والوحدات الحكومية على "الإسراع بتسليم مقترحاتها حتى يتسنى للمالية الإلتزام بالجدول الزمني والمقرر أن تقدم فيه المسودة الأولى من الموزانة على طاولة مجلس الوزراء في الخامس من الشهر الجاري"، لم أقع على أي بيان رسمي يشير إلى أن المجلس ناقش هذه المسودة المشار إليها.
وفي اليوم نفسه صدر بيان آخر من الوزارة بعنوان "المالية توسع دائرة الشورى لاعداد موازنة العام 2021" ويقول متنه إن الوزيرة المكلفة "ترأست الاجتماع الاول للجنة العليا لاعداد موازنة العام المالى 2021م وأكدت على توسيع دائرة الشورى من الجهات المعنية لتبادل الافكار والآراء لمخرجات موازنة الحكومة القومية"، وفي 23 ديسمبر صدر البيان الأخير يتضمن نفياً لما راج عن زيادة الدولار الجمركي في موازنة السنة الجديدة.
(3)
تشير البيانات أعلاه إلى استمرار الخلل المنهجي في التعاطي الحكومي مع القضية الاقتصادية بالذهنية ذاتها التي قادت إلى تراكم الأخطاء، فالموازنة ليست مجرد مسألة فنية، صحيح أنها في الجانب التقني هي مهمة وزارة المالية، ولكنها تبقى قضية سياسية بامتياز، ذلك أن الإطار السياسي السليم الذي يحدد الرؤية الكلية والاستراتيجية والأولويات وجهة السياسات هي التي تضمن سلامة الأداء الاقتصادي، وتأتي الموازنة لتخدم هذه الأهداف وفق برامج محقّقة لمقتضاها، فهي ليست مجرد أرقام منتزعة السياق يتم التلاعب بها وطبخها فقط لإعطاء صورة زاهية مزيفة كما ظل يجري الحال في ظل النظام السابق وفي العهد الحالي، ولئن إدعى أحد أن المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في سبتمبر الماضي حسم هذه المسائل فلا بد أنه يلقى مزحة ثقيلة، فقد كان مسرحية هزلية مشهودة.
(4)
ما يثير الاستغراب أن هذه المسألة تجري الآن على نحو روتيني، فلن يلبث حتى يتم عرض أرقام بلا معنى على جلستين تجريان على عجل لمجلس الوزراء، ثم أخرى مشتركة مع السيادي، في سباق مع الزمن قبل نهاية العام في اليومين المتبقيين لموافاة الشكل القانوني المظهري، وريثما يحتسي أعضاء المجلسين بعض المرطبات تكون موازنة 2021 أجيزت اعتباطاً في وقت وجيز لا يسمح حتى بقراءة عناوينها، دعك من أي درجة نقاش يتوفر له الحد الأدنى من الجدية والإحساس بعظم المسؤولية عن عواقب هذا الاستخفاف بإدارة الشأن العام الذي يدفع المواطن ثمنه الباهظ.
(5 )
وحتى لا تقع هذه الكارثة مجدداً، نقترح أن يكتفي المجلسان بإصدار تفويض مؤقت للصرف المالي لفترة وجيزة، ذلك أن الحكومة الحالية التي تريد إجازة هذه الموازنة ليست مخولة، ذلك أن مهمتها تقتصر على تصريف أعمال بين يدي حكومة جديدة يجري التشاور حولها بموجب اتفاق جوبا واستحقاقاته الدستورية بكل تبعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك يجب أن تترك مسؤولية موازنة 2021 لها وأن تحاسب عليها، وعليها أولاً أن تنجز اتفاقاً على الرؤية والأولويات والسياسات الكلية قبل أن يُعهد إلى وزارة المالية إعداد موازنة حقيقية وفقاً لذلك، حتى لا تتذرع الحكومة الجديدة وتتنصل عن مسؤولية أي إخفاق في إدارتها للاقتصاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.