في تصنيف للدول العربية وفقا لمؤشر قياس جودة التعليم (مرفق ادناه) والذي جاء فيه السودان ضمن 6 دول خارج التقييم في قائمة ضمت (السودان وسوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا) ودون الخوض في الأسباب والمعايير فقد احبطني الخبر وودت ان أدلو بدلوي في هذا الشأن باقتراح روشتة عاجلة لعودة التعليم السوداني لمكانته السابقة كما انني قد عزمت على ألا أخوض في ما آل إليه نظامنا التعليمي والتربوي ليقيني ان (راعي الضأن) في الخلاء والفيافي يعلم سبب ذلك ولكنني سأدلف مباشرة بمقترحاتي المتواضعة للعلاج. توطئة: معلوم ان أركان وعناصر العمليّة التربويّة تتمثل في: أ- المعلم ب – الطالب ج- المحتوى التعليمي (المنهج) د- الطرائق العلمية لتوصيل أهداف المنهج بواسطة المعلم للطالب وهي ما يطلق عليها (طرق التدريس) والاهداف التعليمية. وقبل تقديم مقترحاتي تتطلب الضرورة ان أوضح الآتي: 1/ ان تناولي للامر من خلال (الاطار الاستراتيجي) وليس من خلال (الاطار الوظيفي) للعملية التربوية. 2/ وفقا للمفهوم الاستراتيجي للدولة فأن المورد البشري (السكان في سن التعليم) هو من عناصر قوة الدولة الشاملة ذات السيادة. 3/ تناولي لكل عنصر من عناصر العملية التربوية (المعلم /والمتعلم/ والمنهج/ والطرائق والأهداف) متماشيا مع المصالح الوطنية العليا للدولة السودانية والغايات والرؤى التى اختطتها(او يفترض ان تختطها) لنفسها . ولذا ستتبع مقترحاتي أركان وعناصر العملية التربوية على النحو التالي : اولا : المُعلِّم: هو أساس العمليّة التعليميّة؛ ومربّي الأجيال التي من شأنها أن تعود على مجتمعاتها بالنَّفع، وهو صاحب التأثير الابلغ على تلاميذه الا ان هذا التأثير يرتبط نوعاً ما بالصورة التي يشكّلها التلميذ عنه من ناحية،والصورة الحقيقيّة التي تتشكَّل عقب التفاعل بينهما في الواقع من ناحية أخرى الامر الذي يتطلب ان يكون اختيار المعلم المناط به تربية وتعليم الاجيال السودانية متمتعا بصفات شخصية اساسية تتمثل في : 1/ ان يكون تكوينه النفسي وسماته الشخصية وتكوينه الاجتماعي والقيمي يؤهله لهذه الوظيفة(وظيفة الانبياء والرسل) كمعلم لهذه الاجيال راغبا في هذه المهنة وليس مدفوعا لها ومجبرا عليها (كبدائل).او (خيارا أخيرا) 2/ ان يكون مؤهلا ومتمكنا من مادته التعليمية وقادرا على القيام بكل واجبات الوظيفة، متمتُّعا باللغة السليمة، والمهارات الضرورية واللازمة لاداء مهامه ومتحلّيا بشخصيّة سوية سليمة وقدرات تمكنه من تفهّم ميول تلاميذه وطبائعهم، واستعداداتهم وخلفيّاتهم. وتتمثل مقترحاتي لهذا العنصر (المعلم) في الآتي: اولا: اعتبار اختيار المعلم التربوي (قضية استراتيجية) هامة يخضع الاختيار لكل ماتتطلبه اجراءات التعيين في الوظائف الحساسة والهامة (التفاصيل في الملحق المرفق). ثانيا: – اعادة معاهد التربية وتدريب وتأهيل المعلمين بحيث لايباشر(المعلم )عمله الا بعد اجتياز اختبارات التخرج من معاهد التربية – إلغاء تخصصات كليات التربية بالجامعات في مجالي (مرحلتي الاساس والمتوسطة) على ان تكون كليات التربية في الجامعات قاصرة فقط لتخريج معلمي المرحلة الثانوية. ثالثا: – تحسين شروط خدمة المعلم التربوي من حيث المرتبات والامتيازات الوظيفية ليكون المعلم التربوي صاحب اعلى راتب وامتيازات بالدولة. رابعا: -إلغاء سياسات تعيين المعلمين الممنوحة للولايات والمحليات وان تعاد سياسات التعيين والنقل لتصبح من سلطات وصلاحيات (وزارة التربية والتعليم الاتحادية) كشأن قومي وليس ولائيا، لما في ذلك من ضرورة استراتيجية وامنية ووحدة وطنية بأن يحق ويكون لزاما على كل معلم تربوي العمل في كل ارجاء السودان لإزالة التعصب والاثنيات والقبلية في ظل سودان واحد موحد . ثانيا العنصر الثاني : المُتعلِّم (التلميذ/ الطالب ) معلوم ان الطالب يمر خلال نموّه النفسيّ والجسديّ والعقليّ بالعديد من المراحل التي تكسبه المعارف والعلوم المتأثرة بالعوامل الثقافيّة والنفسيّة، والاجتماعيّة وتصبح اهمية التربية والتعليم في تعديل هذه العوامل، او تعزيزها او إعادة تشكيلها ولن يتأتى ذلك الا بمراعاة الجوانب المُتعلِّقة بالمتعلم (التلميذ /الطالب)، ويصبح من حق نجاح العملية التربوية بالسودان من خلال عنصر المتعلم (تلميذ/ طالب). وذلك بالاقتراح الآتي : اولا: إعادة تخطيط المدن بحيت توجد خدمات التعليم في مناطق السكن وفق المعايير الموضوعة ووفقا لعدد السكان في المنطقة ومتطلبات الخدمات الاجتماعية للمواطنين.. قد يتطلب الامر إعادة تخطيط كل الأحياء والحارات لتتوفر الميادين امام المدارس لمرحلة الاساس بالاحياء ويتطلب الامر ايضا تعويض اصحاب الحيازات والاملاك التي ستزال تعويضا مجزيا . فإن وجود المدرسة بالقرب من السكن ووسط المجتمع له تأثيره الاجتماعي والثقافي والانتمائي فتصبح المدرسة والاسرة والحي متضامنين وظيفيا لتشكيل وتربية الاجيال القادمة . وستنعدم الضرورة لعمليات الترحيل المدرسي و بأن يقضي الطلاب قسطا معتبرا خلال اليوم الدراسي وهو في الانتقال داخل الترحيل المدرسي، مما يتيح تحويل وسائط ومركبات الترحيل المدرسي الحالية لخطوط المواصلات وترحيل العاملين بالدولة . فإن قرب المدارس للسكن يعود بالفائدة (الصحية والجسمانية والنفسية للطلاب فيذهب للمدرسة ويعود سيرا داخل حيه وحارته مع ابناء جيرانه). ثانيا: – إلغاء نظام (التعليم قبل المدرسي الحالي) وعلى ان تؤول عملية التعليم قبل المدرسي لادارة تعليم مرحلة الاساس ولمدرسة الحي السكني. ثالثا: – حظر قيام رياض الاطفال المنفردة والخلاوي لتكون هذه المرحلة التربوية هي من صميم واجبات مدرسة الاساس في المنطقة وباشرافها وتوجيهها لتحقيق مرامي الأهداف الاستراتيجية لاعداد الطفل اعدادا علميا وصحيا ونفسيا قادرا على اكتشاف ميوله وقدراته وامكانياته الخلقية والخلقية مبكرا وفق منظومة متخصصة على اعلى مستويات التخصص الطبي والنفسي والتربوي. واهمية إعداد (الملف الشخصي للتلميذ) الذي سيرافقه طيلة مسيرته التعليمية. علما ان الوثيقة الرئيسيّة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم نصت على ان مدرسة المستقبل يجب ان تكون مؤهلة لاهم الكفايات التي لا بُدّ أن يمتلكها متعلم المستقبل (تلميذ/طالب) ومن أهمّها: 1/ الحفاظ على الهويّة الدينيّة والقوميّة والوطنيّة والثقافيّة. 2/ التحلّي بمهارات التواصل الحضاريّ والثقافيّ و التحلّي بمهارات التفكير الناقد والحوار مع الآخرين، والنقد البنّاء، وغيرها. 3/ المقدرة على استخدام التقنيات الحديثة واستخدام الحاسوب في مجالات الحياة جميعها. 4/ التحلّي بروح الفريق، والمبادرة، والإبداع، والتعاون، والتحلّي أيضاً بالأخلاقيّات. 5/ المقدرة على التعلُّم الذاتيّ، والاستمراريّة في التعلُّم، ممّا يعني امتلاك مفاتيح المعرفة. 6/ تحمُّل المسؤوليّة، والاتّصاف بالمرونة، والتكيُّف، وضبط الذات في مختلف المجالات. 7 / المقدرة على اتِّخاذ القرارات، وحلّ المشكلات، والتخطيط للمستقبل. 8/ المقدرة على البحث، وتحليل المعلومات، وإتقان مهارات اللغة العربيّة، مع الحرص على استخدام اللغات الأخرى. استثمار الوقت بشكل فعّال، وإدراك قيمته. وكل ذلك لايتأتى لدى الخلاوى بشيوخها الحاليين او لدى رياض الاطفال الحالية التي تركز على الاستثمار والربح مستغلة ظروف اولياء الامور (الاب والام)وهم في لحاق لمواقع عملهم الوظيفية. ثالثا : في شأن العنصر الثالث المُحتوى التعليميّ معلوم ان المنهج التربوي والتعليمي يُعبِّر عن مجموع الخبرات التي يتمّ توفيرها للمُتعلِّمين(تلاميذ /طلاب) بحيث يكون مُخطَّطاً لها مسبقا بهدف تحقيق الأهداف التعليميّة على النحو الأفضل وعلى تعديل السلوكيّات الخاصّة بهم، وتحقيق النموّ الشامل لديه لقدرته على مساعدة المُتعلِّمين (طلاب وتلاميذ) على التكيُّف مع المتغيُّرات في بيئة المجتمع، الذين يعيشون فيه . منهجا قادرا على مراعاة احتياجات التلاميذ، وحلّ مشكلاتهم. وتوطيد العلاقات بين المدرسة، والأسرة، بحيث تتمّ الاستفادة من خبرات أولياء الأمور في مجالات مُحدَّدة، ومراعاة واقع المجتمع، وفلسفته. ومساعدتهم على اكتساب العادات الحسنة، والقِيَم الفاضلة ومكارم الاخلاق. م ن الاهمية بمكان ان يكون المنهج التعليمي والتربوي قادرا على مراعاة الفروقات الفرديّة بين التلاميذ والطلاب ويتيح التنوُّع في أساليب، وطرائق التدريس، بما يتناسب مع طبيعة التلاميذ، وطبيعة المحتوى. وعليه اقترح: اولا: – تطوير هيئات التربية والتعليم بالمدارس وادارات التعليم بمدها بتخصصات علمية في مجال: أ- التربية الرياضية من المعهد العالي للتربية الرياضية ب- الفنون في مجال الرسم والتشكيل والموسيقى والمسرح والتراث،والفلاحة المدرسية وعلوم الحاسوب . ج- اختصاصيو التربية النفسية والصحة المدرسية والكشافة المدرسية والمناشط اللاصفية. ثانيا: – ربط مدارس مرحلة الاساس بوحدات الوزارات الاخرى ذات الاهتمام المتماثل في تنشئة الاجيال مثل وزارة الشباب والرياضة الثقافة والاعلام ،الشئون الدينية ،الصحة، الداخلية…الخ. – ربط المدارس بالمجتمع ومنظماته تفاعلا واثراء من خلال المناشط المدرسية والنفرات المجتمعية ببرامج ودورات مدرسية ومهرجانات تعلي من شعور الانتماء للوطن . – افراد مساحة معتبرة للتربية الوطنية والسيرة النبوية المكرمة والعقيدة والتوحيد منهجا وسلوكا يحتذى من قبل ارباب العملية التربوية وإفراد مساحة للتأريخ الحقيقي للسودان اصل الحضارة البشرية وتنقيح المناهج من كل ما يؤطر للقبلية والاثنية والعنصرية والتركيز على الهوية السودانية مع احترام التنوع والتباين الثقافي والسكاني. رابعا : فيما يتعلق بالعنصر الاخير في العملية التربوية المتمثلة في : (طريقة التدريس والاهداف التعليمية) حري بنا ان ندرك ان طرائق التدريس هي: (مجموعة من الإجراءات، والخطوات المُترابطة، والتي يتّبعها المُعلِّم في الموقف التعليميّ، بهدف تحقيق الأهداف المرجُوّة.). ولها عدة اشكال واساليب يتطلب على المعلم ادراكها وكيفية ومتى يستخدمها بعد قام المعهد التربوي قد زودها به ودربه عليها وتأكدت من تمكنه واتقانها قبل مباشرة مهامه (كمعلم تربوي) وان ندرك ايضا ان الأهداف التعليميّة عبارة عن: ((مقاصد تمت صياغتها في عبارات واضحة (لا لبس فيها) تصف تغيُّراً مُقترَحاً يُراد إحداثه في سلوك التلاميذ والطلاب نتيجة عمليّة التعلُّم المخطط لها)) اهداف تعليمية تساعد في عملية تخطيط الأنشطة التعليميّة المطلوبة، يمكن استخدامها في تحديد الوسائل التعليميّة وأساليب التدريس الملائمة. ويمكن اعتبارها كدليل ومرشد للمُعلِّم في تخطيط درسه اليوميّ. لتساعده على فهم الأنشطة المطلوبة. وعلى صياغة أسئلة التقويم المُلائمة، بحيث تُظهر مدى تحقُّقها. وهنا اقترح : اولا: – اعتبار هذه الاهداف التعليمية وطرق التدريس التي تحققها هي تصب في خانة الاهداف الاستراتيجية بعيدة المدى ومتوسطة المدى للوصول للغايات والرؤى للدولة السودانية التي تكفل لها تحقيق مصالحها الوطنية وامنها الوطني من خلال المورد البشري (شباب وصبيان اليوم) (قادة ورجال المستقبل). وهذا يتطلب بالضرورة ان تحدد مستويات ومخرجات العملية التعليمية (كما ونوعا) من قبل العقل الاستراتيجي للدولة السودانية وايقاف تكليف الموظفين الاداريين بالوزارة بأن يتولوا هذه المهمة الاستراتيجية التي تتطلب فكرا تحليليا وقدرة تخطيطية بعيدة النظر تستصحب معها ما يحيط بدولتنا من مهددات وفرص وما يعترينا من نقاط ضعف وما نمتاز به من نقاط قوة وموروثات تميزنا عن الدول الاخرى. ختاما اتمنى ان تجد مقترحاتي المتواضعة اهتماما يليق بمستقبل ابنائنا لنخلق جيلا قادرا على حماية ارضه وان دعا داعي النداء لم يخن. والله ولي التوفيق