للفنانين والموسيقيين مواقف وطرائف ووقفات كثيرة في مسيرة حياتهم الفنية من بين مسرح ومسرح وحفل عام وحفل خاص حيث تظهر وتبين عدد من المواقف منها المخزي ومنها الطريف ومنها المحزن وربما المحرج في بعض الأحيان وقد تكون تلك المواقف فيما بين الفرقة وأخرى تكون بسبب جمهور الحفل أو أصحابه المتعاقدين معهم لإحيائه ، تتحدث (كوكتيل) عن فنان هو الذي صنع الحدث ولفت انتباه قرية بأكملها وعدد من القرى المجاروة لها واختفى مباشرة بعد نهاية الحفل إنه الملقب بأسطورة زمانه الراحل المقيم الفنان محمود عبد العزيز. أصل الحكاية تعاقد مكتب الفنان محمود عبد العزيز لإحياء حفل زفاف خاص لأحد أبناء قرية من قرى شرق الجزيرة، وقد حزم الفنان محمود عبد العزيز أمتعته مع فرقته الموسيقية ومعاونيهم للتوجه لتلك المنطقة التي وصلوها بعد طول عناء ومشقة كبيرين حيث انهم امضوا زهاء الست ساعات للوصول لتلك المنطقة وذلك لوعورة الطريق وكثرة منعرجاته حيث إن السيارة تضطر للنزول من الطريق المسفلت إلى عدة طرق ترابية داخل قرى شرق الجزيرة المختلفة إلى جانب هطول الأمطار الذي صادف تلك الفرقة مما أزم الوضع كثيراً ضف إلى ذلك رداءة شبكة الهواتف المحمولة التي جعلت من الصعوبة بمكان الوصول لأهل الحفل في كثير من الأحيان للتحدث معهم لوصف الطريق ومن ثم وصف المنزل والقرية بالتحديد، وبعد حوالي ست ساعات متواصلة أو تزيد وصلت الفرقة إلى القرية المقصودة ومن ثم إلى منزل المناسبة هنالك حيث كانت تنتظرهم مفاجأة لم تكن في حسبان الجميع، وهي أنهم عندما وصلوا إلى المنزل وجدوا سرداقاً كبيراً للعزاء جوار ذلك المنزل فخرج عليهم العريس ويداه مخضبات بالحناء وهو يبكي ويقول لقد توفى خالي قبل ساعات قليلة من قدومكم . لذلك لا داعى للحفل. واجب عزاء وإصرار على الرجوع قدّم الفنان محمود عبد العزيز وفرقته الموسيقية واجب العزاء لأهل المتوفى وأهل العرس معاً بعد أن علم الحوت وفرقته أن المتوفى هو خال العريس بعد ذلك أصر الجميع هناك على أن تأخذ الفرقة قسطاً كافياً من الراحة بعد أن بالغوا في كرمهم واستضافتهم بكل حفاوة وأريحية كأنما كانت المناسبة ليست مناسبة حزن وعزاء. بعد ذلك أصر الفنان محمود أن يغادر هو فرقته ولكن أهل الدارالّحوا عليهم بالمبيت ومن ثم المغادرة في الصباح الباكر إلا أن الحوت قال لهم لا بد أن يرجع باكراً بسبب ارتباطه بحفل آخر في الخرطوم، وقد ترجاهم كثيراً أن يخلوا سبيله على أن يعاودهم في المرات القادمة في كل أفراحهم وأعراسهم، وكان يقول لهم (بس أدونا خاطركم) وتحت إلحاح الحوت سمحوا له بالمغادرة فودعوه جميعهم حتى مضارب القرية ومضى الحوت وفرقته في سبيلهم في رحلة العودة العكسية إلى الخرطوم. مفاجأة (الحوت) للجميع توجهت الفرقة الموسيقية للفنان محمود عبد العزيز صوب العاصمة الخرطوم بعد أحداث تلك الليلة المختلفة والمتنوعة مع مشقة وإرهاق الطريق وبعد أن عبرت سيارة الفرقة الموسيقية عدة كيلو مترات وقاربت عقارب الساعة لحوالي الواحد صباحاً سمع الحوت صوت عرس في إحدى القرى المتاخمة لقرية الخوالدة فأرهف سمعه جيداً تيقن أن المناسبة مناسبة عرس فأمر السائق بأن يذهب مباشرة تجاه صيوان العرس وبالفعل توجهت كل الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان محمود عبد العزيز إلى منطقة الحفل بالتحديد ونزلت الفرقة الموسيقية وكم كانت دهشة الجميع عندما أمر الحوت الفرقة الموسيقية بأن تنزل وتعتلى المسرح لأداء بعض الفواصل ولكن حينما دخل محمود إلى ساحة الحفل تحول الحفل إلى مرجل يغلي وعلت أصوات الزغاريد من النسوة وأصوات (الصفافير) من الشباب واختلط الحابل بالنابل وأصبح كل الشباب الموجودين هناك يهتفون بصوت واحد (حوته حوتة حوتة) في هذه الأثناء ذهب الحوت مباشرة صوب العريس وقام بمعانقته عناقاً حاراً كأنما كان يعرفه قبل عشرين عاماً وقال له بلهجة جادة وحانية في نفس الوقت تتسم بشكل العتاب الرقيق معقولة ياعريس توصفوا البيت بالغلط فترك العريس مذهولاً وذهب مسرعاً تجاه الفرقة الموسيقية التي بدأت تعزف بكل تناغم وأريحية وانسجام أغنية " الكنت قايلو فات زمان رجعتو لي طعم الغنا أحلام صباي والذكريات هومت بي بالدندنة