:: ضحى الأربعاء الفائت، أثناء اجتماع مديري الإدارات بالمجلس القومي للأدوية والسموم، لمناقشة خطة العام 2014، وقعت إحدى نوافذ قاعة الاجتماع على المجتمعين، وأصابت الدكتور أسامة بابكر مدير إدارة الرقابة والإحصاء في وجهه، فرفعوا الاجتماع وأسعفوه بمستشفى جرش، إثر إصابة الوجه بجروح، ثم نقلوه إلى منزله ليواصل العلاج والنقاهة.. أجر وعافية إن شاء الله، وحمد لله على السلامة.. هذا حال المجلس الرقابي المسؤول عن أدوية السودان، عاجز حتى عن تثبيت نوافذ مكاتبه وقاعاته.. علماً بأن المريض يدفع (1%) من قيمة الدواء لخزانة هذا المجلس، ومع ذلك (شبابيكو بتقع على العاملين)، فهل يُرجى منه رقابة تنفع الناس والبلد؟ :: المهم.. قبل أسابيع نفيت خبر إعلان توقف شركات الأدوية العالمية عن التعامل مع السودان، أو كما قال الناطق الرسمي باسم شعبة مستوردي الأدوية، ثم طالبت الشعبة -وناطقها الرسمي- بمد الرأي العام بأسماء الشركات العالمية التي أعلنت التوقف عن التعامل مع الشركات السودانية أو الاعتذار للرأي العام عن هذه الأكذوبة.. للأسف، منذ تاريخ تكذيبنا ونفينا لحديث الشعبة وناطقها الرسمي، وإلى يومنا هذا، لم تمدنا الشعبة وناطقها الرسمي بأسماء الشركات العالمية التي أعلنت عدم التعامل مع السودان، وكذلك ترفض الشعبة وناطقها الرسمي الاعتذار للرأي العام.. إنها العزة بالخطأ، ولا أجد وصفاً آخر لحال الشعبة وناطقها الرسمي!! :: ثم، يُسعدني رفع الستار اليوم عن أكذوبة أخرى ترددها شعبة مستوردي الأدوية منذ عام، حتى ترسخت في أذهان الرأي العام وسلطات الدولة، بحيث تكاد تكون من (الثوابت الوطنية).. فالشعبة تقول إن ميزانية البلد الدوائية للقطاع الخاص بحاجة إلى (300 مليون دولار سنوياً)، والناس تصدق، وكذلك الحكومة؛ ولم تفكر أية جهة رقابية في مراجعة هذه الميزانية بغرض التأكد من صحة أرقامها أوعدم صحتها.. للأسف، هذا الرقم غير صحيح وميزانية الاكتفاء من الأدوية المستوردة عبر الشركات لا تتجاوز نصف هذا الرقم، أي (150 مليون دولار سنوياً)، وهذا الرقم ليس تقديرياً ولا وهمياً كما تفعل شعبة الأدوية بغرض استغلال دولار الدواء في (غير الدواء)، ولكنه رقم حقيقي وموثق في مستندات المجلس ووثائقه، وهي ليست بعيدة عن أي جهة (محاسبية أو رقابية)! :: بالوثائق، في العام 2010، وهو من أعوام وفرة الدولار وتدني سعره، كانت ميزانية الأدوية المستوردة عبر القطاع الخاص (129 مليون دولار فقط لا غير)، ثم ظلت تتأرجح في الأعوام التالية، إلى عامنا هذا، ما بين (130 مليون دولار) و(145 مليون دولار)، مع جمع الكسور، وتأكيد هذا الرقم ليس بحاجة إلى عبقرية، بل على بنك السودان إرسال فرق مراجعة وصيادلة إلى مجلس الأدوية لتراجع (فواتير العام).. ولأن المجلس على علم بحقيقة هذه الأرقام، نسأله: أين يذهب فرق العملة الحرة التي تستلمها شركات الأدوية بسعر البنك المركزي؟ :: ثم الطامة الكبرى، بتاريخ الأول من أكتوبر الفائت، اجتمعت لجنة متابعة استيراد الدواء برئاسة مدير النقد الأجنبي ببنك السودان وعضوية مناديب اتحاد المصارف وهيئة الإمدادات والجمارك ومجلس الأدوية وإدارات السياسات وسوق النقد الأجنبي، ثم وزعت لجنتهم الموقرة - والمسماة بلجنة المتابعة - مبلغاً قدره (5.906.234.25 دولار)، لخمسين شركة، بغرض (استيراد الأدوية).. قائمة الشركات المستلمة لهذه الأموال (محزنة للغاية)، إذ بها شركات لا علاقة لها بالأدوية (لا من قريب ولا من بعيد)، ولا تملك صنفاً دوائياً واحداً بسجلات مجلس الأدوية.. هذا ما يحدث أيها الأمن الاقتصادي ويا نيابة الأموال العامة.. تخريب لاقتصاد وطن في مرحلة يُضحّي فيها المواطن بنصف ضروريات حياته، ليحظى بالنصف الآخر!!