الطريقة السمانية مدرسة الشيخ الياقوت معلوم أن الابتكارات المتنوعة من ارتقاء بالأداء، أو تدقيق في محاسبة الذات يقظة من الغفلة، أو وقوفاً حتى مع سوءات الخواطر – وهو شأن التصوف النقي – كل ذلك يؤدى إلى هدم النمط الدخيل على مفهوم الدعوة، ويؤدى إلى تحويل جذري في طريقة المسالك الدعوية، ويضخ في شرايينها دماء حارة تقود إلى تقوية عودها وعودتها إلى الحياة لتتبوأ منصب الريادة والقيادة في طريق الرجعى إلى الحق. سقت هذه الإشارة لأفتح نافذة نطل بها على ما يقوم به المجمع الصوفي العام، والذي ابتدره فتية آمنوا بربهم وأخلصوا لمنهجهم الرباني فألبسهم الله هدى المعرفة لينيروا بها ظلمات الواقع الجهول، فالتصوف القديم قدم الإسلام غشيته غيابات الإهمال والتغافل والتهميش الذي خيم على الإسلام، فتسلل من هذه المداخل الاستلاب الفكري على بعض أفكار المسلمين الذين غشيت أبصارهم خوالب المظاهرالكذوبة من حضارة غربية مبنية على الغزو الثقافي وليس على التفاعل الحضاري، فلم تشبع روحهم يوماً ولم يروِ ظمأها، كما تسلل التبلد الذهني للبعض حتى صار النص عندهم أجوف من هيكل العجل السامري فلا تسمع منه إلا قعقعة التكفير والتبديع والتفسيق، فخيم على واقع المسلمين ظلام حالك كان لابد له من نذير ينادي أن هلموا إلي، فجاء صوت هؤلاء الفتية من أزمان سحيقة من بين شعب الحجون وثنيات الوداع ومن بين ألواح الخلاوى ومناجاة الأسحار وترانيم أذكار الصباح ودقات الطبول طلع بدر هؤلاء الفتية الذين علموا أن التصوف علم وعمل، ولم لا وقد كان أمامهم الإمام الجنيد يهمس في روحهم ( أن هذا الطريق لاينبغي أن يسلكه إلا شخص يكون كتاب الله بيمينه وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيساره حتى لايقع في جب الشبهة وظلمة البدعة ) لأجل ذلك عملوا على وضع دستور لايقوم على التشغيب والهتافات المشروخة والشعارات الممجوجة، وإنما يقوم على التدرع بالبينة التي لايشوبها دخن فكان لسان حالهم علم وعمل، فقصدوا منارة العلم الخالص الأزهر الشريف قلعة الوسطية وحصن الإسلام الصحيح، بغية التعاون العلمي والتبادل المعرفي فتواصوا مع أئمته على ربط أواصر الدعوة الصوفية الحقة , لأجل ذلك نهض هؤلاء الرجال الأفذاذ باسم المجمع الصوفي العام ناصبين خطتهم وفق منهج الضربات الخمس والتي تتمثل فى: ( القراءة، التفكير والحفظ، الاقتباس، طرح الأسئلة، الكتابة ) وهي أسس مستمدة من ديننا ومن أئمتنا الذين خلفوا إرثاً يعجز عنه أمثال جون ماكسويل مقتبس هذه النظرية ومدعيها، ولا نعني بذلك أن هذه القواعد معدومة ولكن كما ذكرنا بداية أن التصوف أصابه ما أصاب الاسلام بفعل عوامل داخلية وخارجية، ففطن هؤلاء المشايخ لهذه الغفلة فجاءوا بهذا الحراك الفعال. فعلى مدار الأشهر الماضية والمجمع الصوفي لم يكد ينقضي على نشأته عام من الزمان كانت رحلات العلماء الأزهرين إلى هذه البلاد قد بدأت في الانطلاق على يد مشايخ هذا المجمع المبارك، بيد أن هذه الأيام تشهد فاعلية أكثر وحراكاً أسرع وذلك لتغطيتهم عديداً من مدن السودان، ففي العاصمة يكاد طلاب درس الشمائل الترمذية الذى ألقاه الدكتور يسرى رشدى جبر تضيق بهم مساحة مسجد مولانا السيد علي الميرغني، وقد أمه علماء وتلاميذ وما ذلك إلا لتشوقهم لطريقة التدريس الأصيل التي فاقت مناهج العلم الحديث دقة، فطريقة السماع والتي قامت على منهج الجرح والتعديل هي التي حفظت الدين من كل الإسرائيليات و الاختلاقات الموضوعة، وفي ولايتي الجزيرة والبحر الأحمر ازدهت المساجد والمؤسسات العلمية بعلماء الأزهر الشريف ودارت المحاضرات حول معرفة التصوف والتطرف الفكري والشبهات أو الردود حول المسائل الخلافية وهى قضايا شغلت الواقع حقاً، لذا كان لابد من الانفعال مع قضايا الواقع بحراك هادف يربط الخلف بعلوم السلف بعيداً عن مصطلحات إقصاء الآخر وإخراجه من الإسلام، وبلا شك فأن هذا مجهود مقدر وعطاء مملوس على أننا نطمع في الآتي : * أن يقتحم هؤلاء الفتية ساحات العلم الأكاديمي والتي بها قلوب وأفكار متشوقة ومتعطشة إلى العلوم الإسلامية الأصيلة، ولأنها على سجيتها فهي عرضة للتحريف والتدجين وهذا هو المناخ الذي استفاد منه ظاهرية النص الجدليين أصحاب نظرية أنا الحق والصواب وغيري الخطأ والضلال . * اعتلاء منابر الإعلام العام والخاص ومراكز الدولة المنبرية فأنتم شركاء فيما يخص الدعوة وليست حكراً على فئة دون الأخرى خاصة وأنتم الأعز والأكثرية، وما حشد العيلفون ببعيد عن الأذهان، ومعلوم أن تسيد المنابر الدعوية لفئة بعينها ما هو إلا أمر سياسي والأمر السياسى لايعنيه إلا ما يحقق أهدافه. * إقامة الندوات المفتوحة في الميادين العامة والمؤسسات وتكثيف الدورات العلمية المتنوعة. * العمل على تكوين اتحادات وروابط صوفية بالمؤسسات العلمية ليس بغرض الحراك السياسي ولكن بغرض ربط أبناء التصوف ببعضهم البعض للتعرف على العناصر المميزة من حيث الملكات الدعوية وعرضها على المجمع لرعايتها ومن ثم تدريبها لتقوم بالندوات والمحاضرات وأركان النقاش ولملء جحور خفافيش الجهل التي لاتظهر إلا في الظلام أو عند الغياب التام لأهل العلم . * العمل على تفعيل الحراك المتصل مع الطرق بعضها ببعض تلامذة ومشايخ * عند قيام أي فعاليات أخرى لابد من تفعيل كل الآلة الإعلامية من ملصقات ومطبقات وصحف وتلفاز وإذاعة وغيرها لتعم الفائدة، وأنا أعلم أن الكثير من المؤسسات الإعلامية المحترمة مستعدة لمد يد العون لكم لنشر العلم الصحيح والفكر القويم وإعادة المجتمع السوداني إلى سابق عهده وتالد مجده. * الاستفادة من الأموال التي تنفق على بعض المناسبات الصوفية خاصة الحوليات وضخ جزء منها في خزينة المجمع الصوفي العام. * مطالبة الحكومة بالتصديق بموقع يليق باسم التصوف ودوره الدعوي ليكون مقراً وقبلة ووجهة علمية . والله الموفق والمعين