تشهد قاعة الشارقة اليوم ليلة الوفاء لكروان توتي التوم حسن. وحينما طرحت قائمة المبدعين في مجال الفن عبر تاريخ توتي القديم والمعاصر أمام اللجنة لاختيار الرقم الفني الجدير بتقديمه على غيره في بداية نشاط المركز التوثيقي، لم تجد اللجنة بدا من تقديم شخص الفنان الراحل بجسده، المقيمة آثاره الفنية والتي ظلت وما زالت عنصرا أساسيا مشتركا يعبر عن ثقافة المغني والمستمع التواتي، ذلك بالنظر إلى عمره الفني الذي ناهز نصف القرن ولم يدانيه زهاء طول الفترة فنان في الساحة رغم ثراء المجتمع "التواتي" بالمبدعين في مجال الغناء والطرب، فجميعهم قد آثروا الانضمام إلى فرقته من بين (طبيق وشيال) معتزين وفخورين بذلك مدينين له بحمل الراية، فتعلموا منه أصالة الأداء، فرددوا أغانيه التي كان يتخيرها باقتدار من بين درر الحقيبة الذهبية حتى تغلغلت في داخل وجدان كل التواتة حتى يومنا هذا، فلعل النماذج التي سوف يقدمها من هم في أعمار أحفاد الفنان حسن من أغانيه الخالدة الدليل الكافي على ما تركه من الأثر. اما عن سيرته الذاتية فهو الفنان التوم حسن وجده الأمير عبيد الله أحد أمراء المهدية. ولد التوم حسن عام1926م وتوفي عام1978 مخلفا وراءه خمس بنات أكبرهن في الرابعة عشرة من العمر وأصغرهن في الثالثة وتولى رعايتهن جدهن وقد أكملن جميعهن تعليمهن الثانوي بحمد الله، وبارك الله له في ذريته. ولابد لنا من وقفه إكبار وإجلال وإعجاب يشوبه التعجب من قدرة هذا الفنان الإنسان الذي أعطى لمجتمعه آنذاك حاملا ومحتملا على كاهله أعباء أسرة مثل تلك، علما بأنه كان يعمل مزارعا نهارا وفنانا مقتدرا ليلا دون مقابل مادى. تلقى الفنان التوم تعليمه في خلوة الفكي محي الدين فتعلم إلى جانب علوم القرآن، القراءة والكتابة مما أهله للكتابة والحفظ واستيعاب المعاني الأدبية الراقية في الأغنية القديمة وحسن اختياره لأجودها. أما عن خلقه المفعم بالروح الفنية الشفافة فقد اشتهر بدماثة الخلق والعفة وطيب المعشر حسب ما علمنا من أصدقائه المقربين والذين ما زالوا على قيد الحياة، أطال الله بقاءهم، وذهب بعضهم بذكر فضائله على الناس والتي من ضمنها استجابته لإقامة الحفلة لكل من طلب منه دون تخيير أو تمييز وبالطبع دون مقابل، بل أباحوا لنا بسر عفته عن تناول أي نوع من الضيافة في مكان المناسبة بما في ذلك وجبة العشاء واكتفائه بكوب الشاي باللبن حتى اشتهر بذلك، فيا له من مبدع كريم عفيف جدير بالاحتفاء بذكراه في منابر العفة والكرم والإبداع. ولعل ما ذكره بعضهم عن إعجاب الفنان الرقم "كرومة" بالفنان التوم حسن حينما غنى في زواج الأستاذ الراحل محمد حمزة رحمة الله معبرا عن ذلك بإهدائه (الرق) الخاص به بعد انتهاء الحفل، أقول لعل في ذلك التعبير الكافي عن إبداع فنان الأجيال الفائتة والحاضرة والقادمة التوم حسن، وتدعم هذا شهادة ملك ملوك فن الغناء "كرومة" الذي خلع له "الرق" تأسيا بسمات الأمراء في زمانهم في مثل حالات الإعجاب هذه. مركز توثيق تاريخ توتي